تحفظ على أداء الفريق الحكومي وغياب الرؤية والهنّات غير المألوفة
أخضع الرئيس المكلف المستوزرين إلى امتحان أشبه بامتحان مدرسي وسئل أحدهم عن رأيه بتوسيع مجلس الأمن؟!
تختزن المجالس السياسية الكثير من المعطيات والأسرار المتعلقة بالمشاورات الحكومية، من التكليف مرورا بالتعقيد وليس إنتهاء بالتسهيل المفاجئ التي إستجد ليل الإثنين 13 كانون الثاني، وأفضى الى إختراق كبير من شأنه أن يجعل الساعات المقبلة حاسمة في بلورة الحكومة العتيدة.
يأتي هذا التطور بعدما كان السيل قد بلغ الزبى مع عطلة نهاية الأسبوع، الأمر الذي دفع قيادة التيار الوطني الحر الى إتخاذ القرار بالنأي عن أي نقاش حكومي، فيما يحدَّد التعاطي مع أي تشكيلة وفق طبيعتها ومن ثَمّ بيانها الوزاري، والأهم الخطة الاقتصادية الموعودة للخروج من الركود والانهيار الحاصلين.
في إعتقاد قيادة التيار أن الظرف الإستثنائي سياسيا وإقتصاديا لم يعد يحتمل ترف المناورات والتذاكي، والأهم أنه لا يحتمل الإزدواجية في التعاطي، وإدخال حسابات سياسية ضيقة في التشكيل هي في الحقيقة إستكمال لمسار محاصرة التيار بذريعة الانتخابات الرئاسية المقبلة.
وكان من المستغرب بمكان أن يقع التيار على بعض الخطوات الحكومية غير المنطقية وهو الذي نأي بنفسه عن أي نقاش أو بحث، بينما كان ثمة من يتقصّد وصمه بالاستفراد والتعطيل والاستئثار والثلث المعطّل وغيرها من مصطلحات شحن الشارع والأحزاب.
تكوّن إنطباع لدى التيار أن أداء الفريق الحكومي لم يكن على قدر المتوقّع، لا في الآليات المعتمدة للتشكيل ولا في المعايير التي بدأت واضحة، وأخذت في التلوّن شيئا فشيئا، على قياس أفرقاء دون آخرين. فمعيار الإختصاص سقط بإصرار دياب على توزير الخبير المالي دميانوس قطار في الخارجية، تماما كما سقط معه معيار إستبعاد الوزراء السابقين. وتوزير ٦ نساء، المعيار الذي أصر دياب عليه، بات يقتصر بكليته على الحصة المسيحية، وإستطرادا رئاسة الجمهورية والتيار، فيما تحلل منه الرئيس المكلف (وكذلك الثنائي الشيعي) عند إختياره الوزراء السُنّة الثلاثة. وتنسحب هذه الازدواجية على معيار تمثيل الحراك الذي حُصر كذلك في الحصة المسيحية. أمام هذا الواقع، بات المرشحون المسيحيون بغالبيتهم العظمى محسوبين بشكل أو بآخر على الرئيس المكلّف، فيما فريقه يروّج أن جبران باسيل هو الذي يصر ويعمل على إحتكار التمثيل المسيحي، في موازاة بدء بوادر شحن إنطوى عليه بيان «رئاسة الحكومة ليست مكسر عصا»!
فرض هذا الواقع تعديلا في تعاطي التيار مع التأليف المعلّق، أخذ منحى المقاطعة الناعمة، وتحديدا بعدما تبيّن له التخبّط في الأداء وتعثّر القدرة على إستنباط الحلول، والتشوّش في الرؤية، وغياب أي إستراتيجية حكومية لخطة إنقاذ إقتصادية، بالتوازي مع هنّات على هامش المشاورات، هي بالفعل هنّات غير مألوفة تداول بها خصوصا بعض من خضع لإمتحان التوزير (أشبه بإمتحان مدرسي) في منزل الرئيس المكلف. على سبيل المثال، سئل أحد المرشّحين لتولي وزارة الخارجية عن رأيه في توسيع مجلس الامن الدولي، فيما كان متوقعا أن يُسأل عن آنيات سياسية مُلحة من مثل النأي بالنفس ورؤيته للعلاقة مع العرب والغرب…
يوم السبت ١١ كانون الثاني، إكتملت الصورة لدى قيادة التيار، بالتشاور مع الحلفاء (وجاء في هذا السياق إتصال هاتفي غير معلن ولافت في التوقيت وخصوصا المضمون بين رئيس مجلس النواب ووزير الخارجية ومهّد للقائهما الأخير أول من امس)، بتحديدها مهلة أقصاها الثلاثاء ١٤ منه وإلا الخروج الكلّي من المشهد الحكومي. على الأثر تكثّفت المشاورات التي أفضت الى إجتماعين حاسمين ليل الإثنين بين دياب والخليلين حملا إيجابيات ظلّت مفقودة منذ اليوم الأول للتكليف، ودفعت قيادة التيار الى منح ٤٨ ساعة حاسمة للتشكيل، وإلا الذهاب من دون إبطاء الى البديل. وعلى ما يبدو، البديل جاهز وخريطة الطريق نحو الحل واضحة المعالم!