Site icon IMLebanon

بيان حبر على ورق

 

 

في انتظار بيان الحكومة العتيدة وإنجازه خلال ساعات قليلة، لا نتوقّع منه أن يكون أكثر من حبر على ورق، وكلامنا ليس استباقاً للبيان ولا انتقاداً لبيان لم يولد بعد، لأنّ الحقيقة مكشوفة على وسع فضاء العالم العربي الذي «يطفطف» بيانات حبر على ورق، من أوّل قرارات الجامعة العربيّة، انتهاء بالبيانات الداخليّة للدول العربيّة التي هرّت أوراقها وانهارت، أو التي لا تزال «تفرفر» من حلاوة الرّوح كلّه «حبر على ورق»!

 

وبيان الـ«حبر على ورق» يستعجل تخويف اللبنانيين من قراراته القاسية وإجراءاته الموجعة، وهذه «الوعود الاستباقية القاسية» التي توجّه للبنانيين علّها تخفّف من هول الصدمة عليهم التي نتوقع أن تكون أصداءها كأصداء فرض ضريبة الـ 6 دولار على تطبيق الواتس أب، مع فارق بسيط، نحن نعلم أن هذا ما يطالب به البنك الدّولي ومجتمع سيدر لبنان وحكومته، وأنّ هذه الحكومة لا حول لها ولا قوّة ومضطرّة للرضوخ كائناً من كان رئيسها أو أعضاءها، حتى لو كان رئيسها الرئيس سعد الحريري نفسه هي مضطرة لاتّخاذ هذه الإجراءات الموجعة، ولكن يبقى عليها أنّ تتلقّى صفعة الحقيقة الموجعة عندما ينفجر الشّارع وهذه المرّة بعنف شديد في وجهها.

 

من طريف ما سُرّب بالأمس عن البيان الحكومي أنّه يتضمن «خطوات مصيرية وأدوات علاج ستكون مؤلمة» تجنبا «للانهيار الكامل الذي سيكون الخروج منه صعباً إن لم نقل شبه مستحيل»، فإذا كان شبه مستحيل الخروج من الانهيار، فلمَ كلّ هذه الخلاصات الواهية التي ستبقى مجرّد كلام لن يؤدّي إلى حلول والتي سيتناولها البيان الوزاري وهي مجرّد عناوين لا أكثر يجري ذكرها من دون وضع خطط حقيقيّة لتطبيقها «استقلالية القضاء، مكافحة الفساد، مؤتمر سيدر، إصلاحات مالية واقتصادية، الطاقة»، «مجرّد حكي»، كلام من غير طائل، ومن دون خطط، وطالما التعاطي الحكومي مستمرّ من زمن طويل على هذه الشاكلة من العناوين الفضفاضة التي لا تملك حتى خطّة رؤوس أقلام لتطبيقها سيبقى لبنان على قارعة الانهيار!

 

ككل البيانات الحكوميّة السّابقة التي أودت بنا وبلنا إلى ما نحن عليه اليوم، تواصل الحكومة العتيدة تأدية المشهد التمثيلي المعتاد، وعود فارغة وكلام فارغ عن الإنقاذ والإصلاح وطلب المساعدات، لن تساعد لا الدول العربية ولا الأوروبية لبنان بـ«متليك»، هذا زمن ولّى بعدما اكتشف العالم أنّه يواجه «حكومات لصوص» يسرقون أموال المشاريع المقدّمة للشعب اللبناني لتنفيذ مشاريع حيويّة، سمعة الحكومات اللبنانيّة عطرة جداً في موضوع السرقات والاختلاسات والثراء الفاحش لكلّ من تولّوا الشأن العام ومع هذا «يشحذون» على لبنان وشعبه ومشارعه، هذا من جهة أما من جهة أخرى، أي لبناني سيصدّق «مواويل» الحكومة العتيدة في «استعادة استقرار النظام المصرفي وأموال المودعين وخصوصاً صغار المودعين واعادة رسملة المصارف ومعالجة القروض المتعثرة والاستمرار بسياسة الاستقرار النقدي وتحفيز النمو الاقتصادي واصلاحات تطال قطاعات مختلفة سواء بالتربية، الطاقة، الأشغال والأجهزة العسكرية والامنية وتحويل الاقتصاد الوطني من اقتصاد ريعي وخدماتي الى اقتصاد منتج»!! كل هذا «الهراء الكاذب» من سيصدّقه؟ المواطن اللبناني؟ المواطن الذي تستعد هذه الحكومة لسلج جلده الذي لم يتبقَّ شيء سواه من المواطن اللبناني ليسلخوه، هذه حكومة بالكثير تعتقد أننا «شاة مذبوحة» وتتصرّف معنا على قاعدة ذات النطاقين أسماء بنت أبي بكر الصدّيق رضي الله عنها وعن أبيها، وهي تشاهد إبنها عبدالله بن الزبير مقتولاً ثمّ مصلوباً، فتقول «هل يضرّ الشاة سلخها بعد ذبحها»؟ هذا هو المعني الحقيقي للجملة التي يكررونها على مسامع اللبنانيين عن الإجراءات الموجعة! هذا بيان ككل البيانات التي سبقته «حبر على ورق» بالنسبة لهم، وسلخ للمواطن بالنسبة لنا!

 

ميرڤت السيوفي