IMLebanon

حلبة تصادم جديدة بين عون وبري… “الزراعة” حكر على “الثنائي”!

 

سئم الشعب اللبناني كل الأخبار المتداولة حول الحكومة، وكأن البلاد تعيش في ترف لكي “يتناتش” سياسيوها الحقائب والحصص.

 

تُشبه عملية تأليف الحكومة كمن يسير بين حقل ألغام، وعند تفكيك أي لغم وتفجيره يكتشف المعنيون وجود عشرات الألغام القابلة للإنفجار، فيعمل الوسطاء على تفكيكها ليكتشفوا وجود مئات الألغام الأخرى.

 

وأمام كل هذه التعقيدات، فإن المشكلة تكمن في النوايا، فلو صدق من يعمل على التأليف لكانت الحكومة أبصرت النور في أقلّ من ربع ساعة، لكن الصراع الدائر حول الأحجام والأوزان والحصص يعرقل كل شيء ويُبقي البلاد لنحو أكثر من سنة من دون حكومة فعلية.

 

وإذا كانت المشكلة الأساس سابقاً تمثّلت بالصراع حول حقيبتَي “العدل” و”الداخلية”، فإن حلّها لم يُسهّل الولادة، بل إنتقل إلى حقائب أخرى مثل “الإتصالات” و”الطاقة”، ولم يكن ختامها مسكاً مع “الإقتصاد” التي عاد رئيس الجمهورية العماد ميشال عون وتنازل عنها لفريق رئيس الحكومة المكلّف نجيب ميقاتي، طالباً حقيبة “الزراعة” من حصّة رئيس مجلس النواب نبيه برّي.

 

وبغضّ النظر عن طريقة حلّ هذه العقدة، فإن مطالبة عون بـ”الزراعة” تُشكّل حلبة صراع جديدة بين عون وبري، فيما الحقيقة أن “الزراعة” تُصنّف من الحقائب الدسمة المخفية مثلها مثل “الشؤون الإجتماعية” و”الشباب والرياضة” و”التنمية الإدارية”، ليس بسبب موازنتها الضخمة بل نظراً إلى الأموال التي تأتيها عبر المنظمات الخارجية والتي توزّع بطريقة إستنسابية وعلى المحاسيب. لا يملك فريقا عون وبري أي خطة لتطوير القطاع الزراعي، بل همهما تحقيق أكبر قدر من المكاسب، والجدير ذكره أن حقيبة الزراعة كانت منذ عام 2005 حكراً على “الثنائي الشيعي” ولم يتمّ خرق هذا الإحتكار إلا مرّتين.

 

وفي نظرة سريعة على من تولّى الحقائب، فإن الوزير طراد حمادة المحسوب على “حزب الله” تولاها في حكومة نجيب ميقاتي عام 2005، وأُسندت هذه الحقيبة إلى الوزير طلال الساحلي المحسوب على “أمل” في حكومة الرئيس فؤاد السنيورة التي استمرت من عام 2005 إلى 2008.

 

وبعد “إتفاق الدوحة” ذهبت حقيبة الزراعة في خرق بسيط إلى الوزير الياس سكاف الذي بقي حتى إستقالة حكومة السنيورة الثانية عام 2009، أي شغل الوزارة رسمياً نحو سنة.

 

شكّل الرئيس سعد الحريري حكومته الأولى عام 2009 وأُسندت “الزراعة” إلى الوزير حسين الحاج حسن المحسوب على “حزب الله”، وعاد الحاج حسن وزيراً للزراعة في حكومة ميقاتي وبقي حتى عام 2014 من دون تحقيق أي إنجاز يُذكر.

 

الخرق الثاني في هذه الوزارة تحقق في حكومة الرئيس تمام سلام التي بقيت حتى عام 2016 حيث ذهبت “الزراعة” إلى “الإشتراكي” مع الوزير أكرم شهيب، لتعود إلى أحضان “الثنائي الشيعي” في حكومة الحريري الأولى في عهد عون وذهبت إلى الوزير غازي زعيتر، وبقيت مع حركة “أمل” في حكومة الحريري الثانية وأسندت إلى الوزير حسن اللقيس، ولم يتغير شيء في حكومة الرئيس حسان دياب حيث بقيت الزراعة مع “الثنائي” وأُسندت إلى الوزير عباس مرتضى.

 

إذاً، وخلال 16 عاماً إحتفظ “الثنائي الشيعي” بوزارة الزراعة نحو 13 عاماً، ولم يقدّم أي برنامج إصلاحي في هذا القطاع، بل استمرت سياسة ضربه وإسقاطه، حتى إستفاق الشعب اللبناني خلال الأزمة الحالية على واقع مرير يفتقد أبسط مقومات الصمود والأمن الغذائي وغياب الإكتفاء الذاتي، وهنا يسأل كثيرون: هل من المسموح أن تبقى هذه الوزارة الحيوية مع الفريق نفسه الذي كان يتبع سياسة الإستيراد من “الشقيقة” لضرب الإنتاج اللبناني لأهداف سياسية، وكل ما في جعبته من برنامج هو الدعوة للجهاد الزراعي من دون أفق مرسوم؟ علماً أن الفريق الذي يطالب بها حالياً، أي فريق الرئيس هو نفسه من احتفظ بوزارة “الطاقة” 12 عاماً وأغرق البلاد بالعتمة؟ فأين حكومة الإختصاصيين المستقلّة؟