ليت ما تناهى اليّ عن إسقاط وزارة الإعلام من التشكيلة الوزارية العتيدة يكون صحيحاً، فيشكل مدخلاً لإلغاء هذه الوزارة التي مازلت أطالب بإلغائها (بعشرات المقالات) منذ العام 1982 حتى اليوم. وكم واجهت من عتب ولوم من الوزراء المتعاقبين باستثناء الوزير الصديق ملحم رياشي الذي يبدو أننا نلتقي على أنّ الوزارة بمفهومها الحالي، فقدت دورها… والدور الذي حاول الرياشي أنّ يندبه إليها لم يكتمل في الإجراءات التنفيذية.
قوام وزارة الإعلام الوكالة الوطنية، فالإذاعة. وأيضاً مديرية الدراسات. وإذا كان ثمة حل لـ«الوجود غير المجدي» لهذه الوزارة فتستحضر مشروعنا الذي أنجزناه تحت إشراف الوزير الشيخ أنور الخليل… ومثل الكثير من المشاريع المجدية أقر في مجلس الوزراء قبل أن يستعاد الى «جوارير» هذا المجلس ليغرق في سبات عميق مضى عليه الآن قرابة عقدين من الزمن!
يقوم هذا المشروع على أن تتحوّل الوكالة الوطنية للإعلام الى هيئة يُشرف عليها مجلس إدارة برئيس ومدير عام. وتكون «مستقلة» مالياً وإدارياً وسياسياً عن أي تدخل أياً كان نوعه وكائناً من يكون المتدخل… على أن تخضع للمساءلة اللاحقة. وتكون منتجة أي أنها توزع في إشتراكات مقابل بَدل يسهم في نفقاتها تدريجاً حتى الوصول الى الربح الممكن.
وتكون إذاعة لبنان هيئة مماثلة بمجلس إدارة ورئيس ومدير عام أمّا «الدراسات» فتبقى مديرية يضاف الى إسمها كلمة ثالثة: فتصبح «مديرية البحوث والدراسات» وتكون جزءاً من الوكالة الوطنية للإعلام لأنه لا يمكن أن توجد وكالة أنباء، في هذا العصر من دون مركز دراسات وبحوث. وبهذا يمكن توفير عشرات فرص العمل للباحثين اللبنانيين المنتشرين في مختلف أنحاء العالم والذين تستفيد من خبراتهم مراكز البحوث والدراسات والتوثيق في دول عربية وأجنبية عديدة.
كان أحد الوزراء السابقين يتحسّس من مقالاتي التي تتناول موضوع هذه العجالة، فيقول لي: يا أستاذ ماذا يفيدك أن تلغينا؟ فأجيبه (كل مرة) يا معالي الوزير لا أحد يريد أن يلغيك… فيمكنك أن تكون وزيرا في أي حقيبة… أمّا هنا فأخبرني ما هو دورك غير التوقيع على ما لا بدّ من إتمامه (نفقات … مرتبات، تعويضات، بدل سفر…).
وعلى سيرة وزارة الإعلام في شكلها الحالي ثمة ما يلفتني باستمرار وهو ما تخبرنا به الوكالة الوطنية للإعلام من أنها عقدت إتفاقات تعاون (و…) مع وكالات في بلدان عديدة. الغريب أن في الوكالة (أو الوزارة لا أدري أين) نصوص الإتفاقات الرسمية الموقعة مع تلك الوكالات أيام كانت الوكالة تحت إدارتي ولا لزوم لإتفاقات جديدة… وعندما سألت الزميلة لور سليمان مديرة الوكالة عن هذا الواقع أجابتني انه لا يوجد شيء في الأرشيف! فأين أضحت تلك العقود. وآخر ما لفتني في هذا السياق كلام الوكالة عن عقد جرى توقيعه مع وكالة مقرها اليوم في بلد اسيوي. وللتذكير فبيننا وبين تلك الوكالة إتفاقات مبرمة وفيها بند يمنحنا حقوقاً مالية عن كل خبر أو موضوع تنقله عنّا. نذكر هذا لوضع الأمور في نصابها لأنّ الوكالة الوطنية للإعلام ليست بنت اليوم، ولا هي وُلدت معي (وإن كان يفرحني أنني نقلتها الى عالم الإلكترون والفضاء الرحب) كما لم تولد مع الزملاء الكبار الذين تعاقبوا عليها من قبل، وكان لكل منهم بصمة أو بصمات.