لم يُشكِّل منح الثقة لحكومة الرئيس سعد الحريري حدثاً أو خبراً، فالثقة مُنِحَت لها منذ لحظة انتخاب العماد ميشال عون رئيساً للجمهورية، وكان معروفاً أنَّ الرئيس سعد الحريري سيعود إلى السراي وأنه سيُشكِّل حكومةً ستحصل على ثقة وازنة من عدد أعضاء مجلس النواب.
الحدث في هذه الحكومة أنها تضم وجوهاً شابة واعدة تُمسك بملفاتها جيداً، انطلاقاً من الخبرة التي تملكها في مجال الحقيبة التي تسلمتها. من هذه الوجوه وزير الطاقة سيزار أبو خليل. هذا الوزير الشاب ليس طارئاً على وزارة الطاقة، هو فيها بصفة مستشار مذ كان فيها وزير الطاقة السابق جبران باسيل، ثم عاد إليها على أيام وزير الطاقة في حكومة الرئيس تمام سلام، وها هو اليوم يعود إليها وزيراً وليس مستشاراً، بعد عقدٍ من الزمن على وجوده فيها، حاملاً ملفاتها وحافظها عن ظهر قلب ومُدرِكاً لحاجاتها وتعقيداتها والحلول المطلوبة لها.
سيزار أبو خليل يعرف جيِّداً واقع التقنين وكيفية التخفيف منه في المرحلة الأولى ثم التخلص منه نهائياً في المرحلة الثانية. يعرف مشكلة معامل التوليد وأزمة المناقصات لتشغيلها وصيانتها، يعرف القطبة المخفية في استيراد الفيول ونوعيته وأسعاره والعمولات التي تُدفَع. يعرف قضية بواخر التوليد وإلى أيِّ مدى ستبقى جاثمة أمام شواطئنا. يعرف كل ذلك لأنه على تماس مع مسألة الكهرباء وقد اتخذ قراره ليترك بصمةً في هذه الوزارة.
سيزار أبو خليل يعرف مَن عرقلَ ومَن حاول وضع العصي في دواليب رفع مستوى انتاج الطاقة، ولأنه كذلك فإنَّ النجاح لن يكون إلا في جانبه، لأنه يصعُب تمرير أي شيء في وزارةٍ بات يحفظ دوائرها عن ظهر قلب. فبالنسبة إلى وزارة الطاقة لا قطبة مخفية عليه.
وما ينطبق على وزارة الطاقة وعلى وزيرها، ينطبق على وزير السياحة الجديد اواديس كدنيان الذي يُعتَبر عن حق بأنه خير خلف لخير سلف، فالوزير ميشال فرعون الذي غادر وزارة السياحة وترك فيها بصمته، وهو الشخصية اللبقة وقد وظّف كل إمكاناته وطاقاته لتنشيط السياحة في لبنان على الرغم من كل الظروف الصعبة، ونجح في ذلك، فضلاً عن مساهماته الوطنية والإجتماعية الأخرى.
يصر الوزير الجديد على أن تكون وزارته منتجة وأن يترك فيها بصمته في الشهور الستة من عمر الحكومة. الوزير كدنيان آتٍ من حزب عريق مؤسساتي، هو حزب الطاشناق، ويعرف كيف يدير الوزارة على أنها مؤسسة، ولذا لا خوف عليه من أن يُسجِّل نجاحاتٍ فيها.
إنها حكومة الإنتاج وليست حكومة التوزيع، إنها حكومةٌ موضوعةٌ تحت مجهر الرأي العام الذي اكتوى من أداء بعض الوزراء من الحكومة السابقة، ويريد أن يراهن على وزراء الحكومة الجديدة، وهذا الرأي العام مُصرٌّ على أن يربح رهانه.