تتساءل أكثر من جهة سياسية عن جولات رئيس الحكومة نجيب ميقاتي إلى كل من تركيا والفاتيكان، في حين تغيب جولاته عن بعض الدول المؤثّرة في لبنان سياسياً واقتصادياً، وهذا من الطبيعي في ظلّ التطورات المتسارعة على خط الأزمة مع دول الخليج. وفي هذا المجال تشير معلومات إلى أن رئيس الحكومة، تلقى اتصالات مؤخراً من أصدقائه من كبار المسؤولين الأتراك بغية وضعه في أجواء تواصلهم مع الدول الخليجية، بعدما وعده وزير الخارجية التركي محمد جاويش أوغلو، بأنه سيتولى مهمة الوساطة مع قيادات دول مجلس التعاون الخليجي، مع العلم أنه كان سبق لميقاتي، وقبل زيارة أوغلو إلى بيروت، أن كان في هذه الأجواء عندما التقى بالرئيس التركي رجب الطيب أردوغان. وبالتالي ليس هناك أي شيء على النار أو ثمة خطوات من شأنها أن تؤشّر إلى أن هناك إيجابيات لعودة الأمور إلى ما كانت عليه أو حتى نوعاً من الحلحلة على هذا الصعيد.
وعليه تضيف المعلومات، أن رئيس الحكومة يحاول، وأمام تعطيل مجلس الوزراء والوقت الضائع داخلياً وخارجياً، وقبل الإستحقاق الإنتخابي النيابي، الحصول على بعض الدعم، ولو ليس بالمستوى المطلوب، من أجل الحفاظ على بعض مقوّمات الصمود إجتماعياً وطبياً وتربوياً من بعض الدول ومنها تركيا، إذ ثمة أجواء من أنه قد يحصل على دعم في هذا الإطار بفعل صداقته مع الرئيس التركي، خصوصاً وأن بعض المساعدات قد قدمتها أنقرة إلى لبنان في الآونة الأخيرة، كما أن القيادة التركية تملك دوراً مؤثراً يمكن من خلاله مساعدة لبنان في حلّ أزماته مع دول الخليج، إلى ملفات أخرى سياسية وأمنية واقتصادية.
وفي هذا المجال أيضاً تندرج زيارة ميقاتي إلى الفاتيكان، حيث تشير المعلومات نفسها إلى أن طابعه تقليدي وروحي، لما يربط الكرسي الرسولي بلبنان من علاقات تاريخية، في الوقت الذي ما زال فيه الفاتيكان يلعب دوراً واضحاً من خلال الضغط على زعماء دول القرار المعنية بلبنان، لحضّهم على مساعدة اللبنانيين لخروج هذا البلد من النفق الذي يقبع به، وعليه، فإن ميقاتي سيطلب من قداسة البابا فرنسيس الأول، المساعدة في هذا السياق.
وتوازياً، تؤكد المعلومات المتابعة لحركة رئيس الحكومة وللمسار السياسي العام، بأن لبنان أمام محطات مفصلية خلال الأسابيع المقبلة، وفي المقابل، ليس بوسع ميقاتي أو سواه في مثل هذه الظروف أن يتوصل إلى حل الأزمات الكبيرة ودفع المجتمع الدولي إلى مساعدة لبنان بالشكل الذي كان يحصل في محطات سابقة، من خلال مؤتمرات دعم مباشر، حتى أن الأموال التي خصصها مؤتمر»سيدر» مجمّدة ولم تُصرف في هذه المرحلة، لارتباطها بشروط سياسية وإصلاحية وأمور أخرى، وقد تعقدت هذه المسألة أكثر بعد الأزمة اللبنانية ـ الخليجية، ما يعني أن رئيس الحكومة يعمل على تدوير الزوايا وإبقاء الخطوط مفتوحة مع بعض الدول التي يمكن أن تشكّل سنداً للبنان في هذه الظروف الإستثنائية ، بمعنى أن هناك استحقاقات في المنطقة لها صلات وتأثير على مجريات الأوضاع المحلية، في حين يزداد حجم المخاوف مع انهيار العملة الوطنية ودخول لبنان في الفوضى المجتمعية.
وعلى هذه الخلفية، تكشف المعلومات بأن تدابير أمنية بدأت تتخذ خوفاً من أي تطورات مستجدّة في خضمّ الوضع الحالي المأزوم سياسي واقتصادياً وحياتياً، في ظل انسداد الأفق وعدم بروز أي مؤشّرات إيجابية قد تنبئ بمعاودة جلسات الحكومة في وقت قريب، على الرغم من اللقاء الرئاسي في بعبدا.