يقول ديمتري بيسكوف الناطق الرسمي باسم الكرملين، ان ملف الارهاب كثيف، لكن ليله قصير.
وهكذا هو ملف الارهاب في لبنان. لكن الوطن الصغير أكبر من هموم المواطنين.
لا بل انه معجزة لا مجرد نزوة حماقة يرتكبها الصغار، عندما تدغدغهم أحلام الكبار.
ولعل هذا أقرب ما ينطبق على لبنان، عندما تجتاحه عواصف الارهاب.
لقد أمضى حوالى السنة وستة أشهر، في معاناة مع الارهاب، واذا كان قد تحرر أمس، من النصرة، فإن ارهاب داعش باقٍ في معاناته مع العسكريين.
واذا كان اللواء عباس ابراهيم قد نجح في تجاوز ذرائع النصرة ومطالبها والشروط، فان نجاحه الأكبر، تمثّل بمعجزتين لا بواحدة.
الأولى في استعادة راهبات معلولا، والثانية في تحرير العسكريين المختطفين الى جرود عرسال، من دون تقديم أي تنازل، على حساب منطق الدولة، لمصلحة أطماع النصرة.
***
ذات مرة قال الوزير السابق فؤاد بطرس، ان المناصب لا تهبط على أحد إلاّ في أوقاتها.
وذات مرة بادره الرئيس شارل حلو، بأن لا أحد يستعجل الأوقات، وانه عمل وزيراً في عهد الرئيس فؤاد شهاب، لكن الأخير، عندما اختار العزوف سمّاه، من دون سواه لخلافته في رئاسة الجمهورية العام ١٩٦٤.
***
إلاّ أن يوم أمس، كان يوم راحة بال، وعامل ارتياح عند اللبنانيين.
الآن، يطوف السياسيون في أجواء السياسة، ويعودون الى الجمهورية.
صحيح، ان الجمهورية في معاناة طويلة مع الفراغ، بيد ان المواطنين يبحثون عن مواطن لا يقنط من الفراغ.
ولا يقلق من أزمة الشغور الرئاسية.
وهذا ما نوّه به الرئيس تمام سلام عشيّة الاجماع الذي بلورته رغبة الرئيس سعد الحريري، في ترشيح النائب والوزير السابق سليمان فرنجيه، لرئاسة الجمهورية.
لا رئيس الحكومة نام على أحلام عودة السلطة الى الرئاسة الثالثة، ولا الزعيم الزغرتاوي استكان الى ترشيح رئيس أكبر كتلة نيابية.
الرجل وقف في حضرة العسكريين المحررين وسط حشود القادة والسياسيين، منوّهاً بما أنجزته الدولة، ومشيداً بما فعله المدير العام للأمن العام.
والنائب المرشح لأرفع منصب في الجمهورية، ذاهب اليوم الى كليمنصو، لتناول عشاء عائلي في ضيافة وليد جنبلاط.
والمرشح سابقاً ولاحقاً، ينتظر ترشيحه رسمياً، ليقول انه مرشح، وإلاّ فانه عند موقف ٨ آذار، الذي يعتبر العماد عون هو مرشح الأكثرية النيابية، وإلاّ لا مرشح للرئاسة الأولى، قبل العام الجديد، وعلى الآخرين الاختيار.
الوضع صعب ودقيق.
والحل المعروض ليس مستحيلاً، لكنه بحد ذاته معقّد ودقيق.
وحرص الرئيس حسين الحسيني على القول دائماً، إن الذي يقلق من الفراغ لا يلبث أن يقع فيه.
والرئيس سليمان فرنجيه سافر في العام ١٩٦٨ الى أنحاء العالم، كوزير للاقتصاد، وراح يعمل في صمت، لتحسين الاقتصاد.
وفي العام ١٩٧٠، وجد نفسه امام الاستحقاق الكبير، لكنه وجد امامه في الميدان كباراً مثل كميل شمعون وبيار الجميّل ورأى خلفه كبيراً آخر اسمه شارل حلو.
وعندما نزل الى البرلمان، في يوم الانتخاب الرئاسي، خرج منه رئيساً للبلاد بفارق صوت واحد.
وهذه هي الديمقراطية. –