مخاوف كثيرة تدور حول الأمن الغذائي الذي بات على المحك في بلد تخطّى عتبة الخيار، وعليه مواجهة تحدّيات هائلة إذا ما أراد التخفيف من الأزمة الغذائية، خصوصاً بعد إدراجه، في آخر تقريرٍ لـ«منظمة الأغذية والزراعة» و«برنامج الأغذية العالمي» التابعين للأمم المتحدة، ضمن لائحة الدول المهددة بارتفاع الجوع الحاد فيها. فمع انخفاض قيمة الليرة بنحو 90% وارتفاع متوسط سعر المنتجات الغذائية بنسبة 144% وهبوط مئات آلاف اللبنانيين تحت خط الفقر، وصلت حصة إنفاق الأسر على الأغذية إلى أكثر من 85% للفئات الأكثر هشاشة. ويتعرّض أكثر من 50% من سكان لبنان لخطر عدم الوصول إلى احتياجاتهم الغذائية الأساسية، و22% منهم تحت خط الفقر المدقع. أمّا المؤشّر الأكثر خطورة، بحسب «فاو»، فهو بلوغ عدد المعتمدين على الإعانات الغذائيّة ما يقارب مليوني شخص. وفي حين يدفع منطق الأمور في وضع كهذا نحو الاهتمام بالقطاعات الإنتاجية، وفي مقدمها الزراعة، انخفضت موازنة وزارة الزراعة في الموازنة العامة لعام 2021 عن العام الماضي بنسبة تراوح بين 5 و6 في المئة. في وقت تعد وزارة الزراعة باستراتيجية طموحة لـ«النهوض» بالقطاع!
فيما ينحصر الهمّ الحكومي، مع تعاظم الدين العام، في تأمين إيرادات للدولة، يتهدّد الخطر أكثر من مليون لبناني يتأثرون بالقطاع الزراعي بشكل مباشر أو غير مباشر. وفي ظل أزمة اقتصادية خانقة كنتيجة طبيعية لسياسات اقتصادية غابت عن فلسفتها فكرة الاقتصاد المنتج، لا بد أن يُدرج تعزيز قطاع الزراعة على سلّم الأولويات بغية الحفاظ على الأمن الغذائي وتعزيزه، ما يتطلّب استراتيجية واضحة وخيارات تمنح وزارة الزراعة وموازنتها اهتماماً أكبر مما هي عليه اليوم.
«الاستراتيجية الوطنية للزراعة في لبنان 2020 – 2025»، التي أعدّتها وزارة الزراعة بدعم من «منظمة الأغذية والزراعة» التابعة للأمم المتحدة (فاو)، «تتبنّى نظرة حديثة للنهوض بالقطاع»، بحسب الاستشارية في الوزارة الوزيرة السابقة وفاء الضيقة حمزة. لكنها «تحتاج إلى توجه استراتيجي كبير على صعيد القرار السياسي»، لأنه «ما رح يمشي حال الترقيع».
حمزة التي شاركت في صياغة الخطة أوضحت لـ«الأخبار» أن «المحور الأوّل من الاستراتيجية يركّز على الإنعاش المباشر عبر تسهيل الوصول إلى المدخلات الزراعية والقروض لزيادة القدرة الإنتاجية وتأمين استدامة الأعمال الزراعية وتحسين سبل عيش المزارعين ومداخيلهم». و«الأولوية الثانية لتعزيز الإنتاج وخفض الاستيراد، الأمر الذي لن يحصل إلا تدريجياً عبر زيادة مدروسة للمساحات المزروعة مع مخطط لملاءمة استخدام الأراضي في الزراعة يترافق مع استصلاح الأراضي بمواكبة ودعم مستمرين للمزارعين».
وبغية تحسين نوعية الإنتاج «تلحظ الخطة ضرورة العمل مع المزارعين لتقوية الخدمات الإرشادية واستخدام التكنولوجيا من جهة، وإدخال أصناف جديدة من زراعات ملائمة لإنتاجية أعلى وأكثر قدرة على تحمّل الأمراض وتغييرات المناخ». أمّا خفض كلفة الإنتاج كخطوة ضرورية، فلن تكون، برأي حمزة، إلا عبر «إيجاد بدائل محليّة للمستلزمات الزراعية المستوردة من بذور وأسمدة وإنتاج محلي لها». فالبذور والمبيدات والأسمدة المستوردة باتت تشكّل أكثر من نصف كلفة الإنتاج، مشددة على وجوب تأمين قروض زراعية ميسّرة بفوائد منخفضة وطويلة الأمد لضمان استمرارية القطاع والعاملين فيه، «وهذا يأتي في صلب تقليل مخاطر انعدام الأمن الغذائي والتغذوي».
