IMLebanon

الخطوة الناقصة في  مسارعون الرئاسي

الوقت الرئاسي ليس زمناً مفتوحاً، وهو لم يعد يحتمل ترف الانتظار. وصور المرشحين للرئاسة تظهر وتختفي وتتعاقب على الشاشة، وكأن بثها يجري عبر آلة عرض أوتوماتيكية! والصورة الظاهرة عليها الآن هي للعماد عون. ويبدو أن استراتيجيته في ادارة المعركة الرئاسية تسير في الاتجاه الصحيح بالنسبة اليه، وإلاّ كيف وصل به الأمر الى الدفع بخصومه السياسيين للانتقال من خانة العداء لترشيحه الى خانة الانفتاح على ترشحه؟ ومع ذلك يبدو وجود دعسة ناقصة في مسيرة عون الرئاسية. ويبدو أن براعته في مدّ الجسور مع الخصوم، يقابلها السهو عن مدّ الجسور، أقلّه مع حليف الحليف الرئيس نبيه بري. واذا كان حدث فتور بين الرجلين فلأن العماد عون طعن الطرف الآخر في أعزّ ما يملك: الطعن بشرعية المجلس النيابي، وتعطيل طاولة الحوار! والعماد عون مضطر اليوم الى التراجع عن الطعن بشرعية البرلمان لمصلحته هو أولاً، لأن هذا المجلس بالذات هو الذي ينتخب الرئيس! أما العودة الى طاولة الحوار فهي نوع من فضيلة الرجوع عن الخطأ، التي تعزز مكانته بشجاعة الاعتراف بالخطأ، ولا تنتقص منها!

***

تحشد اسرائيل مجموعة من كبار علمائها واختصاصييها في السياسة والاجتماع والاستخبارات لتدرس، بأسلوب علمي، كيف يفكّر أعداؤها، بهدف التنبؤ بأفعالهم المستقبلية وردود أفعالهم، ومن هؤلاء المقاومة في لبنان. ومع ذلك فان بعض السياسيين في لبنان يستسهل الارتجال في قراءة، ليس أفكار قيادة المقاومة وحسب، وانما أيضاً في نيّاتها وما تضمره من مواقف! وبعض هؤلاء السياسيين هم من النوع المسطح الذي يناقض نفسه فيما يعلنه من تصريحات، وينسى في المساء ما قاله في الظهيرة! وفي حقيقة الأمر فان مواقف هؤلاء لا تقدّم ولا تؤخّر، لأنهم من الأتباع، والقرار ليس بيدهم. والوسط السياسي اللبناني بقياداته المؤثرة يجمع على وصف المبادرة الأخيرة للرئيس سعد الحريري بأنها شجاعة، وانها مهما انطوت على مصلحة ذاتية فانها تصبّ أخيراً في مصلحة الوطن، وتفتح باباً واسعاً للخروج من مأزق الشغور الرئاسي.

***

الوقت الرئاسي ليس زمناً مفتوحاً ولا يحتمل ترف الانتظار، كما قلنا آنفاً. والخطوة الناقصة في مسار العماد عون الرئاسي هو أنه يترك مساحة فراغ ووقتاً ضائعاً مع مرجعية وازنة في الاستحقاق الرئاسي مثل الرئيس نبيه بري. وقد لا يكون لدى عون ترف الانتظار الى ما بعد اعلان تبنّي ترشيحه من قبل الرئيس سعد الحريري. كما ليس أمام السياسيين ترف الانتظار المفتوح، لأن وقتهم محدود، وفرصتهم المتاحة اليوم تنتهي بعد مرور المائة يوم الأولى من دخول الرئيس الجديد المنتخب الى البيت الأبيض!