Site icon IMLebanon

وزراء يعترفون: نعم نسير نحو الفشل!

 

 

طار الشهر الأول من مهلة الـ3 أشهر الثمينة، من دون أي إشارة إيجابية. وبدأ كثير من «المتفائلين السابقين» يعترفون بأنّ الحكومة تسلك الطريق السريع الذي سبقتها إليه حكومة الرئيس حسان دياب. تلك الحكومة بقي رئيسها ووزراؤها يكابرون ويتغنّون بالإنجازات الوهمية سنةً و8 أشهر و16 يوماً. وأما الحكومة الحالية، فسارع وزراؤها إلى الاعتراف «منعاً للالتباس»: «نعم، نحن سائرون نحو الفشل. ليس في أيدينا شيء ولا تطلبوا منا شيئاً. ولا تواخذونا»!

 

مخيف الكلام الذي يقوله أركان الحكومة، في أوساطهم. فحتى بصيص الأمل الصغير بتخفيف الوجع ليس موجوداً عندهم. فلا الأدوات موجودة ليحققوا بها الحدّ الأدنى، ولا الوقت الكافي.

 

يقولون: كلها مسألة 6 أشهر وتأتي الانتخابات ونرحل. والآتي مِن بعدنا يتدبّر المرحلة الآتية- أي الـ 6 أشهر التالية، الممتدّة من ربيع الانتخابات النيابية إلى خريف الانتخابات الرئاسية- وستتكفّل بها حكومة جديدة. وبعد ذلك- أي بعد عام من الآن- سيكون لكل حادث حديث.

 

يضيف بعضهم: في مهلة الـ3 أشهر المعطاة لها، قد تنجح الحكومة الحالية في إضفاء بعض التجميل على المشهد، فيبدو وكأنّه أقل بشاعة، ويتصبَّر الناس ليتحمّلوا المرحلة حتى انتهاء الانتخابات النيابية. وفي هذا السياق، يتمّ توزيع بعض العلاوات بالليرة على بعض العاملين، والمساعدات البسيطة على بعض المحتاجين، ونذرٌ قليل من الدولارات على بعض المودعين، و»مِن كيسهم»، لكسب الوقت.

 

لكن وزراء آخرين يرون الصورة أكثر تشاؤماً. فكل الإجراءات لن تكون مجدية أمام موجة الخراب الآتية. والصعود الاضطراري للدولار إلى سقوف غير محسوبة سيمسح بالكامل أي محاولة لتخفيف الوجع.

 

فماذا سيفعل العاملون في القطاعين العام والخاص أو الأساتذة أو سواهم عندما تصبح صفيحة البنزين بـ400 ألف ليرة أو أكثر، وتُقارِبها صفيحة المازوت وقارورة الغاز، وعندما تفوق فاتورة مولِّد الكهرباء المليون ليرة، ومعها فواتير الهاتف والانترنت وسواها؟ وفي الموازاة، كيف ستُغطي العائلات أكلاف التغذية والسكن والطبابة والتعليم والتأمين والصيانة؟

 

في رأي هؤلاء الوزراء، في الأشهر الثلاثة المقبلة سيبلغ التردّي حدوداً غير مسبوقة. ولن يتمكن رئيس الحكومة وأعضاؤها من إخماد النار، لأنّها أكبر من الإمكانات المتوافرة لهم.

 

وهنا يكشف هؤلاء الوزراء جانباً من معاناتهم مع الجهات الدولية المعنية الداعمة، ولاسيما فرنسا الراعية للمساعدات. ويقولون: الموفد الفرنسي بيار دوكان يتصرّف في لبنان من منطلق «المَوْنة» الزائدة على الحكومة. فهو يواجه الوزراء بأسئلة قاسية ومحرجة. ويطالبهم بالقيام بخطوات إصلاحية مباشرة وسريعة، بل يؤنبهم لأنّهم يماطلون أو يتعثرون. وسُمع مراراً يقول لبعضهم: ابدأوا العمل جدّياً. المهلة الحقيقية أمامكم ليست بالأشهر. أمامكم أسبوعان لتثبتوا استعدادكم لتنفيذ خطوات إصلاحية.