«نحن الآن في قلب الأزمة التي ستتفاقم لا محالة»، تقول حمزة. وتشرح أن الخفض المستمر لموازنة وزارة الزراعة سيمنع الاستمرار في تقديم الدعم من خلال بعض المساعدات (توزيع البذور أو الأدوية الزراعية). وفي ظل انهيار قيمة الليرة، لن يتمكن المزارعون من الاستمرار من دون دعم. «اليوم نحن في حالة طوارئ، ويتركز العمل حالياً على تأمين التمويل لبرامج دعم مباشر عبر صناديق التمويل ودول مانحة مهتمة بالقطاع الزراعي، ستطلقها وزارة الزراعة قريباً بالتعاون مع منظمات دولية كالفاو وبرنامج الغذاء العالمي».
يصف الباحث في سوسيولوجيا التنمية الريفية والخبير في تخطيط وتقييم برامجها أحمد بعلبكي الاستراتيجية بـ«المدهشة ببلاغتها والمخيّبة بخلوّها من الأسانيد والمراجع كسابقاتها». إذ أن هذه ليست الاستراتيجية الأولى لوزارة الزراعة. فقد سبقتها خطتا 2010 – 2014 و2015 – 2019، وكانت النتيجة ازدياد هشاشة القطاع، حاله حال القطاعات الإنتاجية كافة.
ملاحظات بعلبكي تطاول الخطة من صفحتها الأولى حتى الأخيرة؛ بدءاً بالملخّص التنفيذي المليء بـ«الينبغيّات أو ما يجب أن يُدرس في المجتمعات بشكل عام، بعيداً من خصائص المجتمع اللبناني ومعوّقات نموه». أما الحديث عن إجراءات سياسية مؤسساتية لتشجيع الاستثمار، من دون ذكر الأكلاف والمدة الزمنية والأطراف المعنية بالتنفيذ والجماعات المستفيدة من الاستراتيجية، فليس إلا «تنظيرات». ويأخذ بعلبكي على معدّي الاستراتيجية طرح أهداف رئيسية كتحويل القطاع الزراعي ليصبح أكثر صموداً وتنافسية، بلا أي تخصيصٍ لأوضاع البلد المتدهورة ومستقبله المبهم، لافتاً الى أن «الركون إلى كلام عام من أهون الأمور التي يمكن الهروب عبرها من المسؤولية في حال عدم تحقق الهدف».
قدّرت وزارة الزارعة الكلفة الإجمالية للاستراتيجية بـ 710 ملايين ليرة، على أن تساهم الدولة اللبنانية بـ 14%، وتؤمَّن الفجوة اللازمة عبر تعبئة مُنظّمة للموارد المالية، من دون تفسير طريقة احتسابها وتوزيع التكاليف على متفرعات القطاع، من إنتاج وتصنيع وتسويق زراعي. وفي هذا «عدم دقّة» وفق بعلبكي، والأمر نفسه ينسحب على المبادئ التوجيهية للخطة الهادفة إلى الشمولية والمواءمة، إذ يغيب تحديد الفئات المشمولة، المستفيدة والمتأثرة سلباً، على اعتبار أن لكل استراتيجية هوية سياسية واجتماعية تخدم فئات وتترك أثرها على أخرى.
ويظهر «الضعف»، أيضاً، في بند البرامج الرائدة ومعايير تحديد أولوياتها، إذ يخلو من ذكر أدوار الوزارات المعنية وكيفية تحديد الأولويات. وكذلك في طلب الاستراتيجية في أحد أبوابها اتخاذ إجراءات أساسية ضمن وزارة الزراعة، «من دون أن يخبرنا مُعِدّوها عن ماهية تلك الإجراءات وضمانة اتخاذها والموافقة على توزيع موازنات الوزارة». أمّا اعتمادها الواضح على المنظمات الدولية الزراعية، فيطرح سؤالاً وهو «ما المقصود فيها وكيفية التعاون؟».
في مثل الأوضاع الحالية كل ما يمكن أن يُخَطَّط لهُ هو التخفيف من الانهيارات بخطة طوارئ
كما يعيب عليها إغفال أيّ ذكر لمشاكل وشوائب الإحصاء الزراعي ودقته. وفي ظل غياب الاستمرارية بالعمل المؤسساتي تبدو الاستراتيجية، وفق بعلبكي، «وكأنها كُتِبَت لبلدٍ مستقر سياسياً وقادر على تشكيل حكومات يكمل بعضُها عمل بعض». ويخلص إلى أن «القطاع الزراعي في حال حربٍ، وفي مثل الأوضاع الاجتماعية والاقتصادية والسياسية، كل ما يمكن أن يُخَطَّط لهُ هو التخفيف من الانهيارات بخطة طوارئ لا تزيد على سنة لتأمين العيش بالحد الأدنى، وتتوفر لها إمكانية التطبيق من حيث الكلفة».
