الرئيس المكلف سعد الحريري أكثر في طلته التلفزيونية مع مرسيل غانم من توجيه النصائح إلى القوى السياسية كافة للتنازل من أجل المصلحة العامة وتسهيل مهمته في تأليف الحكومة، حتى تتصدى للتحديات الاقتصادية والمالية والاجتماعية التي يواجهها البلد، وحتى تُلبّي الشروط التي وضعتها الدول التي اجتمعت في سيدر لمساعدة هذا البلد الذي يُعاني أمراضاً خطيرة، ومنها الاستنزاف المالي الناتج عن مشكلة الكهرباء، والاستنزاف الصحي المترتب عن الفشل المقصود في معالجة أزمة النفايات التي ما زالت عالقة منذ أكثر من خمس سنوات والتي تجعل البلد موبوءاً بالأمراض المميتة المزمنة كمرض السرطان وغيره من الأمراض.
والرئيس المكلف لم يكتف بإسداء النصائح إلى القوى السياسية المعنية بصورة مباشرة بعملية التأليف والتوليف، بل أزف في ذات الوقت بشرى إلى اللبنانيين بأن الحكومة العتيدة ستبصر النور بعد عشرة أيام على أبعد تقدير.
مَن يستمع إلى الشق الأول من كلامه يستخلص بأنه لم يحصل أي تقدّم على صعيد الاتصالات التي يجريها الرئيس المكلف مع هذه القوى يشي بقرب ولادة الحكومة، وان العقد ما زالت هي هي تراوح مكانها، ولم يحدث أي خرق على هذا الصعيد، إذ أن كل فريق ما زال متمسكاً بما يدّعي انه حق له، وأن الأيام والشهور التي مضت على أزمة الحكومية لم تعدل في موقفه ولم تحمله على التنازل من أجل المصلحة العامة.
ومن يستمع إلى أن الحكومة ستبصر النور بعد عشرة أيام يعتقد بأن كل أو معظم العقد التي تعترض الولادة، قد أزيلت وان لا شيء يمنع هذه الولادة إلا سفر رئيس الجمهورية إلى أرمينيا في زيارة رسمية تستغرق بضعة أيام والا وجود الرئيس المكلف خارج البلاد طيلة هذه الفترة.
الناس حائرة وضائعة بين هذا التفاؤل العريض للرئيس المكلف بقرب ولادة الحكومة وهذه النصائح الغزيرة التي وجهها إلى القوى المعنية بالتأليف لكي تقدّم بعض التنازلات في الوقت الذي تنفي هذه القوى أن تكون قد تبلغت أي شيء جديد يسرع في تشكيل الحكومة، وكأنها ترد بذلك على الرئيس المكلف لتقول بأنه أحب أن يعطي جرعة تفاؤل للشعب اللبناني ليست في موقعها طالما أن الأمور ما زالت تراوح مكانها ولم تتبلغ من أحد أن الفريق الذي يعرقل التأليف قدم التسهيلات اللازمة والمطلوبة لولادة الحكومة، ما يعني ان الأيام العشرة التي حددها الرئيس المكلف ستمضي الواحد تلو الآخر ولن تشهد البلاد ولادة الحكومة وسيزول بالتالي مفعول الوعود التي أعطيت للبنان في مؤتمر سيدر لكي يتجاوز مصاعبه الاقتصادية والمالية والاجتماعية وينهض من جديد كما يأمل له الراغبون في عدم إلغائه من خارطة الدول، الا إذا كانت حصلت معجزة حقيقية ينتظرها الرئيس المكلف ولا يريد ان يكشف النقاب عنها.