تسير دراسة موازنة العام 2015 في مجلس الوزراء، كسير حصان «كوماندوز» في صحراء جرداء وكبيرة جدا لا يُعرف أولها من آخرها وهو يخطو نحو مكان مجهول.
فمشروع الموازنة وبحسب المعطيات، لن يقر قريبا، وربما لن تبصر الموازنة النور أبدا هذه السنة، اذ استغرق بحث بعض بنود المشروع الذي تقدم به وزير المال علي حسن خليل حتى الآن ست جلسات من دون جدوى ملموسة، ففي كل جلسة خلافات وخلافات الى حد الملل الذي دفع وزير الشؤون الاجتماعية رشيد درباس خلال الجلسة الماضية، الى أن ينظم قصيدة تمتدح الأمين العام السابق لمجلس الوزراء سهيل بوجي.
ولعل البنود التي أقرت حتى اللحظة، تبدو عادية، اذ أن كل البنود والملفات الخلافية كتمويل المحكمة الدولية أو سلسلة الرتب والرواتب، ترحّل الى «الأخير»، على حد وصف أحد الوزراء. والسؤال هنا:«هل هنالك من أخير؟».
الاجابة على هذا السؤال، لا ليس هنالك في الأفق ما يبشر بالخير، اذ أن الخلاف حول ملف التعيينات الأمنية والعسكرية سوف يطيح بأمور عديدة بينها الموازنة، اذ أن «السيناريو» المطروح راهنا، هو أن وزيري النائب ميشال عون ووزيري المردة والطاشناق، سيعتمدون أسلوب التعطيل بدءا من لحظة التمديد المفترض للقادة الأمنيين والعسكريين الحاليين، وذلك بعد أن «مُنع» هؤلاء الوزراء من الاستقالة أو الاعتكاف، بسبب عدم تناغم هذين الخيارين مع مصلحة ولاية الفقيه وحزبها في لبنان، وبسبب الخلاف بين عون وحليف حليفه الرئيس نبيه بري الذي نُقل عنه انه لن يكون الا رجل الاطفاء في هذه المرحلة ولن يغطي ابتزازات عون.
ويفهم كذلك أن «سخط» بري على عون قد يوصله الى درجة التبرؤ من «بدعة» توقيع كل الوزراء على المراسيم والتي تشكل العمود الفقري لسياسة عون التعطيلية في المرحلة المقبلة.
وبالاضافة الى ما تقدم، لا بد من ملاحظة ان من يتقدم الصفوف العونية في الرد على تساؤلات الصحافيين، هو وزير التربية والتعليم العالي الياس بو صعب وليس وزير الخارجية جبران باسيل الذي يبدو متمسكا بمنصبه أكثر من أي وزير آخر، وحريصا على اغفال احتمال الاستقالة من الحكومة.
فباسيل الذي يتنقل من مطار الى مطار، يبدو كمن يمضي شهر العسل ويحاول أن يستغل كل دقيقة لينعم قبل انتهاء هذا الشهر، وهو أيضا لا شك انه حاجة كبيرة لـ«حزب الله» في هذه المرحلة، لأن ما من وزير خارجية غيره يمكن ان يعطي الحزب تغطية في المحافل الدولية، بعد ان غطاه في كل ما يقوم به لا سيما احتلاله للقلمون السورية.
ومن هنا، يتظهّر أن وحده عون يصرخ في البرية وهو حتى أنّب بكلامه الاخير وزراءه الناعمين بجنة الحكم، وبالتالي فالعدو قبل الصديق لم يتوقع هذه النهاية المأساوية لعون الذي يخسر يوما بعد يوم كل طموحاته من رئاسة الجمهورية الى اسناد قيادة الجيش لصهره الى لعب أي دور بعد ان ارتمى كليا في أحضان محور «الممانعة» الذي يمنع عليه حتى التنفس منفردا.