Site icon IMLebanon

المقاطعة الوزارية لا تعني الانسحاب؟!

في ظل المقاطعة المسيحية لجلسة مجلس الوزراء الاخيرة بقي هناك من يصر على تجنب مجاراة التيار الوطني والطاشناق والمردة والكتائب، ليس لانهم اكثر مسيحية من سواهم بل لان المقاطعة جاءت كتصرف غير مقنع من جانب من حضر كما من غاب، خصوصا ان مجلس الوزراء لم يناقش اي بند سياسي – حساس، بقدر ما اقتصرت الجلسة على التشاور ليس الا، بدليل ما صدر من كلام قبل الجلسة وبعدها على العموميات، ما اظهر الحكومة وكأنها مأزومة بحسب ما قاله وزير الداخلية نهاد المشنوق الذي حدد في مداخلته خلال الجلسة ما على الحكومة من حاضرين ومن مقاطعين فعله كي لا تتطور الامور باتجاه الاسوأ؟!

صحيح ان ثمة قناعة طبعت مقاطعة من قاطع من الوزراء المسيحيين، لكن الذين حضروا كانوا يعرفون انهم سينوبون عمن قاطع الى حد القول انهم سيكملون العدد الدستوري الذي يعني صراحة ان المقاطعة قد سقطت بدليل توفر النصاب القانوني. اضف الى ذلك ان من حضر من الوزراء المسيحيين قد وجه رسالة الى المقاطعين مفادها «انكم لستم نصف البلد» بما يكفل استقالة الحكومة عندما تدعو الحاجة وبين هؤلاء من فهم اصول اللعبة السياسية من غير ان يجاري زملاءه المقاطعة لالف سبب وسبب، خصوصا ان جلسة الحكومة اعتبرت دستورية وقانونية كونها مكتملة النصاب؟!

هذا الكلام ليس مجرد عرض عضلات من جانب من حضر ومن جانب من غاب، حيث لكل طرف اسبابه الموجبة، فضلا عن ان من قاطع الجلسة لم يقدم استقالة خطية بقدر ما تصرف بمزاجية ولاثبات وجوده، من غير حاجة الى التطاول على من حضر من الوزراء المسيحيين الذين لعبوا ورقة الحضور للدلالة على انهم من الصنف الملتزم بالحكومة. بلا حاجة الى افهام سواهم انهم غير المقاطعين بالنسبة الى الزمن الرديء التي تنقلب فيه مفاهيم الحق والباطل في وقت واحد، مع العلم ايضا الى مجال تحييد بعض الوزراء يجب ان يؤخذ في الاعتبار، طالما ان الغياب لم يشل عمل مجلس الوزراء، على رغم التجاذبات التي سادت مرحلة ما بعد الجلسة؟!

صحيح ان مجلس الوزراء مرهق سلفا، نظرا لتحمل بعض الوزراء تبعات المشاركة في الجلسة، لكن ذلك لا يشكل كل الحقيقة السياسية التي من الواجب ان تفهم على اساس النصاب القانوني وليس على اساس كسر وجهة النظر الاخرى التي اكدت ان الغياب جاء بلا معنى سياسي، اقله ان المقاطعين سيعودون الى الالتحاق بمجلس الوزراء عندما تدعو الحاجة، قياما بواجب سياسي لا بد من ان يؤدي تلقائيا الى فهم الغياب عن جلسة مجلس الوزراء كأنه تعبير عن وجهة نظر، بلا دلالات يفهم منها ان المقاطعة الوزارية ستستمر الى حين غياب المحاذير؟!

لقد قال رئيس الحكومة تمام سلام صراحة انه في غير وارد تحدي المقاطعين، لذا فضل تحويل الجلسة الى لقاء تشاوري، لا بد وان يفهم منه ان لا مجال للخوض في التحدي، قناعة منه ان من قاطع لم يحسم موقفه على اساس الانسحاب، ربما لان العلاج السياسي قائم على اساس عدم اقفال باب التفاهم على المواضيع التي من شأنها عدم الاضرار بالمصلحة العامة، بحسب اجماع من فضل عدم الكلام على غير جدول الاعمال (…) الذي لم تتطرق اليه الحكومة لان احدا لم يطرحه على بساط البحث كي لا تتطور الامور باتجاه الاسوأ (…)

ان تطورات الساعة في لبنان والمنطقة تدعو الجميع وزراء ونوابا ومسؤولين الى فهم المرحلة على اساس الصعوبات القائمة، من غير حاجة  الى القول تكرارا ان مجالات التعافي صعبة للغاية، خصوصا ان كل طرف من المعنيين يشكك بمواقف الطرف الاخر،  من غير حاجة الى دلالات  غير محسوبة من ضمن واقع الحال السياسي المتأزم حيث لا تسمح الظروف بأكثر من التعبير عن الرأي في اقل قدر ممكن من الكلام ومن التصرف، لاسيما ان الذين غابوا عن جلسة مجلس الوزراء يعبرون عن وجهة نظر من هم في صلب المشككين في كل شيء  تقريبا؟

ومن الان الى حين وضوح الرؤية  بعد سلسلة التشاور القائمة في مجال اعادة النظر بالمواقف التي أملت المقاطعة، ثمة من يرى ان جلسات مجلس الوزراء ستعلق الى حين معرفة نسبة التراجع عن التصلب، حتى ولو اقتضى الامر اعادة نظرة شاملة في مرحلة ما بعد تجنب عقد جلسات في المستقبل المنظور، كي لا تتطور التباينات الى ما هو اسوأ من الانسحاب من الحكومة، وعندها لا بد من كلام اخر بالنسبة الى من غاب من الوزراء وبالنسبة الى من حضر على السواء؟!