ويعلّق عميد كلية إدارة الأعمال في جامعة «المعارف» بسام همدر بأن «كل الخطط في الشكل كانت واعدة، لكننا لم نلمس مفاعيلها». وفي المضمون، فإن «الدولة في حديثها عن الزراعة المستدامة تلحظ اتجاهاً واحداً»، في حين أن «استمرارية القطاع الزراعي يجب أن تلحظ نواحيَ عدة: اتجاه ربحي لضمان استمرارية اتصال المزارع بالقطاع، اتجاه بيئي يدرس أي أرض صالحة لأي زراعة وما هي الزراعات التي تُستخدم في مناطق لا مياه فيها والزراعات التي تتحسن في بيئتها ولا تضرّها. اتجاه يدرس تفاعل القطاع الزراعي مع القطاعات الاقتصادية كافة. واتجاه الكلفة وتأمين الأسواق والريّ».
قطاع الزراعة بالأرقام
من 23% إلى 4% من الناتج المحلي
لم تكن هجرة عدد كبير من الأهالي لسهل البقاع، المنطقة الزراعية الأولى في لبنان لجهة المساحة وحجم الإنتاج، إلا انعكاساً لعلل القطاع الذي كان يشكّل نحو 23% من الناتج المحلي عند انتهاء الحرب الأهلية عام 1990، وفق دراسة أجرتها «إسكوا» عام 2016. ويلفت خبير التنمية الاقتصادية بسام همدر إلى أن «الانخفاض التدريجي في القطاع تدحرج عاماً بعد آخر، حتى لم يعد يشكّل اليوم أكثر من 4% من الناتج المحلي، وهي مساهمة منخفضة جداً، بعدما كان يساهم في ستينيات وسبعينيات القرن الماضي بنسبة راوحت بين 10% و12%».
وسجّل الإنتاج الزراعي بين السنوات 2015 – 2019 معدّلاً وسطياً قيمته حوالى مليارَي دولار، قبل أن يتراجع عام 2020 بنحو 25%. وبلغ معدّل إنتاج الزراعات الحقلية في الفترة نفسها حوالى 230 مليون دولار، قبل أن يتدنى عام 2019 إلى 150 مليوناً، وبين 125 مليوناً و135 مليوناً عام 2020 «وهو الأسوأ زراعياً»، بحسب همدر. إذ انخفض في هذا العام إنتاج البطاطا 70% والبصل 61% والحبوب 64%، وتراجع فيه الإنتاج الزراعي العام بنحو 27%. علماً أن 73% من الإنتاج الزراعي نباتي، و27% إنتاج حيواني، وفق أرقام وزارة الزراعة.
80% استيراد
3.3 مليارات دولار هي قيمة الواردات الزراعية والغذائية في مقابل 614 مليوناً فقط قيمة الصادرات. ومع اشتداد الأزمة المالية، شهدت الواردات الغذائية تراجعاً، وبلغت عام 2019 نحو 2.3 مليار دولار.
وتفيد بيانات الجمارك بأن «لبنان قبل الأزمة الأخيرة كان يستورد سنوياً بحوالى مليار و225 مليون دولار مواد أساسية كالقمح والأرز والعدس والفول والسكر والرز»، وكانت قيمة الاستيراد السنوي للألبان والأجبان حوالى 250 مليون دولار.
ولا يتعدّى الإنتاج المحلي 20%، أي أن لبنان يستورد 80% من حاجاته الغذائية. وتشكّل الواردات الغذائية 17% من مجموع الواردات، ما يجعلها في المرتبة الثانية بعد الوقود. أمّا أكثر المواد الغذائية استهلاكاً فهي: الخبز والحبوب ومشتقات الحبوب (35%)، مواد غذائية أخرى (46%)، الحليب ومنتجات الألبان (11%)، اللحوم والدواجن (8%).
