على وقع استمرار التأزم في الملف الرئاسي، في ظل الغموض المحيط بمواقف المكونين السني والشيعي من إعلان معراب، تستعد الحكومة لجلسة تعقدها الخميس المقبل في مسعى لإعادة تفعيل مجلس الوزراء بناء على توصية حوار عين التينة الموسع.
ليس أكيداً بعد ما إذا قرار تفعيل الحكومة لا يزال سارياً وما إذا كان هذا الامر يأتي ليغطي استمرار الشغور في سدة الرئاسة الاولى، خصوصا أن كل معطيات المرحلة الماضية منذ بدء الشغور دلت على أن البلاد لا تزال محكومة بسقف الاستقرار بمظلة إقليمية ودولية تقيه أخطار المنطقة، كما أنها لا تزال محكومة بقرار “حزب الله” الحفاظ على الحد الأدنى من الاستقرار السياسي الحكومي والامني وحتى المالي والنقدي. وهذا ما يجعله مشاركا في الجلسات الحكومية متى تطلب الامر، ومقاطعا تجنبا لحرج من بنود يجب تمريرها، متذرعاً بالوقوف الى جانب حليفه المسيحي كما حصل في الجلسة الاخيرة التي تضامن فيها بالغياب عن المشاركة الى جانب وزراء “تكتل التغيير والإصلاح” بسبب عدم إدراج بند التعيينات العسكرية في جدول الاعمال، لكنه لم يعطل الجلسة، إذ حضرها وزيرا حركة “أمل” لتأمين ميثاقيتها. وقد أجاز إمرار كل البنود العادية التي تسهم في تسيير عجلة الدولة أو تلك التي تعنيه بشكل خاص.
هكذا، يملك الحزب قرار التفعيل او التعطيل، لكنه سيكون أمام اختبار تحدّ جديد هذا الخميس حول مسألة مشاركته في الجلسة او مقاطعته لها تضامنا مع “التيار الوطني الحر” ( سلبا او ايجابا)، علما انه لم يصدر حتى اليوم موقفاً واضحاً من ترشيح رئيس “القوات اللبنانية” سمير جعجع للجنرال عون، او من إعلان ورقة النيات بينهما التي تجعل من حليف حليفه حليفاً له! لكن كل المعلومات تشير الى أن الحزب سيغيب مع وزيري عون تجنبا للموضوع الشائك الآخر الوارد في جدول الاعمال، والمتصل بإحالة ملف المتهم ميشال سماحة على المجلس العدلي.
على وقع هذا المناخ، تنعقد جلسة مجلس الوزراء وأمامها ثلاثة ملفات حساسة، لم ينجح حرص رئيس الحكومة على النأي بحكومته عن الملفات الخلافية في إقصائها عن الجلسة.
أول هذه الملفات يتعلق بأزمة التعيينات العسكرية التي لم تذلل عقدتها بعد، في ظل إصرار العماد عون على تسمية المرشحين المسيحيين لعضوية المجلس العسكري، فيما علم أن وزير الدفاع سمير مقبل المولج بهذا الموضوع بالتنسيق والتشاور مع قائد الجيش، أنجز لائحة المرشحين وضمّنها إسمين مقبولين من عون، ولكن ضمن سلة من ٧ مرشحين ( ٢ عن الكاثوليك و٥ عن الأرثوذكس).
وفي حين كشف سلام أن هذا الموضوع لم يدرج في جدول الاعمال ضمن البنود الـ٣٧٩ بسبب عدم حصول توافق سياسي عليه، أكد لـ” النهار” انه مستعد لإصداره بملحق أو طرحه من خارج الجدول اذا حصل التفاهم عليه، رافضا ان يكون هذا الموضوع شأنا خلافيا داخل الجلسة.
موضوع آخر لا يقل أهمية ينتظر أن يتفاعل خلال الأسبوع الطالع وألا يغيب عن مناقشات مجلس الوزراء، ويتعلق بموقف وزير الخارجية جبران باسيل النأي عن الإجماع العربي على إدانة ايران، وهو ما دفع رئيس الحكومة الى إصدار موقف واضح في هذا الشأن.
وعلمت “النهار” أن لبنان سمع عتبا سعودياً وإماراتياُ على موقفه، مما استدعى اتصالا بوزير الخارجية السعودي عادل الجبير لتوضيح حقيقة الموقف اللبناني على أساس ما عبر عنه سلام وليس باسيل.
ولا تستبعد مصادر وزارية إثارة هذا الموضوع على خلفية حسم من يحدد موقف لبنان وبناء على اي مسلمات يتم بناء هذا الموقف، والى أي حد تؤخذ المصالح اللبنانية ولا سيما مصلحة اللبنانيين العاملين في دول الخليج في الاعتبار.
ورأت المصادر ان تكرار الخطأ مرتين لم يعد مقبولا، ولا يمكن المخاطرة بتكراره مرة ثالثة نظرا الى ما يرتبه ذلك من تداعيات على لبنان واللبنانيين.
ولا يخفي سلام في هذا المجال قلقه من أن الأجواء العربية لم تكن مريحة، وعلى اللبنانيين أن يعوا أنه يتعذر علينا الخروج عن محيطنا او الخروج عن الاجماع العربي، ونحن جزء من المجموعة العربية.
في الملف الثالث الذي ينتظر مجلس الوزراء البند المرفوع من وزير العدل أشرف ريفي حول إحالة ملف المتهم ميشال سماحة على المجلس العدلي. واستبعدت المصادر الوزارية ان يتوصل مجلس الوزراء الى حسم هذا الموضوع المثير للخلاف في غياب وزراء “حزب الله” و”التيار الوطني الحر”.
يشار هنا الى أن وزير الثقافة روني عريجي لن يقاطع الجلسة، بل سيحضرها، عاكسا بذلك تمايزه عن “تكتل التغيير والإصلاح”.