لنترك الطبقة السياسية غارقة بالتخبيص حول قانون الانتخاب الى اشعار آخر. والتخبيص لغة يتضمن المعنيين معا، الأول بمعنى الخلط بين مكونات مختلفة، والثاني بمعنى السعي الى الفتنة والوقيعة، والمعنيان ينطبقان على مشاريع قوانين الانتخاب المطروحة، وهي نوع من الخلط في بعضها بين مكونات مختلفة، وهي نوع من السعي الى الفتنة والوقيعة في بعضها الآخر، فتكون صفة التخبيص في محلها تماما!
لنتجه الى الحكومة إذن… ومن المفارقات ان هذه الحكومة أثارت الانتباه والدهشة في هذه الآونة ليس في اطار ما تقوم به من عمل وجهد، وانما لتسجيل سابقة توقفها عن العمل، وتأجيل جلستها الأخيرة لعدم اكتمال… النصاب! وهو أمر لا صلة لرئيسها به، ويُشهد له بأنه انتظر الوزراء الغائبين لأكثر من ساعة دون جدوى. ومع ذلك، ومن حيث المبدأ، يُشهد للعديد من الوزراء بأنهم انصرفوا من اللحظة الأولى الى العمل بحماسة، وظهرت نتائج أعمالهم سريعا في الاعلام وفي العلن.
غير أن غالبية من الوزراء لا تزال في الظلّ وفي اطار من الصمت، منذ صدور مراسيم تشكيل الحكومة في الثامن عشر من كانون الأول / ديسمبر من العام الماضي ٢٠١٦. ومنهم مثلا وزير الدولة لشؤون التخطيط ميشال فرعون. والابتعاد عن الأضواء في هذه الحالة مفهوم، لأن التخطيط لا يجري عمليا على المكشوف، إلاّ عند عرض نتائجه. وهذه واحدة من أهم الوزارات على الاطلاق، وينتظر منها أن تقدم رؤية عامة لدولة هي في أمس الحاجة الى اعادة هيكلة على الصعد كافة. صحيح أن هذه الحكومة هي لاجراء الانتخابات على أساس قانون جديد، لكن الصحيح أيضا انها حكومة استعادة الثقة… وأية ثقة أعظم من اعادة تخطيط عمل دولة مترهلة ومفككة مثل الدولة اللبنانية؟!
منهم أيضا وزير البيئة طارق الخطيب. ومن المؤشرات الايجابية انه على نقيض وزير البيئة السابق، صاحب شخصية دينامية وتتحمّل المسؤولية ولا تتهرّب منها لتلقي بها على الغير! ومن المعلوم اعلاميا ان الوزير الجديد يعكف على العمل بصمت، على مشروع معقّد وموروث ومتشابك لحل معضلة مفتعلة تتعلق بالنفايات. وسرّ هذه الأزمة ليس خافيا على أحد، وفي صلبه ظاهرة الفساد المستشرية في طول البلاد وعرضها وعمقها. والوزير الخطيب يتمتع بسمعة جيّدة ولا تنقصه الشجاعة لوضع مشروع نهائي يراعي المصلحة الوطنية أولا وأخيرا. والامتحان الحقيقي لوزير البيئة الجديد طارق الخطيب، هو تبين القاعدة التي يبني عليها مشروعه. والقاعدة الصحيحة في دول العالم المتقدم والتي تعتمد على النزاهة، تبدأ من قاعدة الفرز من المصدر… والكل في الانتظار. والفارق كبير بين وزراء يعملون بصمت، ووزراء صامتون! وللحديث صلة.
وقع خطأ حسابي في مقال أمس والصواب هو عشرة عهود وليس ستة.