IMLebanon

الحسابات الخاطئة

ما شهدته شوارع العاصمة في اليومين الماضيين من عراضات واستعراضات لحزب الله وأنصاره في خانة ردّ الفعل، على تقليد أمينه العام السيّد حسن نصر الله، ربما كان الهدف منها في الدرجة الأولى الرد على ما يعتبره الحزب هجمة عربية ودولية عليه  سيما بعد القرار السعودي والخليجي المعطوف على قرار الكونغرس الأميركي لمحاصرته مالياً، كان المراد منها توجيه رسالة إلى لداخل والخارج يُؤكّد فيها الحزب انه لا يزال الفريق الأقوى على الساحة اللبنانية ويمسك بورقة الأمن في يده ومن خلال هذا الإمساك يمسك بالقرار الداخلي ولن يتأثر بأية تطورات تحصل في سوريا تخالف توجهاته وحساباته واستراتجيته المرسومة بالاتفاق مع إيران، وبناء على حسابات كثيرة وعميقة بعد الاتفاق الأميركي – الروسي على فرض هدنة بين النظام السوري والمعارضة تخطيا فيها الشريك الأساسي إيران وكل من يدور في فلكها وفي المقدمة حزب الله، وقد تؤدي لاحقاً إلى دخول الأطراف السورية في مفاوضات التسوية السياسية للأزمة الناشبة منذ أكثر من أربع سنوات.

لكن مثل هذه الخطوة أو البروفة التي أقدم عليها حزب الله في هذا التوقيت بالذات هل أخذ بالاعتبار أن موازين القوى المتحكمة بالمنطقة بعد الاتفاق الأميركي – الروسي لم تعد هي نفسها قبل الاتفاق، وأن كلمة حليفته إيران قد تراجعت جداً ليس في سوريا وحسب وإنما في كل الإقليم وأن أموراً كثيراً تتغير في حال صمدت الهدنة وبالتالي فإن الحزب مهما كابر أو هدّد بفائض القوة، وقلب الطاولة على الجميع لم يعد في وضع يسمح له بأن يفرض شروطه على اللبنانيين وجلَّ ما يمكن ان يقوم به هو خربطة الوضع الأمني الداخلي، لأن الفريق الآخر ليس مستعداً ولا يريد أن ينزلق تحت أي ظرف من الظروف في حرب أهليه أو مذهبية، كما يتراءى أو كما يرغب الحزب أو الاستمرار في تعطيل المؤسسات بدءاً برئاسة الجمهورية والامساك بها كرهينة لإجبار الآخرين على الرضوخ لمشيئته والتسليم بكل مشروعه، بعدما نجح حتى الآن في تحويل هيئة الحوار الوطني إلى شبه مؤتمر تأسيسي يمسك بكل مفاصل الدولة ويحرك المؤسسات الدستورية بدءاً بمؤسسة مجلس الوزراء وانتهاء بمؤسسة مجلس النواب اللتين تشكلان العمود الفقري للنظام الديمقراطي الذي أكد عليه اتفاق الطائف أو ما تبقى منه بعدما عطل عهد الوصاية السورية معظم بنوده الأساسية التي نص عليها الدستور.

ومع ذلك يبدو أن عراضة حزب الله التي شهدتها شوارع العاصمة في أواخر الأسبوع المنصرم أثارت قلقاً في عواصم القرار الأوروبية والغربية على الوضع الأمني الهش في لبنان عبرت عنه ممثلة الأمين العام للأمم المتحدة سيغريد كاغ بعيد زيارتها أمس إلى رئيس حزب الكتائب اللبنانية، النائب سامي الجميل من دون أن تتوسع في الأسباب والتفاصيل، الأمر الذي يُشير بصراحة إلى أن عين الدول الأوروبية ما زالت على هذا البلد ولن تتركه يغرق في الفوضى الأمنية وبأن يقدم أي فريق على الساحة على اشعال فتيل الحرب الأهلية أو المذهبية، تحت أي سبب من الأسباب أو تحت أي ذريعة كتلك التي تذرع بها حزب الله ونزل إلى شوارع العاصمة وضواحيها يستعرض فائض القوة التي يملكها في وجه الجميع.