اليد العاملة الزراعية: من 12% إلى 5%
بعدما كانت اليد العاملة الزراعية تمثّل أكثر من 12% من مجموع اليد العاملة الوطنية، بات القطاع لا يوظّف أكثر من 5%. ويُعدّ العمّال الزراعيون من أفقر العمّال في القطاعات كافة، إذ أن 40% منهم تحت خط الفقر، بحسب «إسكوا». يفصّل همدر هذه الأرقام: «في الضنية وعكار، تتجاوز نسبة الفقر بين المزارعين 66%، في الجنوب 50% من أصل 50 ألف مزارع، في البقاع 53%، في النبطية 42%». ويوضح أن «حصة المزارع في كل دولار زراعي لا تتجاوز 20 سنتاً، وتذهب البقية إلى المحتكرين والتجار بين جملة ومفرق». وفي الوقت عينه، تشكّل الزراعة مصدراً أساسياً للدخل وفرص العمل في المناطق الريفية، بنسبة تراوح بين 25 و50%، وما يصل إلى 80% من الإنتاج الاقتصادي لتلك المناطق.
مساحة الأراضي القابلة للزراعة
حالَ تهميش الدولة للقطاع دون الاستفادة من قدرته الحقيقية ومناخ البلد الملائم. فبحسب «فاو»، تبلغ مساحة الأراضي الصالحة للزراعة أكثر من 683 ألف هكتار. وتؤكد «إسكوا» أن 33% من مساحة لبنان قابلة للزراعة. بينما تُقدَّر الأرض المزروعة حالياً بأقلّ من 200 ألف هكتار فقط، 48% منها مرويّة، وفق همدر، الذي يشدد على أنه في حال إجراء إصلاحات ترتفع النسبة إلى 66% قابلة للزراعة. وتتضمّن الأطراف الشمالية والشرقية أكثرية الأراضي المزروعة والمروية، منهـا 43% في محافظتَي بعلبك – الهرمل والبقاع، 26% في محافظتَي عكار والشـمال، و22% في محافظتَي الجنوب والنبطية. بالنسبة إلى البنى التحتية للري؛ 55% من كل الأراضي المرويّة تقع في بعلبك ــــ الهرمل والبقاع.
موازنة عاجزة
طيلة 20 عاماً، لم يتجاوز الاستثمار الحكومي في تطوير القطاع، عبر وزارة الزراعة، 0.6% من الموازنة العامة، الجزء الأكبر منها يخصص للرواتب والمصاريف الإدارية. فيما المعدّل الإقليمي يبلغ 5% بحسب «إسكوا». ففي دول الجوار التي تُعدّ الزراعة فيها قطاعاً مهماً فيها، تبلغ حصة وزارة الزراعة من الموازنة العامة حوالى: 7% في الأردن، وتتجاوز 20% في تونس، وتتخطّى 13% في سوريا، و15% في مصر.
16 سبباً لتردّي القطاع
يمكن تلخيص أسباب تردّي القطاع الزراعي، وفق ملاحظات خبراء ومؤسسات متخصّصة، في النقاط الآتية:
1- تعثّر مشاريع الريّ الواسعة بعدما واجهت عوائق تقنية من دون أيّ تدخّل حكومي بذريعة المعوّقات المالية.
2- لدى لبنان 170 ألف حيّزة زراعية، جلّها مساحات صغيرة (5 دونمات)، ما يحول دون استخدام تكنولوجيا متقدمة والحصول على إنتاج عال. نسبة التكنولوجيا المستخدمة في الأراضي الزراعية مقارنة مع الاتحاد الأوروبي 5%. كما أن إنتاجية المحاصيل اللبنانية، مقارنة مع إنتاجية المحاصيل ذاتها في الاتحاد الأوروبي، أقل من 25%، ومقارنة مع البلدان العربية أقل من 50%.
3- أكثر من 40% من الحيّزات الزراعية مخصّصة للاستهلاك الشخصي وليس للأسواق. و70% مِن مالكي الحيازات يعملون في قطاعات أخرى. وهذا يدلّ على عدم استمرارية واستدامة العمل في القطاع.
4- يعاني المزارعون من ضعف في القدرات التنظيمية. من بين 1000 تعاونية زراعية، 25% فقط تُعتبر ناشطة، و4.5% فقط من المزارعين أعضاء في التعاونيات. فضلاً عن ارتباط التعاونيات بشخصيات سياسية ونافذين في مجتمع الأرياف، والكثير منها اسمية وهمية.
5- 5.1 % من المزارعين يحصلون علـى خدمات دعم من الحكومة مقارنةً بـ 9% يحصلون على خدمات دعم خاصة.
