Site icon IMLebanon

دفتر شروط “الفيول”: “تعقيدات” مريبة و”سقطات” غير مبرّرة

 

وسط رفض رئيس حكومة تصريف الأعمال حسان دياب توسيع نطاق تصريف الأعمال والتقيّد بمندرجات القانون في هذا الشأن، وفي ظلّ الخلاف العميق الذي وقع بين وزارة الطاقة وإدارة المناقصات حول دفتر الشروط الذي أعدته الوزارة لمناقصة عمومية لشراء كمية من الغاز اويل والفيول اويل لزوم “مؤسسة كهرباء لبنان” مع انتهاء عقديّ “سوناطرك” و”كي بي سي” نهاية العام الجاري، استدعت لجنة الأشغال العامة النيابية الطرفين المعنيين للاستماع لما لديهما في هذا الشأن في محاولة لوضع يدها على الملف علّها تتمكن من الوصول إلى تفاهم بينهما، خصوصاً وأنّ الاحتكام إلى مجلس الوزراء، كما يحصل عادة في حالات مماثلة، غير متوفر راهناً.

 

المعضلة هي في جوهر دفتر الشروط الذي وضعته الوزارة وتعتبره إدارة المناقصات غير صالح كونه لا يستوفي ثلاثة شروط أساسية تضعها الإدارة في رأس سلّم اعتباراتها: المنافسة العادلة، تأمين حقوق الدولة المالية، والاستلام. في المقابل، تحيط الشكوك وعلامات الاستفهام بأداء وزارة الطاقة في هذا الشأن حيث يصرّ معارضوها على وصف ما تقوم به بالتسويف والمماطلة ووضع دفتر الشروط على طريقة “تركيب الطرابيش”، إما لأنّه لديها عقد جاهز مع شركة ما، وإما لأنها لا تريد اجراء المناقصة لكونها تفضّل الحلول البديلة.

 

ولكن كيف يُزنّر دفتر الشروط بحزام ناسف؟

 

يجيب أحد المتابعين التقنيين للملف بأن الدفتر يتضمّن شروطاً معقدة يفترض أنّها موجّهة إلى الشركات العالمية، لكنها صعبة لدرجة أنّ هذه الشركات يصعب عليها المشاركة في هذه المناقصة، مشيراً إلى أنّ الدفتر يضيّع الهدف من المناقصة: هل هو الاتيان بأفضل العارضين العالميين أو أفضل الاسعار أو رفع منسوب المنافسة؟

 

ويفنّد التفاصيل بالإشارة إلى أنّ الدفتر المطروح يستبعد الشركات اللبنانية ويحصر المنافسة بالشركات العالمية. ومع ذلك ثمة شروط غير مشجعة للعديد من الشركات العالمية الا لتلك التي لديها ضمانات داخلية من جهات نافذة مما يجعلنا أمام “صفقة سوناطراك جديدة”، خصوصاً أنّ الكفالات المطلوبة واعتماد القانون اللبناني كمرجع قضائي وإمكانية فسخ العقد من الشاري من دون الرجوع إلى البائع وغيرها من البنود الغامضة، كلها عوامل تناقض الهدف الاساسي للمناقصة بالتعاقد مع كبار الشركات العالمية.

 

ويلفت إلى أنّه من ناحية مراقبة النوعية فالأهم هو ضمان المراقبة عند التفريغ والتي يجب أن تتم من خلال شركات مراقبة عالمية موثوقة، ويجب مراقبة مسار الباخرة من لحظة التحميل حتى التفريغ لمنع أي تغيير في الأسعار وتواريخ البوالص وتفريغ قسم من الحمولة، أو تغيير أو خلط الفيول بالرواسب أو التلاعب بالكميات أثناء التفريغ.

 

وبالتفصيل يتبيّن أنّ:

 

– العقد يحصر التعاقد مع شركات عالمية أو شركات وطنية (مملوكة من حكومات)، في حين أنه من الأجدى، وفي حال كان الخيار للشركات الكبرى، أن تكون الشركات مالكة لمصافي تكرير عاملة كون الفيول المقترح هو خليط، ما يجنّب الشركة الفائزة التعاقد مع مصافٍ لتأمين هذه النوعية من الفيول.

