أكثر ما لفتني في الكلام المتبادل بين وزيري الإعلام السابق والحالية إشارة الوزيرة عبد الصمد إلى احتمال «إلغاء» الوزارة.
وهذا، في حد ذاته، موقف متقدّم نؤيده من دون أدنى تحفظ خصوصاً أنه بالنسبة لنا، على الصعيدين الشخصي والعام، مطلب مزمن لم نتوقف عنه منذ عقود. إلاّ أننا نضع اليد على القلب خشية ألاّ يتحقق، علماً أنه قرار متخذ في ورقة بعبدا الإصلاحية في آخر أيام حكومة الرئيس سعد الحريري السابقة.
ولقد كتبنا غير مرة في هذا المطلب. علماً أننا من الذين تبنّوه عملياً من خلال المشروع الذي أنجز أيام الوزير الأسبق للإعلام الشيخ أنور الخليل، ذاك المشروع الرائد الذي يقوم على عناصر أساسية أهمها: أولاً – تحويل الوكالة الوطنية للإعلام الى هيئة عامة مستقلة ذات مجلس إدارة وتخضع للمساءلة (المالية وسواها) المتأخرة، كون المادة الإعلامية لا تنتظر الروتين الإداري.
ثانياً – وأيضاً تحويل إذاعة لبنان الى هيئة مستقلة مماثلة (…).
ثالثاً – ضم مديرية الدراسات الى الوكالة الوطنية للإعلام كمديرية يشرف عليها مدير كفؤ من ذوي الاكتناز الثقافي.
المشرع الذي يُفْتَرَض أنه منفي في إدراج مجلس الوزراء يلحظ سنّ المواد القانونية التي تخوّل كلاً من الوكالة الوطنية للإعلام وإذاعة لبنان من مدخول يمكن تأمينه عبر الإعلان وبيع السلعة الإعلامية.
وفي هذه النقطة بالذات ألفتُ عناية معالي وزيرة الإعلام الى أنني عقدتُ اتفاقات مع وكالات عالمية يوم كنتُ مديراً للوكالة الوطنية قوامها تبادل المادة الإعلامية مجاناً خلال مدة محدّدة، ثم يكون أخذ المعلومة لقاء بدل… ومن أسفٍ أنّ الأحقاد والغباء على حد سواء «أضاعت» تلك الاتفاقات، فلم تُنفذ بنودها…. وكان مصيرها كمصير الاتفاقات (غير ذات المنفعة المادية) التي عقدناها مع وكالات أنباء أوروبية وآسيوية وأميركية لتبادل الخدمات… ومن أسف، أيضاً، قيل لنا إن تلك الاتفاقات (المبرمة رسمياً) هي أيضاً مفقودة! إذ فوجئنا بأن اتفاقات أخرى عقدت لاحقاً مع تلك الوكالات تحت أضواء كاشفة، وجرى لها تطبيلٌ وتزمير!
ولا بأس… فهذه مسألة ثقافة وأخلاق وتربية وكرامة!
وبيت القصيد من هذا كلّه هو أن وزارة الإعلام، بهيكليتها الحالية، لم تعد لها أي فائدة، بل هي أحد الأعباء التي تثقل كاهل الخزانة العامة التي تعاني خواءً في الأساس.
ونود أن نبني آمالاً على استعداد معالي الوزيرة للقيام بخطوات رائدة، لعلّ أبرزها، قاطبة إلغاء هذه الوزارة وإطلاق الوكالة الوطنية للإعلام والإذاعة من قيود إدارية تكبلهما.