IMLebanon

«وزارة تروح.. ووزارة تيجي!»

 

بعد «مخاض» سياسي عسير، تخلّلته مناورات وضغوط وشروط وتنازلات، وتزعزع في التحالفات على امتداد تسعة أشهر، «ولدت» الحكومة اللبنانية الثلاثينية بتوليفة أدخلت وزارات دولة جديدة دون تحديد ماهية دورها وصلاحياتها، وألغت وزارات أخرى لا يدري المواطنون ماذا أنجزت!

أبرز وزارات الدولة التي تم إلغاؤها في الحكومة الجديدة، هي وزارة الدولة لشؤون مكافحة الفساد، التي لم تتمكّن من مواجهة فاسدٍ واحدٍ أو استرجاع ليرة واحدة من الأموال المنهوبة، خلافاً لوعود الإصلاح ومحاربة الفساد التي ينضح بها الخطاب العوني. ويعزو الفريق البرتقالي إلغاء وزارتهم ذات التسمية الرنّانة، تارة إلى عدم وجود هيكلية أو صلاحيات لها، وتارة أخرى بذريعة أنّ مسؤولية مكافحة الفساد تتحمّلها الحكومة مجتمعة عبر جميع الوزارات.

كما تمّ إلغاء وزارة الدولة لشؤون التخطيط التي لم تتقبّل بعض القوى السياسية إعطاءها الدور المطلوب، خصوصاً أن دورها على صعيد التخطيط يتقاطع مع أدوار المجالس التي يتقاسمها النافذون، من مجالس الجنوب والمهجّرين والإنماء والإعمار، التي يعمل كلّ منها منفرداً، و»بالمفرّق» تحت وصاية رئاسة مجلس الوزراء، من دون أي تنسيق أو خطّة متكاملة على المستوى الوطني.

وأيضاً تمَّ إلغاء وزارة الدولة لشؤون حقوق الإنسان، التي لم تكن مهامها واضحة، بحيث برزت تداخلات في معالجة ملفاتها مع وزارة الشؤون الاجتماعية ووزارة العمل ووزارة العدل، وربما وزارات أخرى أيضاً، ما لم يؤد إلى أي نتائج ملموسة.

والخلل الأساس وقع عندما تشكّلت حكومة «استعادة الثقة»، من دون أن تلحظ لوزارات الدولة أي كيان إداري فعلي أو صلاحيّات ومهام، فلم تتمكّن من تحقيق أي إنجاز يُذكر منذ 18 كانون الأول 2016، ولغاية 31 كانون الثاني 2019، فتحوّلت الوزارات تلك الى مراكز هدر للمال العام، كلّفت الخزينة والمواطنين بدلات رواتب ومخصصات الوزراء والمستشارين، وكلفة أثاث ومعدّات وأجهزة، وبدل ايجارات لمكاتب بقي بعضها خالياً.

ويبدو ان القوى السياسية المشاركة في الحكومة الجديدة قد تنبّهت إلى الهفوة بخصوص وزارات الدولة السابقة، فلحظت في البيان الوزاري إعطاء كل وزارات الدولة المستحدثة الإمكانات للقيام بواجباتها ومهامها، إلا أنها عادت ووقعت في إشكالية تقاطع مسؤوليات وزارات الدولة المستحدثة وتضارب صلاحياتها مع الوزارات العاملة.

وفي هذا المجال، ومن ضمن وزارات الدولة التي استحدثت، وزارة الدولة لشؤون التمكين الاجتماعي والاقتصادي للشباب والمرأة، بعدما تم توسيع دور وزارة الدولة لشؤون المرأة، التي استحدثت في الحكومة السابقة، وهنا يُطرح السؤال عن علاقتها بوزارة الشؤون الاجتماعية ووزارة الشباب والرياضة.

وتم استحداث وزارة دولة لشؤون تكنولوجيا المعلومات، التي تتداخل مسؤولياتها في معالجة بعض الملفات، وخصوصاً التي تندرج تحت عنوان «الحكومة الإلكترونية»، مع وزارة الاتصالات وهيئة «أوجيرو» ومكتب وزير الدولة لشؤون التنمية الإدارية. كما تمَّ استحداث وزارة الدولة لشؤون التجارة الخارجية التي يتقاطع دورها مع وزارة الاقتصاد والتجارة وغيرها.

هي ليست المرّة الأولى والأخيرة التي لا تنجز فيها وزارات الدولة المهام الموكلة إليها، لأن انشاءها غالباً ما يتم من أجل التوظيف السياسي، وهي لا تتمتع بدور او هيكلية او ميزانية او سلطة تنفيذية فعلية على الأرض. وبالمقابل، يتراخى مجلس النواب في أداء واجباته الرقابية على العمل الحكومي، كونه من نسيج القوى السياسية المتمثلة في الحكومة.

هنا يصبح السؤال حقاً: ماذا بإمكان وزارات الدولة المستحدثة ان تُنجز، وكم ستُكلّف خزينة الدولة والمُكلّف اللبناني؟