 

وفي حال كان الهدف استبعاد الشركات اللبنانية من المنافسة، فيجب تضمين الدفتر نصّاً يمنع أي تلزيم من الباطن لتفادي ما حصل مع “سوناطراك”.

 

– يُلزم الدفتر الشركات العالمية التعاقد مع مصرف لبناني يضمن مصرفاً عالمياً يفترض أنه مصنفA+ حسب تصنيف Fitch. وهو شرط غير منطقي وتعجيزي نظراً لوضع المصارف اللبنانية المتعثّر. كما أنه في حال كان المصرف عالمياً فتنتفي الحاجة لأي ضمان من مصرف لبناني.

 

– يشترط الدفتر أن يكون للشركة العالمية مكتب تمثيلي في لبنان وعنوان قبل تقديم العرض. كما يفرض شروطاً كإبراز مستندات غير مطلوبة عالمياً وأسماء مالكي أسهم الشركة، والملاحقات القضائية…

 

في المقابل، يعتبر المتابع التقني لهذا الملف، أنّ الدفتر المعروض فاته الكثير من الشروط الأساسية التي تضمن سلامة تنفيذه، ومنها على سبيل المثال:

 

– عدم قبول أي بوليصة شحن لا يتم فيها ذكر مرفأ التفريغ لتفادي استفادة البائع من تغيّر أسعار النفط عالمياً.

 

– إعادة جدولة شركات المراقبة اللبنانية وعدم تكليف أي شركة ملاحقة قضائياً في ملفات ترتبط بوزارة الطاقة، خصوصاً وأنّ ملف الفيول المغشوش بيّن تورط ثلاث شركات مراقبة في دفع رشاوى للمختبرات والموظفين للتلاعب بنوعية الفيول.

 

– تكليف الشاري شركات مراقبة عالمية، للتدقيق في مرفأ التفريغ لقياس الكمية والقيام بالفحوصات المخبرية على نفقة البائع لتفادي الوقوع في التجربة السابقة، حيث تبيّن أنّ المختبرات تنسق في ما بينها وبين شركات المراقبة لمطابقة النتائج مع نتائج المختبرات في مرفأ التفريغ.

 

– على الشركة الملتزمة إبلاغ الشاري يومياً بحركة الناقلة مرفقة بجدول الإبحار.

 

– منع وزارة الطاقة من التخلي عن شروط هذا العقد أو التنازل عن المخالفات التي يمكن أن يرتكبها البائع في كتاب الاعتماد، باستثناء إعطائه مهلة محددة لابراز مستندات أصلية بدل الصور.

 

– تركيب عدادات ذكية efms على خزانات التفريغ لضمان عدم التلاعب في الكمية بعد ثبوت تورّط بعض شركات المراقبة اللبنانية في التلاعب بالنوعية.

 

– منع البائع من استبدال ناقلة الفيول أو إلغائها بعد التحميل وارسال بوليصة الشحن بواسطة email وfax الى وزارة الطاقة، وعند الضرورة يتم اعتماد السعر الأدنى بين الناقلة المستبدلة والناقلة الاولى، وذلك لمنع البائع من الاستفادة من تبدّل الأسعار عالمياً.

 

– نشر جميع المراسلات (الناقلات وحركتها) وأسعارها على الموقع الإلكتروني لوزارة الطاقة.

 

– عدم السماح بتحميل أي ناقلة من أي OPL offshore port loading لمنع اي عملية transhipment والمحافظة على جودة الفيول.

 

– تخفيض الكفالة performance bond لتشجيع المشاركين، اذ إنّ نسبة 10% من قيمة العقد التي ينص عليها القانون اللبناني، والتي تقدر في هذه الحالة بحوالى 35 مليون دولار، تعتبر عالية جداً ما قد يدفع عدداً كبيراً من الشركات الى عدم المشاركة في المناقصة أو الى تضخيم الأسعار لتغطية الكلفة، خصوصاً وأنّ العقد هو عقد توريد ينقسم على عدة شحنات.

 

– اذا كان الهدف هو مشاركة أكبر عدد من العارضين العالميين، فمن الضروري اعتماد التحكيم البريطاني وهو المعتمد عالمياً في عقود النفط، أسوة بالعقد الموقع مع “سوناطراك”، خصوصاً وأنّ القضاء اللبناني غير مشجّع بالنسبة للشركات العالمية.