 

أكثر من ذلك، يدخل دوكان في تفاصيل التفاصيل المتعلقة بآليات عمل الوزراء والنواب والإدارات. ويروي هؤلاء الوزراء أنّهم فوجئوا بسعة اطّلاعه على الملفات التي يحملها، ويبدو كأنّه درس القوانين اللبنانية ذات الشأن، حتى بات مُلِمّاً بها أكثر من معظم المعنيين في لبنان.

 

وفي غالب الأحيان، يكون دفاع الوزراء عن أنفسهم ضعيفاً أمام دوكان، إما لأنّهم لم يجهّزوا بعد ملفاتهم جيداً حتى الآن، وإما لأنّ هناك موانع للإصلاح لا يستطيعون تفسيرها له. ولكن، في أي حال، الانطباع السائد لدى غالبية الوزراء هو أنّ الضيف الفرنسي يتصرف بـ»فوقيّة» لأنّ حنفية المال في يده، والمال سلطان.

 

إذاً، يوحي المناخ بعواصف آتية: الفرنسيون متجهون إلى الفشل في الدفع نحو الإصلاح. السعوديون وسائر الخليجيين لن يرفعوا الحَجْر لأسباب سياسية. والأميركيون لن يقلّصوا مستوى الضغوط، خصوصاً إذا ارتفعت السخونة في ملف المفاوضات الحدودية بين لبنان وإسرائيل وازدادت تعقيداته. وفي هذه الحال، سيكون لبنان مرهوناً لمزيد من الإمدادات النفطية الإيرانية وللمساومات من أجل صفقات الغاز والكهرباء… والسياسة والأمن واللاجئين، على الخط بين بيروت ودمشق وعمّان والقاهرة.

 

وعندما تنتهي الأشهر الثلاثة بالفشل، عند رأس السنة، ستكون هناك ثلاثة أخرى تنتظر الحكومة قبل الانتخابات في 27 آذار. فكيف سيتمّ إمرارها؟

 

أحد هؤلاء الوزراء يقول: سيكون الناس منهمكين بالمعارك الانتخابية. وستكون الانتخابات فرصة للقوى السياسية التي تحصل على تمويل خارجي بالدولار لكي «تَرُشَّ» على الناس بعض الدولارات القليلة فتشتري أصوات الكثيرين. وضمن الرشوة، هي ستتكفل بنقلهم إلى مراكز الاقتراع، مع «سندويشات» وشراب «يسهِّل الهضم»، ما دام أحد ليس قادراً ولا مستعداً للانتقال على نفقته الخاصة.

 

وبالنسبة إلى هذه القوى، إنّها أرخص انتخابات تخوضها في تاريخها. فإذا كان ثمن الصوت 200 دولار أو 500 أو 1000 في الانتخابات السابقة، فهو قد يكون اليوم 50 أو 100 حدّاً أقصى. والجائعون سيقولون «نعم» للشارين، لمجرد أنّ الثمن يوفّر لقمةً إضافية أو جرعة دواء.

 

الحاضرون سألوا أحد الوزراء: … وبعد الانتخابات النيابية، أي سيناريو تتوقع؟ أجاب: على الأرجح لا شيء. سيكون هناك تكرار للانتظار. 6 أشهر أخرى لتأتي الانتخابات الرئاسية.

 

سُئل مجدداً: ولكن، يا معالي الوزير، في هذه الحال، ماذا سيبقى من البلد إلى ذلك الحين؟ هنا، سكت صاحب المعالي. إما لأنّه لا يعرف الجواب، وإما لأنّ الجواب أخطر من أن يُقال في الوقت الحاضر.