Site icon IMLebanon

التحقيقات تتوسّع واستدعاءات جديدة: أين التفتيش المركزي من فضائح «التربية»؟

 

 

اتخذ ملف فساد وزارة التربية ورشى معادلات شهادات الطلاب العراقيين منحى جديداً، بعدما قرر قاضي التحقيق في بيروت، القاضي أسعد بيرم، التوسع في تحقيقاته وإجراء مواجهات جديدة بين رئيسة دائرة الامتحانات الرسمية وأمينة سر لجنة المعادلات في التعليم ما قبل الجامعي بالتكليف، أمل شعبان، وموقوفين آخرين، وإرسال استنابات إلى فرع المعلومات يطلب فيها الاستماع إلى أشخاص جدد، والتأكد من معاملات في وزارة التربية.وفي انتظار أن تشمل التحقيقات كاميرات المراقبة في الوزارة للتدقيق في قانونية اجتماع لجنة المعادلات بغياب رئيسها المدير العام للتربية عماد الأشقر، يبدو مستغرباً عدم دخول أجهزة الرقابة، ولا سيما التفتيش المركزي، بجناحَيه الإداري والمالي، على خط التحقيق في ملف يقع في دائرة اختصاصه.

 

 

فقد مضى نحو ثلاثة أشهر على توقيف فرع المعلومات، للمرة الأولى، عدداً من السماسرة وموظفين في الوزارة، إثر إخبار من النيابة العامة المالية، وإحالة الملف إلى فرع المعلومات الذي بدأ تحرّياته حول مفاوضات بين سماسرة وموظفين حول مبالغ مالية لقاء الحصول على شهادات وإفادات جامعية مزورة. وصدرت بعدها قرارات ظنية بحق موظفين وسماسرة، وتوسّع في التحقيق ليشمل التعليم ما قبل الجامعي، وحدثت توقيفات عدة؛ أبرزها كانت لشعبان. غير أنه بدا أن الأمر لا يندرج في سلّم اهتمامات التفتيش، رغم أن المادة العاشرة من مرسوم تنظيم التفتيش المركزي تنص على أن «المفتشية العامة الإدارية تراقب سير العمل في كل وحدة إدارية، فتطّلع بوجه خاص على كيفية قيام الموظفين بأعمالهم وتقيّدهم بواجباتهم المسلكية، ولا سيما بالدوام، ومدى انطباق أعمالهم على القوانين والأنظمة والتكاليف بالأعمال الإضافية وطريقة تنفيذها والمراجعات والشكاوى والنتائج التي اقترنت بها». كما تنص المادة 17 على أن «المفتشية العامة المالية تراقب كيفية تنفيذ القوانين والأنظمة المالية، وكيفية حفظ الأموال العمومية وضبط حساباتها، وكيفية قيام جميع الموظفين الذين يتدخّلون في تنفيذ الموازنة وإدارة الأموال العمومية بأعمالهم».

لذلك، يبدو مستغرباً غياب جهاز التفتيش عن الملف وعدم تدخّله لإجراء تحقيق إداري بالحد الأدنى حول فوضى تنفيذ المعاملات الإدارية والتقنية وصحة تأليف اللجان وغيرها من الأمور الإدارية والقيام بالتدقيق المالي. «الأخبار» حاولت التواصل مراراً مع المفتش العام الإداري مخائيل فياض من دون أن توفق في الحصول على أجوبة للأسئلة التي وجّهتها إليه عبر رسالة نصية، وهي: لماذا يسكت التفتيش عن الملف، ولماذا يرتضي أن تؤخذ منه صلاحيات معطاة له في الأساس، ولماذا لم يتحرك التفتيش الإداري طالما أن مراقبة سير العمل في الإدارة تقع في دائرة اختصاصه؟

 

رئيس هيئة التفتيش المركزي، جورج عطية، قال إن التفتيش «يعمل على إنجاز مهامه بعيداً عن الإعلام،» لافتاً إلى أن «الواقع المأسوي الذي تعيشه الإدارة أثّر بشكل كبير على قدرات التفتيش المركزي، وخصوصاً لناحية توفر مستلزمات العمل والانتقال وأعداد المفتشين». وأرسل عطية صورة عن تكليف للمفتشية العامة الإدارية موقّع في 3 كانون الثاني الجاري، برصد المخالفات المنسوبة إلى موظفين في وزارة التربية والتعليم العالي لجهة منح طلاب عراقيين معادلات شهادات خلافاً للأصول. إلا أن مصادر إدارية في الوزارة أفادت بأن تحقيق التفتيش لم ينطلق بعد، آملة أن تسرع العملية ويكون التحقيق جدياً، رغم دخوله متأخراً على ملف ضجّ به الرأي العام.

المفتش العام المالي، وائل خداج، رفض الإدلاء بأي تصريح، لكن مصادر في التفتيش المالي أشارت إلى أن الملف لا يدخل ضمن اختصاص المفتشية العامة المالية، لأن «الرشى لا تؤخذ من المال العام أو موازنة الدولة». لكن ألا يجب التدقيق، بالحد الأدنى، في مصير الـ 50 دولاراً التي تتقاضاها لجنة المعادلات ما قبل التعليم الجامعي لقاء تسريع معاملات الطلاب العراقيين، بموجب بروتوكول وقّع مع الحكومة العراقية، وألا يجب أن تذهب هذه الأموال إلى الخزينة العامة؟ ومن يدقق في التعويضات المالية التي تدفعها الدولة بالليرة اللبنانية للامتحانات الرسمية وكيفية صرفها؟

آن الأوان لأن يفتح كل من التفتيش المالي والإداري مغارة الفساد في الوزارة

 

في الواقع، آن الأوان لأن يفتح كل من التفتيش المالي والإداري مغارة الفساد في الوزارة للتحقيق ليس فقط في المعادلات، وإنما أيضاً في مصلحة التعليم الخاص حيث تسرح دكاكين التعليم وتمرح من دون حسيب أو رقيب، مروراً بمديريتَي التعليم الثانوي والابتدائي اللتين تغضّان النظر على توزيع مديري الثانويات والمدارس الرسمية الأنصبة القانونية للأساتذة في الملاك على المتعاقدين، إضافة إلى الفوضى في تدقيق الموازنات والصرف وغياب الرقابة على الحضور، وصولاً إلى المناطق التربوية وتجاوزاتها القانونية والمالية، فضلاً عن الامتحانات الرسمية التي تحوّلت إلى دجاجة تبيض ذهباً وتدرّ على بعض الموظفين تعويضات خيالية بالدولار من الدول المانحة وبالليرة من الخزينة العامة. هذا عدا عن وقوف التفتيش متفرّجاً حيال الأساتذة الذين تسطّر بحقهم مذكرات تعسفية ويجري نقلهم إلى مدارس وثانويات بعيدة عن أماكن سكنهم في ظل هذا الوضع الاقتصادي الصعب، وكذلك حيال التعسف الذي يطاول موظفين في الوزارة من موظفين آخرين؟