وزير الصحة حظّه جيّد.
ذلك ان الوزير أبو فاعور شجاع.
وحربه على المستشفيات سهلة.
ومعركته مع تروستات الدواء مغرية.
باختصار، انه يحارب من أجل الانسان.
وفي وقت يبدو فيه الوزير أقوى من الدولة.
ومن سوء طالع الوزير الراحل الدكتور اميل البيطار.
صحيح، ان رئيس الحكومة العام ١٩٧٢ كان صائب سلام.
وان رئيس الوزراء الحالي تمام سلام هو نجله.
لكنّ بين الأب والإبن، فصولاً في السياسة مغايرة.
في أيام صائب بيك كانت تروستات الدواء، جزءاً من السلطة.
وفي عصر تمام بيك، أصبحت الدولة أضعف من الوزير.
في مطلع السبعينات، كانت بيروت تستعد لاستقبال عاهل السعودية الملك فيصل.
ولا يعقل ان يدخل العاهل العربي أجمل عاصمة عربية، وأبوابها موصدة.
كان الأهم ألاّ تكون بيروت مضربة.
ولذلك، خسر اميل بيطار معركته قبل أن تبدأ.
ومن سوء الطالع، ان الرئيس سليمان فرنجيه كان معه، لكن الظروف الدقيقة، والقوى الداخلية، كانت قوية، ومنيعة، الى حدّ ان الرئيس سلام اضطر أو رغب، في مناصرتها، لا في الوقوف الى جانبه.
صحيح ان الوزير اميل بيطار، رحل عن هذا العالم شهيداً، من جراء مرض اجتاحه كطبيب.
لكنّ، اسمه لا يزال حتى اليوم، في القلوب.
… ويتوّج مستشفى البترون الحكومي.
والصحيح أيضاً، ان المستشفيات والمعالجات الطبية، لا تتّصف بالفجور الذي يواجه الوزير التقدمي.
الآن، هناك مخالفات لا حدود لها.
ولا للجشع الذي يواكب أعمالها.
***
الآن ثمة ظروف ترافق رسالة انسانية.
وتقديمات يصعب على الانسان تحمّل أعباءها.
ويصعب أيضاً على المستشفيات مواجهة أوزارها.
والدواء بات عدو الانسان.
والظروف الكهربائية، والحاجات المادية من الأعباء التي يعجز الانسان عن مواجهتها.
الانتظار صعب.
والمحفوظات في البرّادات، وانقطاع التيار الكهربائي، تجعل السلع منتهية الصلاحية.
ولذلك، ظهر استشراء الفساد.
وعمّت المخالفات والفضائح.
ويصعب على أصحاب السوبرماركات تحمّل أوزار النكبات.
لكن يصعب أيضاً على الانسان، أن يأكل فساداً، وأن يشرب مياهاً ملوّثة.
وليس مقبولاً أن يموت الانسان على أبواب المستشفيات.
ليس هذا دفاعاً عن أحد، بل مجرّد شكوى من سوء ما يحدث من فضائح وكوارث.
من هنا التحية الى الوزير وائل أبو فاعور.
هذا الشاب يواجه الآن أشرس معركة، مع فظائع ترتكب في المستشفيات.
أو في عيادات الأطباء.
هل يعقل أن يموت الانسان، على أبواب دور المعالجة، لأنه لا يتيسّر له دفع الملايين، للدخول الى المستشفى، ليبعد عنه خطر الموت الجاثم على رأسه والقلب!