لا يُخفي القريبون من رئيس الحكومة تمّام سلام مخاوفَهم من ردّات الفعل على الآليّة الجديدة التي طرحَها لاتّخاذ القرارات الحكومية، خصوصاً عندما ظهرَت بوادر مواجَهة بين الكتل الوزارية وتكوَّنت مجموعة الوزراء الثمانية التي تضامنَ البطريرك الماروني معها في الحفاظ على الآليّة السابقة. فهل هناك ما يُبرّر المخاوف؟ وما هي المحاذير؟
رافقَ سلام النقاش في شأن الآليّة الجديدة خلال عطلته العائلية في روما، وكان يَطّلع من معاونيه على كلّ شاردة وواردة، الأمرُ الذي زاد قلقَه على مصير الحكومة وحجم إنتاجها الذي يرغب فيه.
وقد رفعَ موقف الرئيس نجيب ميقاتي منسوبَ التوتّر عندما حَذّرَ من «المسّ بصلاحيات رئيس الحكومة وتطويقها وتحجيمها»، إضافةً إلى ما تناهى إليه من جهد يُبذَل في «بيت الوسط» لمعالجة الوضع، على رغم التأكيد أنّها مساعٍ هدفها حماية الحَدّ الأدنى من التضامن الحكومي.
وزاد في الطين بلّة، ما انتهى إليه اللقاء الوزاري في منزل الرئيس السابق ميشال سليمان بالتنسيق مع رئيس حزب الكتائب الرئيس أمين الجميّل، والتفسيرات التي أعطِيَت للّقاء، وتحديداً عندما قيل إنّ كتلةً وزارية جديدة من ثمانية وزراء، سبعة مسيحيين وشيعي واحد، رفضَت المسَّ بالآلية المعتمدة على التوافق بين أعضاء الحكومة، وكذلك رفضَت التعديلات المقترحة لخروجها على مفهوم التوافق الذي حكم ممارسة الحكومة مهمّاتها في غياب رئيس الجمهورية.
لم يكن الإعلان عن «الكتلة الجديدة» واضحاً ما فيه الكفاية، ما ألقى مزيداً من الغموض على ما يمكن أن يكون لها من تأثيرات. فقيل إنّه لقاءٌ تشاوريّ لا أكثر ولا أقَلّ، وقيل إنّه جاء ردّاً على تهميش أطرافه في الحوارات الثنائية التي تبحث في مستقبل العلاقات بين اللبنانيين.
وفي الوقت الذي ضاعت «الطاسة» وكثرَت التفسيرات، لم ينتبه كثيرون إلى السبب الحقيقي الذي دفعَ إلى هذا التجمّع، فليس كلّ مَن تناوله كان على عِلم بالتنسيق القائم بين وزراء الكتائب وسليمان الذين عقدوا تفاهمات غير معلنة على قضايا كثيرة ناقشَها مجلس الوزراء سابقاً، وقلائل كانوا على عِلم به وحرصوا على أن يبقى ذلك طيّ الكتمان.
وأضِف إلى ذلك، فقد علت أصواتٌ كثيرة أخيراً جمعَت الوزراء الثمانية، ومنها الحديث المتنامي على لسان وزراء «التيار الوطني الحر» عن حصر حقّ «الفيتو» بالكتل الوزراية – النيابية الممثلة في الحكومة دون سواها. الأمر الذي فُسّر أنّه حرمان الوزراء المستقلين من حقّ الفيتو، وكذلك وزراء سليمان.
وعليه، عكسَت هذه المواقف لوزراء التيار ونوّابه والتي شاركهم فيها حلفاء لهم، رفضاً من الوزراء الخمسة (وزراء سليمان والمستقلين) فعبّروا عن موقفهم بالانضمام إلى المجموعة الوزارية الجديدة تحت سقف التعاون مع رئيس الحكومة وليس في مواجهته. فهُم على يقين أنّ سلام تبنّى بطرحه الجديد ملاحظات أطراف أخرى تسعى إلى تطويع مجلس الوزراء وقيادته وسوقه إلى مكان ما يرفضه الوزراء الثمانية.
ولا يخفي أحدُهم القول إنّ ما منع الوزراء الثمانية البَتّ به من ملفات، دفعَ إلى الهجوم الذي تعرّضوا له ولن يسمحوا بذلك حفاظاً على صلاحيات رئيس الجمهورية، فالآليّة الجديدة المطروحة لا تستقيم في غياب هذا الرئيس. وفي رأيهم أنّ التوافق هو الطريق الوحيد لتعويض غيابه وأنّ انتخابَه اليوم قبل الغد سيُنهي كلَّ هذا البحث في جنس الملائكة.
وتختم المصادر أنّ أخطرَ ما يواجهه مجلس الوزراء في ظلّ التركيبات الوزارية المتمثلة بالكتل النيابية – الوزراية والكتلة الجديدة أن يتحوّل «مجلس قيادة مشتركة» قوامه «الكتل الوزارية – النيابية المتّحدة»، ما يُهدّد الحكومة، وعندها سيكون الوضع أسوأ بكثير ممّا يتوقّعه البعض.