إتّخَذ الاجتماع حول ملف النازحين السوريين بين مسؤولين في التيار الوطني الحر و»حزب الله» بُعداً يتجاوز حدود هذا الملف، على حساسيته وأهميته الفائقتين، ليكتسب رمزية او دلالة سياسية أوسع.
كان التلاقي بين التيار والحزب، في السابق، أمرا عاديا وطبيعيا يَندرِج في سياق تفاهم مار مخايل، عندما كان في عزّه. أما في المرحلة الحالية فإنّ اي لقاء أصبح حدثاً في حد ذاته، بعد التوتر الذي أصاب علاقة الطرفين ووصل احياناً الى درجة القطيعة، بفِعل الخلاف الحاد حول الاستحقاق الرئاسي.
بناء عليه، بَدا الشكل مُساوياً للمضمون في زيارة مسؤول ملف النازحين السوريين في «حزب الله» النائب السابق نوار الساحلي يرافقه مسؤول البلديات محمد بشير، لمقر التيار الحر في ميرنا الشالوحي حيث التقيا منسّق لجنة البلديات المركزية في التيار روجيه باسيل ومنسق اللجنة المركزية لعودة النازحين نقولا الشدراوي.
وتعكس هذه الزيارة اللافتة تَحسّن العلاقة الثنائية وبدء عودة المياه إلى مجاريها، على وَقع الحوار المُتجدّد، وإن يَكُن «شبح» الخلاف الرئاسي سيظل يلاحق الجانبين، الى حين معالجته.
ولأنّ كل المؤشرات تدل الى أنّ الشغور في قصر بعبدا سيطول، فإن الحزب والتيار قررا على ما يبدو ربط النزاع الرئاسي او تنظيمه على الاقل، لإبقائه تحت السيطرة ومنع تَمدّد «نيرانه» الى «جذع» التحالف المُترنّح.
َوتجدر الاشارة الى ان اجتماع ميرنا الشالوحي في شأن قضية النزوح، انعقد بقرارٍ سياسي من قيادتي التنظيمين. وعُلم في هذا الإطار ان رئيس المجلس السياسي في الحزب السيد هاشم صفي الدين هو الذي كَلّف الساحلي وبشير بالتواصل المباشر مع المعنيين بملف النازحين في التيار، للبحث في سبل تفعيل التعاون البلدي لضبط وضعهم وحَضّهم على العودة.
وتجنّباً لـ«الحَركَشة» في وكر الدبابير، تفادى مسؤولو التيار والحزب خلال اجتماعهم التطرّق الى الشأن الرئاسي، خصوصاً انهم ليسوا مفوّضين بمناقشته وليس هناك أصلاً من جديد يمكن البناء عليه.
ولدى وصول الساحلي الى ميرنا الشالوحي، بادرَ بداية الى السؤال عما اذا كان باسيل موجوداً لإلقاء التحية عليه، لكن تبيّن انه خارج المقر.
اما في خصوص أزمة النازحين تحديداً، فقد اتفقَ الطرفان على وضع خطة مشتركة لتفعيل دور البلديات في مجال التحفيز على العودة وضبط وجود النازحين حتى ذلك الحين وفق القوانين المرعية الإجراء، إنطلاقاً من الدمج بين مشروعي التيار والحزب في هذا الإطار، إنما مع لَحْظ انّ تصوّر التيار يغطي كل الزوايا المتصلة بالتحدي الذي يواجه البلديات.
وفيما اكد الجانبان وجوب حَضّ الرئيس نجيب ميقاتي على التحرك بقوة وجدية لمعالجة أزمة النازحين، عُلم انّ التيار طلب ان يتولى الحزب هذا الأمر كونه على تواصل مع ميقاتي.
وتفاهمَ المجتمعون أيضا على الاتصال بباقي الافرقاء السياسيين من أجل تكريس الموقف الوطني الموحّد في مواجهة مخاطر بقاء النازحين، وتكوين مُقاربة مشتركة لطريقة التصدي لها.
وتقرر في هذا السياق تقاسم الادوار بين الحزب والتيار، بحيث يتولى كل منهما الاتصال بجزء من القوى السياسية، لكي تساهم هي أيضاً في تنشيط إجراءات البلديات الواقعة ضمن نطاق نفوذها.
ومن التدابير التي يجب أن تتشدد البلديات في تطبيقها، وفق مقاربة التيار والحزب:
– إجراء إحصاء لعدد النازحين.
– قَونَنة وضعهم لجهة التدقيق في كل ما يتصل بهم والتأكد من حيازتهم على وثائق الأمم المتحدة، وذلك لفرز النازحين الحقيقيين عن مُنتحلي الصفة.
– التثبّت من امتلاك العمال السوريين إجازة العمل وأوراق الاقامة الشرعية.
– التدقيق في عقود الإيجار، لا سيما انّ بعضها وهمي ويتضمن بدلات إيجار مرتفعة جداً، وغير حقيقية، بغية الاستفادة من تقديمات جمعيات الـ NGOS.
ad
– التشديد على ضرورة تسديد السوريين الضرائب والرسوم المتوجبة عليهم.
ويوضح المطّلعون انّ الهدف من هذه التدابير هو إشعار النازح بأنّ وجوده في لبنان لم يعد مريحا ومُربحا، وانه أصبح من الأفضل له ان يبادر من تلقاء نفسه نحو العودة الطوعية الى بلاده.
ويُنقل عن الساحلي قوله: بِحبّك يا سواري بس مش قَدّ زندي. لقد باتت الأعباء المُلقاة على الشعب اللبناني جَرّاء استضافة النازحين ضخمة وتفوق قدرته على التحمل، ولذا حان وقت عودتهم خصوصاً انّ معظم الاراضي السورية باتت آمنة ومستقرة.
ويضيف: لا أحد يستطيع أن يُزايد علينا في محبتنا للسوريين، وأساساً والدتي هي سورية الأصل، ولكن كفى. لم يعد بمقدور مجتمعاتنا التحمل.
ويشير الى ان المطلوب مغادرة العائلات، أما العمال الذين يعملون تاريخياً في حقول عدة داخل لبنان، فيمكنهم البقاء تِبعاً لمقتضيات الحاجة إليهم.
ويلفت الى انّ اللقاء مع التيار كان إيجابيا ومُنتجا، مشددا على ضرورة مواكبة الحراك الحزبي الداخلي بتزخيم التواصل السياسي على أعلى المستويات بين لبنان وسوريا، من دولة الى دولة، لتأمين ظروف العودة الواسعة وإحباط مخطط البرلمان الاوروبي لعرقلتها.