توطدت العلاقة بين نجيب ميقاتي وفيصل كرامي، بعد رحيل الرئيس عمر كرامي. بدا ميقاتي حريصاً على التصرف وكأن وريث البيت الكرامي يخصّه، لا بل جزء لا يتجزأ من عائلته. تعاون سياسي وعلاقة شخصية، ميزّت ابنَي طرابلس، إلى أن أتت الانتخابات النيابية
بعد صدور نتائج الانتخابات النيابية في الثامن من أيار الماضي، وحديث النائب فيصل كرامي عن وجوده في تكتل واحد مع تيار المردة، وقوله إنّه سيكون مع النائب السابق سليمان فرنجية «حتى النهاية، لأنه كان دائماً إلى جانبنا كما كنّا دائماً إلى جانبه»، وإيحائه بأنه لن يكون ضمن تكتل برئاسة رئيس الحكومة الأسبق نجيب ميقاتي، اشتعلت حساباتٌ على مواقع التواصل الاجتماعي، مُهاجمةً «الأفندي».
خيضت «معركة» في العالم الافتراضي، مُحرّكة الغرائز المناطقية والطائفية، في محاولةٍ لضرب الحالة التي يُمثّلها نجل عمر كرامي ووريثه السياسي. حُكي في الشارع الطرابلسي أنّ هذه الحملة يقف وراءها تيار العزم، الذي كان يُعوّل على كرامي والنائب جهاد الصمد كجزء من تكتّل نيابي واحد برئاسة ميقاتي. ولوحظ أن أياً من كوادر «العزم» لم يتبنَ الحملة ضدّ كرامي، لا بل على العكس، شدّد فريق الرئيس نجيب ميقاتي على العلاقة المتينة بين نائبَي طرابلس. كذلك الأمر بالنسبة إلى كرامي، الذي ما انفك يُؤكد حقّ ميقاتي في حصة وزارية. ولكن، كان هناك ما «يُبرّر» أن تتجّه الأنظار صوب «العزم» في الحملة على رئيس تيار الكرامة. فالعلاقة بين الرجلين مرّت بفترة «برودة» سبّبتها الانتخابات النيابية، وتحديداً قصّة التكتل النيابي.
اعتبر «الميقاتيون» أنّ كرامي نكث بوعده بأن يكون بعد الانتخابات في تكتل نيابي واحد مع ميقاتي. وقد توصلا إلى ذلك، بحسب الميقاتيين، بعد أن اتفقا على خوض الانتخابات بلائحتين منفصلتين، بغية محاولة ربح أكبر نسبة من المقاعد، مع توفير كل منهما دعمه للآخر على المستويات كافة. ولم يهضم «العزم»، التزام كرامي بالتكتل مع النائب طوني فرنجية وليس مع ميقاتي.
الردّ يأتي من مطلعين على أجواء كرامي، بأنّ ميقاتي «تخلّى في الانتخابات النيابية عن كرامي والصمد، بعد دراسات انتخابية بينّت له أنّ من مصلحته تشكيل لائحة من دون حلفاء». حاول تيار العزم ضمّ تيار المردة إلى لائحته، «ولكنّ سليمان فرنجية فضّل أن يكون مع كرامي والصمد، رغم إدراكه أنّ حظوظ فوزه مع ميقاتي كانت مرتفعة». من الطبيعي أمام ما حصل، «أن يتحد الثلاثة (فرنجية — كرامي — الصمد) بعد الانتخابات في تكتل واحد، كانوا يريدونه أن يشمل ميقاتي».
تقول مصادر مُقرّبة من ميقاتي إنّه «لم يكن هناك اتفاق واضح قبل الانتخابات على تشكيل تكتل، لاعتبار ميقاتي وكرامي أنّ حصول ذلك من البديهيات». ولكن ما طرأ، أنّ حسابات رئاسة الحكومة والحصة الوزارية التي سينالها كلّ فريق، «دفعت بميقاتي إلى الطلب من طوني فرنجية وكرامي العمل على التكتل ببطء وتأن، ولكنّهما فضّلا الإسراع في الإعلان عن التكتل».
لا تستبعد المصادر تشكيل ميقاتي والتكتل الوطني تكتلاً واحداً بعد تشكيل الحكومة
على الرغم من ذلك، لا تستبعد مصادر تيار العزم أن يعود ميقاتي، الحريص على تظهير تمايزه عن 8 آذار وخصوصيته، «إلى الالتحام مع التكتل الوطني، في تكتل واحد، ولكن بعد انقشاع مشهد الحكومة الجديدة».
النقطة الثانية التي «خربطت» العلاقة بين ميقاتي وكرامي، تتعلق بالحكومة الجديدة، وبانقسام النواب السنّة المُعارضين لتيار المستقبل إلى معسكرين: واحد يضم ميقاتي، والثاني يضم النواب المُقرّبين سياسياً من فريق 8 آذار، وكلّ معسكر منهما يُطالب بحقيبة وزارية انطلاقاً مما أفرزته الانتخابات من وقائع.
استغّل البعض تشكيل الحكومة من أجل زرع الفتنة بين ميقاتي وكرامي. فوصلت إلى مسامع الأخير «خبرية» أنّ ميقاتي يُعارض توزير كرامي، فما كان منهما إلا أنّ تواصلا هاتفياً. رئيس الحكومة السابق نفى أي كلام من هذا النوع، فيما أكد كرامي أنّه أصلاً لم يُصدّق «الإشاعة». قبل حوالى أسبوعين، سجّل تواصل جديد بين الرجلين، وكان كلام سياسي واضح على «تأكيد التواصل، وتنظيم أي اختلاف بينهما»، بحسب مصادر متابعة لهما. وتُضيف بأنه «دائماً كانت العلاقة بينهما على هذه الصورة. إن اتفقا يتفقان، وإن اختلفا يتفقان على تنظيم الاختلاف».