يقول نبيه بري إن “تابلوه” الفراغ الرئاسي يبدو الآن سوريالياً على رغم كل الترشيحات الرئاسية الأخيرة وما سببته من خضّات وترددات في الوضع السياسي المشلول اصلاً بسبب الخلاف بين فالقي ٨ و٢٤ آذار، اللذين يضعان لبنان على خطوط الهزات منذ عقد من الزمن!
لهذا تبدو الجلسة رقم ٣٥ التي دعي مجلس النواب الى عقدها في الثامن من شباط المقبل من لزوم ما لا يلزم فكفى اللبنانيين صور نواب يتحلّقون في نقاشات وضحك بلا لون أو رائحة. أما في ما يتعلّق بالجلسة بين “تيار المستقبل” و”حزب الله”، فليس هناك من يمنّي النفس لا بسمنٍ ولا بعسلٍ لأن الكلام عادة طار الحمام غطّ الحمام. وأما “طاولة الحوار الوطني” فتستحق تغييراً في الأحرف حرصاً على صدقية الواقع لتصير مثلاً “طاولة الحيار الوطني” من حَار يَحور وكل له حارتُه في النهاية … وآخ وينك يا شوشو !
في سياق الجدية يقول بري إننا لم نستفِد من توافر الفرصة المحليّة لإنتخاب رئيس للجمهورية، والمعنى السياسي الأعمق لهذا الكلام، أننا وضعنا المنصب الرئاسي في صندوق لا يتّسع إلا لأربعة “أقوياء” من الموارنة الميامين، وهذا عملياً منتهى الضعف لأن من الواضح انه وضع الرئاسة بين فالقي ٨ و١٤ آذار ما حال دون إنتخاب رئيس وهو ما حصل ويحصل تحت أنظار مار مارون ومعاناته السلام لإسمه!
الفرصة الرئاسية “لا معلقة ولا مطلقة”، وبري يعلّق على قول سمير جعجع بعد ترشيحه ميشال عون خصمه اللدود، ان الكرة في شباك “حزب الله” بما يعني انه يستطيع إلزام جماعة ٨ آذار انتخاب عون: “هل يريد جعجع من الحزب ان يضع مسدساً او يوجّه صاروخاً الى رؤوس سعد الحريري ووليد جنبلاط ونبيه بري ليتوجهوا الى البرلمان بالقوة وينتخبوا من اختاره”؟
واضح ان المسدسات والصواريخ لن تدفع الحريري ولا جنبلاط ولا بري الى انتخاب عون، وهذا ليس خافياً أصلاً لا على “حزب الله” ولا على جعجع كاسر مزراب العين هذه الأيام، لكن شر البليّة أنها صواريخ السياسة المتعارضة والمعطِّلة، سياسة الخراب والتخريب تتطاير فوق رؤوس اللبنانيين، فلا يلاحظون ربما لتراكم جبال النفايات بين منازلهم وربما لشدة اليأس في قلوبهم!
ليس سراً ولا إكتشافاً ان يكون جعجع تعمّد دق إسفين داخل ٨ آذار وكسب في حساباته المسيحية، وليس سراً أيضاً عندما نعلم ان بري بعدما سأله جبران باسيل والياس بوصعب عن رأيه في إعلان معراب، نصحهما بالتوجه فوراً الى بنشعي، اذ أراد ضخّ المزيد من الفزلين لإنتزاع إسفين معراب وتخفيف الضيق على المتضايقين في ٨ آذار!
لكن الرئيس صاحب الفخامة سيداتي سادتي، سيبقى حبيس صندوق الأقوياء الأربعة زيادة في إضعاف المسيحيين لأنفسهم!