مفارقات على هامش الانتخابات البلدية في طرابلس
الأقليات، الأحدب بلا جاذبية.. و«الشباب» حققوا أرقاماً
بغض النظر عن الانتصار المدوّي الذي حققته لائحة «قرار طرابلس» المدعومة من الوزير أشرف ريفي والتي فازت بـ16 مقعدا، في وجه لائحة «لطرابلس» المدعومة من التحالف السياسي العريض والتي فازت بثمانية مقاعد، فإن الانتخابات البلدية والاختيارية شهدت مفارقات على أكثر من صعيد لا بد من التوقف عندها، لا سيما على صعيد عدم التمثيل المسيحي والعلوي في المجلس البلدي الجديد.
من المعروف أن أي معركة بلدية في طرابلس تطيح تمثيل الأقليات، وقد حصل ذلك في العام 2004 عندما خاض الرئيس الراحل عمر كرامي معركة بلائحة برئاسة الراحل العميد سمير شعراني في وجه تحالف سياسي عريض كان داعماً للائحة برئاسة المهندس رشيد جمالي، وقد نجح كرامي في حينها بتسعة مقاعد، وخسر مرشحو الأقليات باستثناء المرشحة ليلى شحود (علوية) التي انتُخبت مجددا في العام 2010.
وأعاد التاريخ نفسه، في الانتخابات البلدية الحالية، حيث أدت حماوة المعركة الانتخابية الى إطاحة المرشحين المسيحيين والعلويين الخمسة، الأمر الذي اعتبره وزير الداخلية نهاد المشنوق «جريمة وطنية»، لكن الأرقام التي أذاعتها وزارة الداخلية أظهرت أن طرابلس جسدت عيشها المشترك من خلال التصويت بكثافة للمرشحين المسيحيين والعلويين في اللائحتين والذين نال بعضهم أرقاماً أعلى من الأرقام التي حققها مرشحون من المسلمين السنّة، حيث نال المرشحون فرح عيسى ووليد مبيض وربيع عبود من الطائفة الأرثوذكسية، وجورج زبليط (ماروني) وزين وهيب الديب (علوي) أرقاماً تتراواح بين 15015 صوتا و15763 صوتا، فيما نال الفائزون الأربعة الأواخر أرقاماً تتراوح ما بين 15914 صوتاً و16010 أصوات أي بفارق أقل من 300 صوت.
وإذا كان أول مسببات قيام التحالف السياسي العريض بدعم لائحة توافقية، هو من أجل ضمان تمثيل الأقليات، فإن الناخبين الطرابلسيين التزموا بهذا التوجه ومارسوا قناعاتهم في ضرورة إيصال مجلس بلدي متنوع طائفياً ومذهبياً، لكن ضراوة المعركة، والتداخل العائلي في المدينة حالا دون تمكن أحد منهم من تحقيق أي خرق، ما يؤكد أن الخيار في التصويت كان للتفضيل بين المرشحين وليس للتشطيب.
وفي الإحصاءات الأولية، أن الناخبين المسيحيين ونظراً لوجود مرشحين كثر، اعتمدوا التشطيب في ما بينهم ولم يلتزموا بمرشحين على لائحة واحدة، في حين أن الناخبين العلويين لم يلتزموا بغالبية مرشحيهم، احتجاجاً على عدم الأخذ برأي المجلس الإسلامي العلوي بتسمية المرشحين العلويين، ما يعني أن الأصوات التي حصل عليها المسيحيون والعلويون بمجملها كانت من المسلمين.
وبالرغم من كل ذلك، فقد نفذ العلويون وقفة احتجاجية عند مدخل جبل محسن، لعدم تمثيلهم في المجلس البلدي، ولعدم انتخاب مخاتير لهم، علما أن مرشحاً علوياً هو علي عجايا (الثورة) فاز ضمن لائحة التبانة الاختيارية، في حين أن العرف يقضي بتمثيل الطائفة العلوية بأربعة مخاتير، وبرز في هذا الإطار اقتراح يتم التداول به، يقضي بقيام وزارة الداخلية برفع عدد مختاري التبانة ـ جبل محسن الى 14 بدلاً من 12 وأن يتم إدخال أول اثنين من المرشحين العلويين الخاسرين.
ومن المفارقات أيضاً في هذه الانتخابات، هو تقدم نائب سابق للترشح الى رئاسة البلدية هو مصباح الأحدب الذي شكل لائحة غير مكتملة من 18 عضواً، لكن يبدو أن الطرابلسيين لم يأخذوا ترشيحه على محمل الجد، بالرغم من إعلان لائحته وقيامه بجولات انتخابية فنال 4976 صوتاً، في حين أنه نال منفرداً في الانتخابات النيابية في العام 2009 أكثر من 17 ألف صوت.
وكانت لافتة للانتباه أيضا، اللائحة الشبابية التي حملت اسم طرابلس 2022، والتي خاضت معركتها من دون أي دعم مالي وسياسي، بل بإمكانات فردية ضعيفة جدا، وضمت ثلاثة مرشحين حققوا أرقاماً مقبولة فنال أحمد زهير حلواني 2877 صوتاً، ورستم يمق 2258، ونزيه فينو 2110، ويشير تقارب الأرقام أن نحو ألفي ناخب التزموا بهؤلاء الشباب أملا في التغيير.