6- إغلاق معبر نصيب الحدودي بين سوريا والأردن عزل المزارعين والمصدّرين عن أسواق أساسية في دول مجلس التعاون الخليجي. وتظهر أرقام «أغريبلاس» تأثير الإغلاق، إذ انخفض حجم الصادرات بنسبة 33% عام 2015 وحده. وفي تصريح لوزير الزراعة السابق حسن اللقيس، يقدِّر الخسارة في الناتج المحلي بحوالى 18 مليار دولار. إذ أن نحو 85% من الصادرات الزراعية اللبنانية كانت تذهب إلى أسواق الخليج العربي عن طريق البر، وتوقفت بسبب الحرب السورية.
7- نسبة القروض الزراعية من مجمل القروض العامة لا تتجاوز 1% وفق إحصائيات جمعية المصارف والبنك المركزي. وفي بعض السنوات تدنّت إلى 0.4% و0.5%، ما يؤكد أن القطاعين الخاص والعام لا يثقان بالقطاع الزراعي. ويلفت رئيس اللجنة الزراعية في غرفة التجارة الدولية – فرع لبنان، ميشال عقل، إلى أن «تسليفات الأشخاص استأثرت بـ 31%، ما يوازي تقريباً 3 أضعاف التسليفات إلى القطاعين الزراعي والصناعي». ويخلص إلى أن «هيكلية القطاع الزراعي القانونية غير الكاملة والمتكاملة، واكتتاب المصارف في سندات الخزينة وشهادات الإيداع بفائدة مرتفعة يحرمان الزراعة من القروض الميسّرة».
8- ليس في لبنان مصرف مؤسسي للتسليف الزراعي: الحكومة ألغت مصرف التسليف الزراعي، المنشأ عام 1954 برأسمال مشترك من القطاعين العام والخاص. ولم تتمكن من تمويل المصرف الذي أنشأته ووافق عليه المجلس النيابي عام 1994، وكذلك مصرف الإنماء الزراعي الذي أقره المجلس عام 1997.
9- لبنان أمام دين يمثّل نحو 170% من الناتج المحلي القائم، وقياساً على احتساب الدين العام إلى الناتج المحلي، يشكّل هذا الدين نحو 33 ضعفاً للناتج المحلي الزراعي، ما يلجم تطور موازنة الزراعة، لأن اهتمام الدولة منصبّ على كيفية سداد الدين. وهي اكتفت بتقديم دعم مالي يصبّ في غير محلّه، من دون اهتمامها بإنهاض القطاع.
10- تواجه الزراعة اليوم تحدّياً مصيرياً بحرمانها من استيراد المستلزمات الزراعية (أسمدة، أدوية، بذور…) التي تشكلّ العنصر الأساسي في دورة الإنتاج. ومن دونها لا سلع، وإقفال لعشرات المؤسسات الزراعية وتسريح مئات العاملين في القطاع. وبحسب الإحصائيات المعلنة، تبلغ قيمة هذه المستلزمات نحو 140 مليون دولار سنوياً.
11- بدأت حكومات عدة في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا النظر في زيادة الإنتاج الغذائي المحلي لخفض الانكشاف على أسعار السوق العالمية وتثبيت كلفة الغذاء المحلية، في حين لا يزال الاستثمار اللبناني في القطاع الزراعي أدنى من المعدلات الإقليمية (إسكوا).
12- لا يستفيد المزارعون من خدمات الإرشاد والمعلومات المتاحة عن الممارسات الزراعية الجيدة ولا يستطيعون النفاذ إلى مراكز البحوث ومصادر التمويل.
13- في تسويق الإنتاج الزراعي يذهب معظم الأرباح إلى التجار، وينال المزارع الحصة الأصغر من سعر السلعة النهائي لا تتجاوز 20%.
14- يواجه المزارع، وحده، الكلفة العالية والتخطيط وكوارث الطبيعة وانسداد الأسواق والتهريب من الخارج، في غياب سياسة زراعية رسمية متكاملة.
15- أكدت «إسكوا» في دراسة نشرتها في آب 2020 ارتفاع كلفة الإنتاج الزراعي بنسبة تفوق 50% لمختلف الأنظمة الزراعية، ومن المتوقع أن يؤدي ذلك إلى تقليص الأراضي قيد الإنتاج بنسبة تفوق 30% في موسم الشتاء المقبل.
16- يفقد المزارعون اللبنانيون نحو 30% من منتجاتهم القابلة للتلف بسبب ضعف المهارات الفنية ونقص البنى الأساسية اللازمة، إذ تفتقر أسواق الجملة، وهي قناة حيوية لنحو 90 في المئة من المنتجات القابلة للتلف، إلى التجهيز المناسب للحفاظ على الجودة وزيادة مدة الصلاحيّة، بحسب دراسة «إسكوا».