“سانت تيريز” تروي قصة المتوفي على بابها و”قبرشمون”: عودوا إلى الكاميرات
بعيداً عن طبول اللغة الجوفاء، التي تدق ليل نهار ممجدة “انتصارات” وزارة الصحة وعراضاتها الإعلامية كإحالة وزير الصحة العامة في حكومة تصريف الأعمال حمد حسن البارحة على النيابة العامة التمييزية مستشفيي سانت تيريز وقبرشمون الحكومي بتهمة ملفقة وإدعاء وتشكيك مفاده “رفضهما استقبال مريضين في حال حرجة وتقديم الإسعافات اللازمة لهما”… كان لا بد من ملاحقة الملفين لما عهده المواطن من تجنيات واستنسابية مع أي مستشفى لا تدور في حلقة الطاعة والرضى. وما وجدناه كان صادماً!
تقول الرواية الرسمية، التي صدرت على لسان الوزير أن “مستشفى سانت تيريز رفض استقبال مريض بـ”كورونا” أصيب بنوبة قلبية بحجة عدم توافر أسرة ولم يقدم له الفريق الطبي التابع للمستشفى أية إسعافات على الرغم من وضعه الصحي المتأزم ما أدى إلى وفاة المريض أمام باب المستشفى”، وأكد “قراره فسخ العقد الموقع مع المستشفى “لارتكابه مخالفة واضحة لبنوده”.
أما رئيسة المستشفى الراهبة بول ماري بوراشد فتروي لـ”نداء الوطن” ما حدث: ورد إتصال من غرفة العمليات التابعة للصليب الأحمر يسأل عن امكانية استقبال مريض كورونا، فكان جواب المستشفى بعدم قدرتها على ذلك لأسباب موجبة ولأن قسم كورونا ممتلئ وغرف الطوارئ وصلت إلى سعتها بحالات حرجة، وأنهم قاموا بتبليغ الوزارة بذلك. إلا أنهم تفاجأوا بوصول المريض بعد مدة من منطقة الشويفات (البعيدة نسبياً)، وكان المريض أزرق اللون وقد لفظ أنفاسه الأخيرة! ورغم ذلك، همّ اثنان من المستشفى لمحاولة انقاذ يائسة، الا أن المريض كان قد توفي، وطالبوا بادخاله إلى الطوارئ رغم أنه ميت.. فما كان من أحد أفراد الصليب الأحمر الا التهجم وضرب الممرضين والصراخ والسباب رغم محاولات متكررة بإخباره استحالة استقبال مريض متوف”. وتتابع “كما أن المريض آت من الشويفات وبالتالي جغرافياً كان يمكن أن يمر على مستشفى أقرب منا جغرافياً، كالحياة أو الحدث أو الرسول الأعظم، وإن تركه حتى وصوله إلى هنا قد عرضه لهدر وقته الثمين”، وختمت “لقد رفعنا تقريراً مفصلاً إلى الوزارة بالحادثة مع أرقام أشخاص كانوا شاهدين على الموقف كله وهم غير تابعين للمستشفى ومنهم الصحافية ميراي عيد. واليوم، تفاجأنا من الإعلام أن عقدنا قد توقف، وكان يجدر على الأقل فتح تحقيق أو إبلاغنا قبل الإعلام واحترامنا كمؤسسة خدمت وما زالت تخدم الناس وتسعفهم حتى الساعة… ونأسف لمعاملتنا على أساس أننا قتلة، في وقت نحارب في الصفوف الأولى رغم صغر حجم المستشفى، وما هذه التصرفات “المتخذة على عجلة في وقت يحتاج المرضى إلى مشاف أكثر وليس أقل؟”. ويُذكر أن السقف المالي الذي حدده الوزير لهذا المستشفى هو فقط مليار و360 مليون ليرة لبنانية (أي زاد لهم مبلغ 60 مليون ليرة فقط ما يؤكد أنه يعلم أنه مستشفى صغير).
يشعر المواطن بالفرق الشاسع وهو يقارن وضع وزارة الصحة الحالي بالأمس القريب، قرارات عشوائية غير مبنية على حقائق، وهنا ندحض ما ادعاه الوزير بأن “مستشفى قبرشمون رفض استقبال مريضة سرطان مشتبه بإصابتها بكورونا، ولم يقدم لها أية إسعافات على الرغم من وضعها الصحي المتأزم”، وتابع “لا بل إن أحد الأطباء بمساعدة من أحد عناصر أمن المستشفى اعتدى بالضرب على طاقم مسعفي الصليب الأحمر اللبناني فوقع شجار وتضارب أدى إلى عدد من الإصابات” إلا أن إدارة المستشفى قد وزعت على وسائل التواصل الإجتماعي وعلى الإعلاميين فيديوات من كاميرات المستشفى تؤكد أن القصة المطروحة “محض شائعات” كما ظهر المسعف الطبي الذي تشاجر يومها على شاشة الـ”أل بي سي” شارحاً أن القصة غير صحيحة وأن المريضة لم تمت “على باب المشفى” كما أشيع! وهنا نسأل الوزير، لماذا لم ترسل وراء مفوضكم الحكومي في مستشفى قبرشمون عصمت مطر والمعيّن في مجلس الادارة، والاستقصاء عن الأمر قبل إصدارك هذا الحكم على المستشفى؟!
وفي متابعة الأمر مع مصدر خاص من وزارة الصحة، قال لـ”نداء الوطن” ان “هذين القرارين انبثقا من مصالح ورؤى مدير العناية الطبية في وزارة الصحة دكتور الأسنان جوزيف الحلو، المعين (خلال فترة الوزير علي حسن خليل) برتبة “الإنابة” بتوصية عونية، لأنه “غير مؤهل قانوناً” باعتلاء هكذا منصب إلا بالإنابة. وأنه معروف بالتبليغ المتهور للوزراء من دون “حسن متابعة الملفات والتحقيق جيداً” وأنه سبق له أن سجنه المدعي العام مدة أسبوع بتهمة “عدم متابعة ملف مستشفى الفنار للأمراض العقلية في المصيلح الجنوبية” وقبل حوالى الخمسة أشهر “لقط” طبيب مراقب في أحد المستشفيات “عم يزعبر بالفواتير” فأوعز إلى الوزير بإقفال المستشفى!”
ليس هدفنا في تسليط الضوء إعلامياً على ما يحصل من أخطاء في الوزارة إثارة جدل بيزنطي حول “نية العمل الصحافي” ولا تحقيق سبق إعلامي، بل هو تمنٍّ في إطار رشيد يحمي “صحة المواطن” من الخلل الوظيفي والمحسوبيات والتسرع في القرارات.