يؤكّد فيكتور ليتوفكين، الخبيرُ في الشؤون العسكرية، أنّ واشنطن ستستمرّ في تسليح حلفائها في الشرق الأوسط، بصرفِ النظر عن توريدِ روسيا منظومة «إس 300» الصاروخيّة لإيران، لكنّ ذلك لا يمكن أن يُغيّرَ موازين القوى في المنطقة.
يرى الخبير الروسي، في حديث لـ«الجمهورية»، أنّ الحرب الباردة لم تنتهِ، لأنّ الولايات المتحدة لم تتوقّف يوماً عن حربها الإعلامية ضد روسيا. وذلك لأنّ الإدارة الأميركية لا ترغَب في الشراكة، فهي اعتادَت على القيادة الأحادية، وعلى رغم تفَوّقها على روسيا اقتصادياً إلّا أنّ القطاع العسكري الروسي يبقى المنافسَ الوحيد لها في العالم، لذلك فإنّ هذا التوتّر سيَسود بين القطبَين الدوليَين إلى أن تُدركَ واشنطن أنّ روسيا باتت قوّة عظمى، وتتعامل معها كشريك فاعل له نفوذ على امتداد الخريطة السياسية العالمية.
ويَعتبر ليتوفكين أنّ إيران وكوريا الشمالية هما عنوان وهمي لبرنامج نشر الدرع الصاروخية في أوروبا الشرقية، لذلك فإنّ الولايات المتحدة لن تتوقّف عن خطة توسيع وجودها العسكري قرب روسيا.
وعن الإجراءات التي يمكن أن تتّخذَها موسكو حيال ذلك، يؤكّد أنّ المنظومة التي يجري الحديث عنها لا تُهدّد الترسانة النوَوية الروسية، لذلك ستكتفي موسكو بتسجيل النقاط سياسياً وستحاول استغلالَ الخروق الغربية وفق قوانين الشرعية الدولية، لكن ممّا لا شكّ فيه أنّ واشنطن ستسعى لاحقاً إلى تطوير واستبدال تلك المنظومة بأخرى أكثر تطوّراً وخطورةً على روسيا باستخدام ذرائع مختلفة، وخصوصاً الأزمة الأوكرانية، وهذا ما يتجلّى بتحذيرات مسؤولين في البنتاغون من دخول عسكري روسي إلى منطقة الدونباس بهدف تبرير الحضور العسكري الأميركي هناك، ولكي يتمكّن لاحقاً الناتو من نشر صواريخ باليستية أو ربّما نووية في أوكرانيا بذريعة حمايتِها.
ويكشف ليتوفكين أنّ موسكو قد أعدّت خطّةً لنشرِ منظومة «إسكندر» الصاروخية في مقاطعة كالينينغراد على بحر البلطيق، وفي شِبه جزيرة القرم على البحر الأسود، ممّا يعني أنّ القواعد الأميركية في بولندا ورومانيا ودوَل أوروبية أخرى ستكون تحت مرمى نيرانها، كما وأنّ منظومات روسيا الصاروخية الاستراتيجية في منطقة جبال الأورال تبقى الأكثر قدرةً على استهداف أيّ موقع على امتداد الخريطة الأوروبية وما وراء المحيطات، في اعتبار أنّ هذه الصواريخ يمكن توجيهها عبر الشرق وعبر القطب الشمالي، وبالتالي فإنّ أيّ منظومة مضادّة للصواريخ لن تعترضها.
ويَعتبر أنّه بصرف النظر عن تزويد روسيا إيران بمنظومة صواريخ «إس 300»، فإنّ واشنطن ستستمر بتوريد الأسلحة لحلفائها في المنطقة، مؤكّداً أنّ ذلك لن يغيّرَ شيئاً في موازين القوى الحاليّة، في اعتبار أنّ هذه الأسلحة دفاعية بَحتة، ولا تسمح لأيّ طرف بتهديد أمن الآخرين.
ويرى أنّ حديث بعض الدول الغربية وإسرائيل عن إمكان تزويد أوكرانيا بأسلحة حديثة هو أمرٌ مثير للسخرية، إذ إنّ كييف تعاني من أزمة ماليّة كبرى بعدما توقّفَت صناعاتها بنسبة ثمانين في المئة نتيجة الأحداث هناك، وبالتالي فإنّ أيّ طرَف لن يمدَّها بالسلاح من دون مقابل.
ويؤكّد أنّ العقوبات الأميركية والغربية لن تؤثّر على الاقتصاد والسياسة الروسية، خصوصاً أنّ واشنطن تفرض على روسيا العقوبات وفي الوقت نفسه تشتري محرّكات الصواريخ الفضائية، والوقود النووي لمحطاتها الكهربائية منها، ما يؤكّد أنّ هذه العقوبات هي مجرّد حملةٍ دعائية لإظهار أنّها قادرة على محاسبة الآخرين، حتى وإنْ كانت تلك الإجراءات غير فعّالة.