عشية استدعاء قاضي التحقيق في بيروت، القاضي أسعد بيرم، لعدد من موظفي وزارة التربية في ملف فساد الوزارة ورشاوى المعادلات والمصادقات لشهادات الطلاب العراقيين إلى جلسة تعقد اليوم، قد تكون مفيدة الإشارة إلى أن التحقيقات في فرع المعلومات لم تحظ بالوقت الكافي للاطلاع على كل مفاصل الملف، واقتصرت على إفادات من الموظفين فحسب، كما لم يعط المحققون الإذن بإجراء تحقيق تقني في الوثائق والبرامج الالكترونية في الوزارة، باعتبار أن الفرع يحتاج إلى إشارات قضائية، في حين أن قاضي التحقيق يملك صلاحيات لا يملكها فرع المعلومات.ثمة مرحلتان يمكن الحديث عنهما في الملف: ما قبل توقيع البروتوكول الذي يفترض أنه وضع لتنظيم حصول الطلاب العراقيين على معادلات لشهاداتهم وما بعد البروتوكول. فما قبل البروتوكول، ينبغي إجراء مقارنة بين العدد الذي كان مسموحاً به وفق منصة للملحقية الثقافية العراقية وهو 50 طالباً في اليوم الواحد، والمئات أو الآلاف من المعادلات التي كانت تتم، بحسب مصادر أمنية، من خارج المنصة، والتي كان يقبض عليها رشاوى.
وفي المعلومات، أنه في المرحلة الأولى، أي ما قبل البروتوكول، لم يكن في حوزة الموظفين الذي يعملون في لجنة المعادلات ما قبل التعليم الجامعي (أمينة سرها أمل شعبان) جدول بأسماء الطلاب الذين لديهم مواعيد على المنصة، إنما كان الطالب يحضر معه ورقة من السفارة العراقية بالموعد، ولم يكن هناك التزام بالمواعيد.
وفي وقت لاحق، بات الجدول اليومي يصل إلى شعبان عبر تطبيق واتساب لتوزعه على عدد من الموظفين المقربين وليس على جميع موظفي الدائرة. وفي مرحلة ثالثة، ألغي الجدول نهائياً، وصار بعض هؤلاء الموظفين المحظيين يقفون على الباب ويسمحون بالدخول لمن يريدون وهنا بلغت الرشاوى قمتها، وأصبح مندوبو الجامعات يحضرون بعد الظهر لاستلام المعاملات من خارج المنصة من دون أي حدود للأعداد، إذ يمكن هؤلاء أن يتسلموا آلاف المعادلات في وقت واحد ومن مكتب شعبان، ويفترض أن الكاميرات في المكان تسجل ذلك بالصوت والصورة. وأدى ذلك إلى حدوث إشكالات وصولاً إلى التدافع والتضارب الذي أدى إلى توقيع بروتوكول يقضي بأن يدفع الطالب 50 دولاراً لقاء تسريع معاملاته من دون أن يعرف إلى حساب من تذهب هذه الأموال وكيف توزع ومن يحدد أسماء أعضاء اللجان المشكلة لتطبيق البروتوكول، لاسيما وسط الحديث عن أن موظفين في مكتب الوزير مدرجة أسماؤهم في اللجان ويقبضون من دون أن يكون لهم أي مهمة في المعادلات.
وبدلاً من أن ينظم البروتوكول تسليم المعاملات، بات الطالب العراقي يحتاج في بعض المرات إلى 5 أشهر كي يحصل على معادلة تنجز في 20 يوماً كحد أقصى، فكانت المواعيد تتأخر بطلب من شعبان، وكانت تدفع الرشاوى لتنجز المعاملة في اليوم نفسه، وهنا ربما ينبغي التدقيق في المعاملات المسجلة وما إذا كان هناك طلاب تسلموا معاملاتهم قبل آخرين كانوا قدموا طلباتهم أولاً، أي أن يقارن بين مواعيد تقديم الطلبات وتسلمها.
موظفون يلتزمون الصمت وسماسرة لا يزالون طليقين من دون حسيب أو رقيب
الجدير ذكره أنه حتى بعد توقيع البروتوكول كان مندوب السفارة العراقية يحضر ملفات ويستلم معادلات من دون وجود صاحب العلاقة، والكاميرات تشهد على ذلك أيضاً.
ويبدو لافتاً أن الموظفين في دائرة شعبان ينظمون كل الإجراءات لإنهاء المعاملات التي لا تخضع لتدقيق من أعضاء لجنة المعادلات، ما عدا المعاملات التي تكون عليها إشكالات فتعطى فتوى لتمريرها. مع الإشارة إلى أن هناك معلومات مؤكدة بأن لجنة المعادلات التي يرأسها المدير العام لا يحضر اجتماعاتها الا مرة واحدة في السنة، وأغلب المعاملات تعطى رقم محضر اجتماع اللجنة وتاريخه من دون أن تعرض على اللجنة أو توقع على محاضر الأرقام.
إذا كان مساعد شعبان الموظف الموقوف رودي باسيم الوحيد الذي اعترف بقبض الرشاوى، فهذا لا يعني أنه الوحيد المشارك في هذا الفساد، إذ أن تمرير المعادلة يحتاج إلى فريق كامل، ويستحيل أن ينجز المعاملة شخص واحد، فهل الموظفون الآخرون قرروا الصمت ولم يدلوا بدلوهم في فرع المعلومات لأنهم هم أنفسهم مستفيدون من تعويضات الامتحانات الرسمية بالليرة اللبنانية من الخزينة العامة وبالدولار الأميركي من الجهات المانحة، علماً أنّ الدائرة ترأسها شعبان نفسها؟ وهل سيواصلون التزام الصمت أمام القاضي بيرم اليوم؟ وماذا عن السماسرة الكبار خارج الوزارة الذين يواصلون سمسراتهم وألاعيبهم وتزوير الكثير من المعادلات وهم لا يزالون يسرحون ويمرحون من دون حسيب أو رقيب؟