IMLebanon

ميقاتي لـ«الجمهورية»: هذه قصّة اللقاء مع الحريري

 

إستحوذ «اللقاءُ التشاوري» الأخير بين رؤساء الحكومات السابقين والرئيس المكلّف سعد الحريري على الانتباه، خصوصاً أنه أتى في عزّ التجاذب السياسي حول تركيبة الحكومة الجديدة، وما يرافقه أحياناً من كلام في شأن الصلاحيات ومصير التكليف الممنوح للحريري إذا استعصى عليه إنجاز التأليف في وقت قريب.

ولِئن كان من الطبيعي والبديهي حضور الرئيسين فؤاد السنيورة وتمام سلام في الاجتماع مع الحريري الذي تربطهما به أواصر قربى سياسية من الدرجة الأولى، إلّا أنّ وجود الرئيس نجيب ميقاتي اكتسب نكهة خاصة ومعنىً إضافياً، من حيث الشكل والمضمون، في اعتباره من المعارضين الشرسين للحريري والمرشحين الدائمين لرئاسة الحكومة، علماً أنّ حبرَ الحملات المتبادلة بين ميقاتي وتيار «المستقبل» خلال الانتخابات النيابية الأخيرة لم يجفّ بعد.

وليس خافياً أنّ رئيس تيار «المستقبل» ليس متحمِّساً، أقلّه حتى الآن، لتمثيل ميقاتي وكتلته النيابية بوزير في الحكومة الجديدة، أولاً لعدم رغبته في تقوية منافسه الاقوى شمالاً، وثانياً بسبب تحسّسه حيال مبدأ الإقرار بأيِّ حضورٍ لمعارضيه أو لمنافسيه السنّة في مجلس الوزراء، على حساب حصة «المستقبل» التقليدية.

لكن يبدو واضحاً أنّ لدى الحريري وميقاتي ما يكفي من البراغماتية والواقعية، لكي يتحكّم كلّ منهما بهواجسه حيال الآخر، بدل تركها تتحكّم بهما، وبالتالي بات الرجلان قادرَين على إدارة خلافهما وضبط وتيرته على إيقاع مصالحهما، فيلتقيان حيث تتقاطع الحسابات ويتصادمان حيث تفترق.

ويشرح ميقاتي لـ«الجمهورية» ظروفَ انعقاد اجتماع رؤساء الحكومة السابقين مع الحريري في بيت الوسط، قائلاً: خلال الايام الماضية كان التواصل قائماً بيننا هاتفياً، لكن ارتأينا أن نلتقي في ما يشبه الصالون السياسي، ونتداول في الوضع العام بدل الاكتفاء بالاتّصالات الهاتفية. ويضيف: لقد بحثنا في ملفّ تشكيل الحكومة وكيف يمكن تحريك الامور ودفعها الى الامام، وأكّدنا أننا ندعم الرئيس سعد الحريري في مهمته ونقف الى جانبه، لأنّ الظرف صعب، وهناك تحدّيات كبرى تواجه لبنان تتطلّب تعاونَ الجميع لمواجهتها.

ويشير ميقاتي الى أنّ المهم ليس فقط الانتهاء من تشكيل الحكومة في أسرع وقت ممكن، «وإنما المطلوب بعد ذلك أن تكون منتجة وأن ترتقي الى مستوى المسؤوليات الملقاة على عاتقها، وهذا هو الأهم بالنسبة الى اللبنانيين».

ويؤكّد ميقاتي أنه تمّ التشديد خلال اللقاء على رفض أيِّ كلام أو تلميح في شأن سحب التكليف من الحريري، لافتاً الى «أنّ مقام رئاسة الحكومة يهمّنا ولا نقبل بأيّ تعرّض له ولصلاحياته».

ويعتبر ميقاتي أنه من الضروري تشكيل حكومة توحي بالثقة، مشدّداً على أهمّية أن تضمّ وزراءَ سياسيين فاعلين ومتمكّنين، بحيث يكونون قادرين على التصدّي للملفات المطروحة واتّخاذ القرارات المطلوبة في صددها، منبِّها الى أنّ المرحلة لا تتحمّل وزراء موظفين أو من المصنّفين درجة ثانية، «لأنّ التحدّيات التي تواجهنا هي دقيقة ولا يجوز التهاون أمامها، من النازحين الى الوضع الاقتصادي مروراً باستكمال تطبيق اتفاق الطائف ومناقشة الاستراتيجية الدفاعية».

ويعتبر ميقاتي أنّ من حقّ تكتّله النيابي أن يتمثل بوزير، سواءٌ كان سنّياً أو غير سنّي، مشيراً الى «أنّ تكتّلنا عابر للطوائف ونحن لا نتوقف عند الهوية الطائفية للوزير الذي يجب أن يمثلنا»، وموضحاً أنه سبق له أن ناقش هذا الامر مع الحريري خلال الاستشارات النيابية «وأكّدتُ له حقنا في أن نتمثّل في الحكومة المقبلة التي ينبغي أن يشارك فيها الجميع، حتى تستطيع أن تؤدّي بنجاح دورها الإنقاذي».

ويتعاطى ميقاتي بشيءٍ من البرودة مع تجمّع النواب السنّة الموجودين خارج «المستقبل»، موضحاً أنه لم يُدع أصلاً الى اللقاء الذي عقدوه، «ولم أكن على علم مسبق بهذا اللقاء الذي عرفت به من وسائل الإعلام»، ومشيراً الى أنه حتى «لو وُجّهت إليّ الدعوة لحضوره فإنني كنتُ سأعتذر عن تلبيتها لأنني أفضل المحافظة على خصوصيّتي وعدم استقطابي في هذا الاتّجاه أو ذاك».

ويلفت ميقاتي الى أنّ كلّاً من هؤلاء النواب ينتمي أصلاً الى كتلة سياسية أخرى، «ولكنهم جمعوا أنفسَهم فجأة، وبالتالي لا أعرف ما إذا كان يجب تمثيلهم في الحكومة كحالة سنّية قائمة بحدّ ذاتها، إنما الأكيد أنه ينبغي أن تتمّ مراعاة الحيثية الشعبية والسياسية للنواب السنّة العشرة المستقلّين عن تيار «المستقبل».