الزعامات السنية التقليدية خرّبت لبنان ودمّرت الطائفة
منذ دخوله المعترك السياسي لم يتغيّر خطاب مصباح الأحدب السياسي، إنما يتطور بحكم المتغيّرات السياسية التي تفرض نفسها. فالنائب الذي وصل منفرداً في العام 1996 خارقاً كل التحالفات، لم يكن وصوله “فلتة شوط” كما يقال، ولكن لرغبة لدى الشباب والشابات في الشمال في تلك الفترة، في إحداث تغييري بجدار السلطة وقواها السياسية العصية على التغيير حتى يومنا هذا.
في منزله المطلّ على معرض رشيد كرامي في طرابلس التقيناه وكان لـ “نداء الوطن” هذا الحوار السياسي معه في الشؤون الوطنية وأوضاع مدينة طرابلس.
يقول الأحدب، إن السلطة التي تحكم لبنان بقوة الدافع والواقع، قاطعته لتُخرجه من التركيبة، لأنها لم تجد فيه ذاك الشخص المطواع لمنطق المحاصصات على حساب منطق الدولة.
يعتبر الأحدب أن عهد الرئيس جوزاف عون أتى بعد تحوّل كبير في موازين القوى في الداخل والخارج، وتراجع نفوذ “حزب الله” عسكرياً. وانطلاقاً من الآمال التي يعلقها اللبنانيون على العهد الجديد، ومن خطاب القسم الذي وضع حلولاً لكل مشاكل لبنان تقريباً، أن يباشر العهد الحالي، تطبيق الدستور وجمع البلاد، بعدما قسّمتها الطبقة السياسية الحاكمة. يضيف، المفارقة أن العهد كان يريد تطبيق خطاب القسم بالتنسيق مع نجيب ميقاتي، كرئيس أولى حكومات العهد وهو يمثل قمة الفساد، لكن الظروف شاءت أن يصل نواف سلام وهو شخص غير منغمس بالفساد، تفاءلنا أكثر، ولكن التطبيق على الأرض حتى الآن نراه مخالفاً لخطاب القسم.
يتساءل الأحدب عن الفائدة من الحديث عن مؤتمر حوار وطني لوضع استراتيجية دفاعية، في حين أن الاستراتيجية الدفاعية الوحيدة التي يحتاجها لبنان، أن يكون الجيش هو الوحيد الذي يحتكر حمل السلاح؟ وهل سيدعو نفس القوى السياسية التي اجتمعت سابقاً في حوارات مماثلة ومواقفها معروفة من هيمنة السلاح وكيف تصرّفت في ظل وجوده؟ ما الفارق إذاً بين هذا العهد وأي عهد أتى بقوة “حزب الله”؟
يلفت الأحدب إلى أن لبنان لم يعد يحتمل خطابين: خطاب جميل للدول الغربية والعربية وخطاب آخر في الداخل يهادن “الحزب” ويتحدث عن خصوصية لتطبيق القرارات في الداخل. يضيف: لنسلّم جدلاً بمنطق أن الأمور مع “الحزب” تحصل تدريجياً، وأن الطائفة الشيعية مجروحة كما يقال، فما هي خطة الحكومة لنزع السلاح المتفلت في المناطق؟ علماً أن كل لبنان مجروح بسبب سياسة الثنائي “أمل” و “حزب الله” وهو أكثر من تسبب بالضرر للشيعة.
يتابع الأحدب: “في طرابلس سلاح سني متطرّف تابع لـ “حزب الله”، وهذا موثّق لإنتاج حالات داعشية”. ويسأل: ما الذي يمنع الدولة من نزعه؟ ولماذا لا يتم ضبط الحدود مع سوريا؟ لقد انهار نظام الأسد وحصلت تغيّرات كبرى، ولا زالت السلطة تتعاطى وكأن نظام الأسد لم يسقط. فهل يعقل أن يبقى التعاطي مع منطقة ناصرت الثورة السورية بنفس الطريقة السابقة وكأن الثورة في سوريا لم تنتصر؟
لا يرى الأحدب أن الزعامات السنية التقليدية، تمتلك أي رؤية أو سياسة إنقاذية لا على المستوى الوطني ولا على المستوى الطائفي، وكلامها حق يراد به باطل. أضاف: “في الأمس كان ميقاتي رئيس حكومة ولم يهتم بمصالح طرابلس لماذا استفاق الآن؟ لقد تداول ميقاتي السلطة مع الحريري والسنيورة طيلة السنوات الماضية، فانهار لبنان على أيامهم وأوصلوا الطائفة السنية إلى الحضيض. ولا شك أن في استمرارهم، تهميش كامل للطائفة السنية، لا سيما وأن أسلوب المحاصصة والادّعاء باحتكار تمثيل الطائفة لأجل المكاسب لم يعد قابلاً للاستمرار”. ولأن الأمور كذلك، يشير الأحدب إلى أنه من الطبيعي أن يلتقي مع النائب أشرف ريفي، وغيره من الشخصيات التي ترفض العلاج بالخطط الغامضة، وتريد معالجات بالعمق. يردف: “نحن نمثّل شريحة كبيرة، تبحث عن بناء لبنان على أسس وطنية، وترفض استمرار السلطة في أيدي من خرّبوا لبنان. نمد أيدينا لأي طرف يريد أن يتكلم معنا ويبدي تجاهنا إيجابية”.
ويشدد الأحدب أن على رئيس الجمهورية أن يتحمّل مسؤولياته، فالأمور غير مطمئنة لأن المواقف الرسمية تجاه الأزمات لم تتغيّر، وكأن لا شيء حصل في لبنان طوال الأشهر الماضية. بهذه السياسات، نعمّق الأزمة الاقتصادية أيضاً، فالانهيار مستمر، ومن سيعيد إعمار ما تهدّم؟
يحاول الأحدب حجز مقعده في أي حكومة أو تركيبة جديدة ستعمل على تحسين الحالة السيئة، بعد أن طوّقت دولة “حزب الله” طرابلس وحرمتها من حقوقها. “نريد الدولة ولا تريدنا ومعروف من أوصلنا إلى هنا والحلول معروفة، ومن يريد أن نعمل على الحلول، يدنا ممدودة للجميع”.
يلفت الأحدب إلى أن البحث الآن هو “عن خارطة طريق جديدة ومقاربات مختلفة لكل الأمور. بالتحديد أي لبنان نريد؟ وكيف سنعيش مع بعضنا كلبنانيين. فمن الطبيعي أن تسعى القوى القديمة إلى إعادة إنتاج نفسها من جديد، لكن من غير الطبيعي، أن يمدد العهد الجديد لنفس الطبقة السياسية. لقد مددوا رخص حمل السلاح ويستعجلون الانتخابات، وكيف تجري انتخابات والسلاح منتشر، من يضمن نزاهة الاستحقاقات المقبلة؟”.
في الشأن الطرابلسي والانتخابات البلدية يشير الأحدب إلى أن “ليس من مجلس بلدي ناجح من دون رؤى. ما كان يجري هو توزيع حصص في المجلس البلدي، بينما المطلوب، بلدية تحمل رؤية كاملة لتطوير المدينة من النواحي كافة. بعضهم يتحدث عن الحياد ويسعى بالخفاء إلى تركيب لائحة تحاصص. هذا الأمر نرفضه وسنواجهه، ولن نترك الساحة لمن يريدون استمرار الحالة القاتلة في طرابلس وفي لبنان”.