«إنّ أسفل مراتب جهنّم سيسكنها مَن يلتزمون الحياد في المسائل ذات الطابع الأخلاقي»… أليغريتي دانتي من الكوميديا الإلهية.
الحلّ بفرض حكومة انتقالية بدعم سياسي وعسكري دولي تعيد توحيد القوات المسلحة وتنتج دستوراً جديداً
في حوارات مع بعض المسؤولين في الصين خلال زيارة ولقاء مع الحزب الشيوعي الصيني تركزت حول الإرهاب وكيفية معالجته، برزت قضية الحلّ في سوريا وجرى جدلٌ حول دور بشار الأسد واستمرار الصين في نوع من الحيادية المؤيّدة لبقاء بشار وذلك بناءً على منطقين إثنين:
الأول هو أنّ البديل الذي ظهر في سوريا والمرتكز على التطرف الإسلامي المتمثل بـ«جبهة النصرة» أولاً ومن بعدها «داعش»، يجعل من بقاء بشار الأسد ضرورة من أجل المواجهة مع التطرّف والإنتصار عليه قبل الحديث عن التغيير في منظومة الحكم مسألة بديهية.
الغريبُ في هذا المنطق هو النسيان المقصود بأنّ هذه المنظومات أتت لتملأ مساحاتٍ فارغة أمنية وسياسية واجتماعية خلقها واقعُ عدم فرض حلول حاسمة في سوريا في السنتين الأوليين من الحرب، فتحوّلت عندها حرباً أهلية مدمّرة.
كما أنّ تردّد العالم في دعم القوى المعتدلة في سوريا في بداية الثورة جعلها تنهزم أمام القوى الأكثر تطرّفاً وعنفاً فأخلت الساحة في معظم المواقع قسراً بعدما طالها الإرهاب المزدوج من النظام والمتطرّفين في الوقت ذاته.
أما النقطة التي شكلت التحوّل الأخطر، فقد كانت عدم ضرب النظام بعد استخدامه السلاح الكيماوي في الغوطة، على الرغم من المسوغات الواضحة والحشود التي شكلتها الولايات المتحدة أمام السواحل السورية. هذا ما فتح الباب واسعاً أمام المتطرّف ليؤكد زيف الاحاديث عن الديموقراطية وحقوق الإنسان، ففَقد معظم السوريين ثقتهم بالخطاب المدني وأصبح التطرّف الإسلامي العنيف رداً منطقياً على فقدان الثقة بالطروحات المدنية.
أما المنطق الثاني عند قياديّي الصين بأنهم يفضلون الحياد والحفاظ على الأسد لأنّ «المعارضة تفتقد إلى عناصر قوية يمكنها أن تقود سوريا!».
يعني ببساطة أنّ حكم آل الأسد يجب الحفاظ عليه لأنه تمكّن على مدى خمسة عقود، من قتل أو سجن أو تهجير كلّ مَن كان يُوحي بقدراته على البروز كقيادة منافسة لعائلة الأسد وحاشيتها حتى داخل حزب البعث، وتمكّن من حصر المراكز العامة في الإدارة والأمن بأكثر الناس خبثاً أو فساداً أو تبعيّة، وحصر حتى المواقع الإقتصادية في الأقرباء والأزلام والفاسدين ليضمن ولاءهم وعدم سعيهم للسلطة إلّا تحت لواء آل الأسد.
أما بقية المواطنين فقد رزحوا تحت نير الإرهاب المنظم للسلطة وآثروا الصمت وممارسة الرقابة الذاتية على أنفسهم وعلى أبنائهم لحمايتهم من لعنة الفكر والإبداع خوفاً على حياتهم.
كلّ ذلك يعني أنّ كلّ محاولات التحايل الدولي على حلٍّ يشمل رحيل بشار لن يؤدّي إلّا إلى استمرار الحرب والنزيف والدمار، وبالتالي فتح الباب الواسع أمام تحويل سوريا إلى صومالٍ ثانٍ يُنتج دواعش بشكل دائم.
أما الحلّ الوحيد فهو بفرض حكومة انتقالية بدعم سياسي وعسكري دولي تعيد توحيد القوات المسلحة وتنتج دستوراً جديداً ويتولّى الشعب السوري بعدها طرد «داعش» وقطع دابر مثيلاتها.