بعد معاناة دامت اكثر من سنتين، توصلت القوى المجلسية والسياسية الى توافق على سلسلة الرتب والرواتب المتعلقة بالمعلمين والعسكريين وموظفي القطاع العام على اساس التوازن بين الواردات والنفقات بحيث لا يؤدي اقرار السلسلة الى ارتفاع في اسعار المواد الغذائية وغيرها، والى تضخم اقتصادي عام، يؤثر على الاستقرار المالي للدولة اللبنانية علماً بأن لبنان هو الاغلى في الاسعار بين كل دول العالم.
مبروك للمعلمين الذين صمدوا طوال مدة المعاناة للحصول على حقوقهم المشروعة، ومبروك ايضاً للعسكريين والاداريين وكل موظفي القطاع العام الذين لحقت بهم تسوية اوضاع المعلمين ومبروك لمجلس النواب الذي نجح بعد جدال سقيم استمر سنوات في التوصل بين مكوناته الى اتفاق بشأن زيادة او تعديل رواتبهم بما يتناسب مع الارتفاع الجنوني في تكاليف المعيشة، وهو الذي كان رافضاً لهذه الزيادة لانها تشكل عبئاً كبيراً على خزينة الدولة ولكن متى نبارك له في الاتفاق على انتخاب رئيس جديد للجمهورية وقد مضى حتى الآن اكثر من اربعة اشهر بقليل على الشغور في رئاسة الجمهورية وليس في الافق ما يؤشر الى ان مجلس النواب ومعه القوى السياسية اقتربت من الاتفاق على رئيس جديد للبلاد، بقدر ما يؤشر الى ان الازمة طويلة، اكثر مما هو او ما كان مقدراً لها بعدما ربطها السياسيون بالخارج وبالتطورات التي يشهدها المسرح في منطقة الشرق الاوسط وفي العالم اجمع.
اللبنانيون يعلمون جيداً ان قضية مثل انتخاب رئيس جديد للجمهورية لا تحسمها القوى المحلية بقدر ما تديرها وتحسمها القوى الخارجية هذا ما حصل قبل الاتفاق في مؤتمر الدوحة على الرئيس العماد ميشال سليمان، وهذا ما حصل قبل الاتفاق على انتخاب الرئيس الشهيد بشير الجميل وهذا ما كان يحصل في كل موسم انتخابات رئاسية منذ الرئيس المرحوم بشارة الخوري وحتى آخر رئيس في هذه الجمهورية التي يفرض عليها الخارج كيفية ادارة شؤونها.
لا جواب شافياً على هذا السؤال في الوقت الحاضر، لانه لم يتغير شيء منذ انتهاء ولاية الرئيس ميشال سليمان، لا على الارض ولا في السماء، وما زال كل فريق يتمترس وراء طموحاته الشخصية، والقوى الخارجية التي تدعمه وتصوب خطاه يميناً وشمالاً والى الوراء والى الامام، واوضح دليل على ذلك العماد ميشال عون الذي رغم اقتناعه بان لا امل له في الحصول على اصوات النواب السنة للوصول الى رئاسة الجمهورية ما زال يعاند ويصر على المضي في الترشح لرئاسة الجمهورية بحجة انه هو الأكثر تمثيلاً بين المرشحين وغير المرشحين في حين ان الحقيقة هو انه مرتبط بارادة خارجية تفرض عليه مثل هذا التصرف وتحديداً هو مرتبط بدولة ايران التي طالبها رئيس الحكومة تمام سلام بشخص رئيس جمهوريتها حسن روحاني بأن تفك اسر انتخابات رئاسة الجمهورية كما فعلت وفكت اسر تشكيل الحكومة الحالية التي استمرت ازمتها اكثر من عشرة اشهر، فهل تحصل المعجزة وتستجيب ايران لطلب رئيس حكومة لبنان ام انها سوف تستمر في لعبة استمرار الشغور على اعتبار ان اللعبة تتعلق بالشرق الاوسط ولبنان جزء صغير من هذه اللعبة لكنه محكوم بنتائجها وتحولاتها.