IMLebanon

وزارة للمهجّرين… من دون مهجّرين!

 

 

مذ تسمية ملحم رياشي وزيراً للإعلام، تصدّر اقتراح إلغاء الوزارة واستبدالها بـ”وزارة للحوار والتواصل”، بعدما استنفدت هذه الإدارة دورها وباتت جزءاً من الحِمل الثقيل الملقى على كتفيّ الإدارة العامة. هكذا، أدرجت حكومة الرئيس سعد الحريري الأخيرة في بيانها الوزاري بند إلغاء وزارة الإعلام، والاستعاضة عنها بالمجلس الوطني للإعلام، فسارع الرياشي يومها إلى التغريد قائلاً: “تحية من صميم القلب، إلى الوزير الصديق جمال الجرّاح الذي تبنّى مشروع إلغاء وزارة الإعلام، وجعله بنداً في البيان الوزاري، عسى ألا يبقى البيان حبراً. خير خَلَف”.

 

أكثر من ذلك، تضمّن البند الثاني من الورقة الإصلاحية التي أقرتها حكومة الحريري ذاتها، في 21 تشرين الأول 2019، بعد اندلاع “انتفاضة 17 تشرين”، عنواناً جذاباً يفيد بـ”إلغاء ودمج بعض الوزارات والمؤسسات والمرافق العامة: الموافقة على الغاء وزارة الاعلام وتكليف الجهات المعنية إعداد النصوص اللازمة لذلك في مهلة اقصاها 30/11/2019، مع حفظ حقوق الموظفين وفقاً للقوانين والانظمة المرعية الإجراء. والطلب الى الوزراء المعنيين وسلطات الوصاية، وتطبيقاً لنص المادة /83/ من قانون موازنة العام 2019، رفع تقرير عن المؤسسات العامة وكافة المرافق العامة الخاضعة لوصايتهم التي يمكن إلغاؤها أو دمجها مع إدارات أو مؤسسات أخرى لا سيما المؤسسة العامة للأسواق الاستهلاكية، والمؤسسة العامة للزراعات البديلة، والمؤسسة العامة للزيتون وزيت الزيتون، والمؤسسة العامة لتمويل الدورات الرياضية الكبرى وغيرها، ورفع التقرير إلى اللجنة المشكلة لهذه الغاية بموجب قرار مجلس الوزراء رقم 3 تاريخ 12/9/2019 وذلك في مهلة أقصاها 15/11/2019”.

 

لكن الحريري فضّل يومها القفز من المركب الآخذ في الغرق على وقع ضربات الشارع، ليعود مكلّفاً على دماء شهداء الرابع من آب 2020، بعد تقديم حكومة حسّان دياب استقالتها. ووضعت الورقة الإصلاحية في سلّة المهملات، وسمّيت منال عبد الصمد وزيرة للاعلام (توسّعت في دورها إلى الشأنين المالي والاقتصادي)، وأبدت رفضها فكرة “إلغاء وزارة الاعلام نظراً الى الدور الفعال الذي يمكن ان تلعبه من دون منافس، لكونها إعلاماً عاماً منظماً لقطاع الاعلام وان دور وزارة الاعلام في الازمة الحالية ضروري أكثر من أي وقت مضى”، معتبرة انه “يمكن اعادة النظر في دورها وهيكليتها لكن ليس في اطار إلغائها”. وها هو “النجم” جورج قرداحي يسمّى وزيراً للإعلام في حكومة المهمة المستحيلة والتي يفترض بها أن تنتشل المالية العامة من حضيضها!

 

كذلك الأمر بالنسبة لوزارة المهجرين التي لا تزال تعمل على ملفات صار عمرها عشرات السنين، وقد تآكلها الغبار وملّ منها أصحابها. سبق لوزير المهجرين الأسبق غسان عطاالله أن أعلن في أكثر من مناسبة عن بدء البحث في ما بعد إقفال الوزارة. كذلك فعلت الوزيرة السابقة غادة شريم التي اعتبرت أنّه “لا داعي لبقاء وجود وزارة المهجرين ويمكن إدارتها من وزير آخر حتى اقفال الملفات”، ثم دعت لإلغائها واستحداث وزارة للتخطيط.

 

تقول شريم لـ”نداء الوطن” إنّ المهمة المتبقية للوزارة لا تستحق بقاءها، بمعنى أنّه يمكن تحويل وزارة المهجرين إلى مديرية ضمن وزارة أخرى، أو ترك الصندوق المركزي للمهجرين، يتولى مهمة إنجاز ما تبقى من وظائف”.

 

وتشير إلى أنّ “كل ملفات الوزارة المتصلة بملف المهجرين تمّت مكننتها، وقد تولى الموظفون المعنيون الاتصال بعدد كبير من أصحاب الملفات لتقديم ما تبقى من وثائق أو تسوية ملفاتهم العالقة في الوزارة كي يحصلوا على مستحقاتهم، لكن الكثير من هؤلاء فضّل عدم متابعة ملفاته، أو بسبب جائحة كورونا أو لكون المبلغ الذي سيحصّلونه (30 مليون ليرة) لا يستحق عناء تأمين الوثائق اللازمة”.

 

وتلفت إلى أنّ هناك حوالى 6500 ملف إعادة اعمار لأشخاص تبيّن أنّهم يستحقون تحصيل حقوقهم من الصندوق، ليكون الملف الوحيد العالق في الوزارة هو ملف الترميم المنجز إلا أنّ متابعته تحتاج إلى إعادة مراجعة وقرار من مجلس الوزراء، كونه ملفاً متضخماً جداً ويحتاج إلى تدقيق استثنائي وقد يكون مستحيلاً.

 

ولهذا تقول إنّها سبق وأعلنت إنّ الوزارة أنهت وظيفتها ولا بدّ من إعادة النظر بدورها، من هنا كان البحث بتحويلها إلى وزارة تنمية ريفية أو محلية تستفيد من الكادر البشري الموجود (حوالى 120 موظفاً)، وذلك من باب وضع الدراسات والتخطيط في سبيل تحويل الاقتصاد من ريعي إلى منتج من خلال تثبيت الناس في أرضهم. وقد وضعت استراتيجية ورؤية لدور هذه الوزارة في المرحلة المقبلة، وهذا ما أكده الوزير الحالي في أول جلسة لمجلس الوزراء، مع العلم أنّ هذا الانتقال في الدور والوظيفة والاسم، يحتاج إلى قانون.

 

وفي مطلق الأحوال، فإنّ تسليط الضوء على وزارة المهجرين أو وزارة الاعلام، ليس الا من باب تذكير الحكومة ببعض البنود الإصلاحية التي لا بدّ منها، حتى لو لم يفرضها المجتمع الدولي كشرط لتقديم الدعم، وفي طليعتها إعادة النظر ببعض الإدارات والصناديق والهيئات والمؤسسات العامة التي تشكل باباً شرعياً للهدر والفساد.