Site icon IMLebanon

تقنين قاسٍ بعد تأمين “ملايين الدولارات”… لتأجيل الانفجار الكبير

 

انتهى عقد سوناطرك، وقررت وزارة الطاقة الاستعانة بآلية العقود الفورية المعروفة باسم Spot Cargo لتأمين الفيول أويل والغاز أويل حاجة مؤسسة كهرباء لبنان. وبالفعل، فقد أجرت في الأسبوع الماضي، العقد الأول لها لتأمين 70 ألف طنّ متري من الفيول Grade A لشهر شباط المقبل، على أن تكون الشحنة على مرحلتين، وقد أعلنت الوزارة عبر موقعها الالكتروني أنّ خمس شركات عالمية أبدت اهتمامها بالمشاركة لكن ثلاثاً فقط قدّمت عروضها فيما امتنعت شركتان عن المشاركة، وقد دُعيت الشركات الثلاث إلى اجتماع عبر تقنية الـZoom meeting لفضّ العروض بحضور لجنة التلزيم ومندوبي الشركات، وقد تبيّن أنّ عرضاً واحداً لم يتطابق مع الشروط المحددة بموجب العرض وتمّت مراسلة الشركة للاستجابة للشروط لكنها أبلغت الوزارة عدم امكانيتها استيفاءها وبالتالي انسحبت من المناقصة، فتمّ تلزيم المناقصة للعرض الذي قدّم السعر الأدنى.

 

 

 

اللافت أنّ الوزارة لم تعلن اسم الفائز بالعقد، ليتبيّن أنّ شركة ZR Energy هي التي قدّمت السعر الأدنى لتكون الشركة “العالمية” وفق توصيف نتائج العرض المقدم من جانب الوزارة، وهي التي سيُعهد إليها تأمين الكمية المطلوبة من الفيول إلى مؤسسة كهرباء لبنان، مع الإشارة إلى أنّ الشركة ذاتها كانت تتولى هذه المهمة وفق عقد ضمني مع شركة “سوناطراك”، وهي التي ورد اسمها في ملف “الفيول المغشوش” وتمّت ادانتها في القرار الظني، لكنّ وزارة الطاقة لم تتمكن من إخراجها من المناقصة بعد استشارة هيئة القضايا والاستشارات في وزارة العدل التي اعتبرت أنّ الشركة لا تزال تتمتع بقرينة البراءة طالما أنّ لا حكم نهائياً صادراً بحقها. لكن العقد الفوري الموقّع معها سيُحمّل الوزارة مسؤولية مضاعفة اذا لم تتمكن من مراقبة الفيول المستورد.

 

كذلك الأمر، أعلنت وزارة الطاقة بداية هذا الأسبوع عن حاجتها إلى 35 ألف طنّ متري من الفيول أويل Grade B، عبر آلية العقود الفورية يفترض الاعلان عنها خلال الأيام القليلة المقبلة. واذا كانت هذه الآلية قادرة على تأمين أسعار تنافسية، يتردد وفق بعض المتابعين أنّها قد توفر على الخزينة العامة أكثر من 40 مليون دولار سنوياً، حيث تقدمت شركة ZR Energy بعرض قيمته +22 دولاراً، فيما كان لبنان دفع +27.75 دولاراً عن كل طنّ متري من الفيول اويل لشركة سوناطراك تضاف إلى كلفة سعر الطنّ عالمياً، فإنّ التحدي الأصعب بالنسبة للخزينة العامة هو تأمين الدولارات الطازجة كلفة هذا الفيول. فضلاً عن ذلك، تواجه الخزينة العامة معضلة دفع مستحقات وزارة الطاقة لشركة “كارادينيز” التركية المالكة والمشغلة لبواخر الطاقة في لبنان، والتي يتردد أنّ قيمتها تخطت التسعين مليون دولار، يفترض تسديدها كي لا تتوقف هذه المعامل العائمة عن انتاج الطاقة، حيث يسأل البعض ما اذا كانت اعتبارات سياسية تتصل بالدولة التركية هي التي تملي عليها عدم الضغط على لبنان لدفع مستحقاته.

 

في هذه الأثناء أيضاً، يُنتظر قريباً أن تنهي عقود مقدّمي الخدمات الذين يعملون منذ ثمانية أعوام تخلفوا عن المهام المطلوبة منهم ضمن المشروع، وأبقوا على مهمتين اثنين فقط: الجباية نيابة عن مؤسسة كهرباء لبنان والصيانة التي يعانون من تنفيذها بسبب عدم القدرة على استيراد المعدات اللازمة، وسط سؤال متعارض في جوانبه حول كيفية التعامل مع هذه الشركات، اذ إنّ التمديد لها من جديد هو ضرب من ضروب الهدر المقونن (طلبت مؤسسة كهرباء لبنان من مصرف لبنان 80 مليون دولار مقابل عقد مشروع مقدمي الخدمات بما فيه تأمين العدادات الذكية)… أما الاستغناء عنها فسيفتح باب البحث عن بديل من شركات خاصة عبر اجراء مناقصة قد لا تشجّع أياً من الشركات الجديّة وسط انهيار مالي غير مسبوق. ولكن قبل انتهاء هذه العقود، لا بد من اجراء تقييم جدي لها وللقيمة المضافة التي قدمتها للقطاع، ومن ثمّ اجراء مناقصة شفافة تجذب شركات عالمية ذات خبرات عالية قادرة على تطوير القطاع، أو العمل وفق مندرجات ورقة المبادرة الفرنسية أي تطبيق القانون 462/2002 فوراً ومن دون إلحاقه بأي تعديلات، ما يعني دحض فكرة الشراكة الجزئية للتوزيع والتي تقوم على أساسه عقود مقدمي الخدمات.

 

الجديد في ما يتمّ تداوله في أوساط بعض المعنيين، أنّ هناك حرصاً من جانب المنظومة السياسية الحاكمة على عدم بلوغ العتمة الشاملة، كون هذا الواقع سيفجّر البلد برمته، ولذا فإن قطاع الكهرباء قد يكون آخر القطاعات المفلسة، حيث يُعمل مع مصرف لبنان ضمن تقاطع سياسي على تأمين حاجات المؤسسة من الدولارات ولكن بعد اعتماد تقنين قاس قد يصل الى حدود تأمين التيار الكهربائي لخمس ساعات يومياً فقط. المعطى السلبي في هذه المشاورات يكمن في اصرار مصرف لبنان على استبدال ما يدفعه بالدولار، بالليرة اللبنانية من مؤسسة كهرباء لبنان. لكن الأخيرة تعاني من عجز تفاقمت حدّته مع تراجع الجباية إلى حدودها الدنيا.