IMLebanon

لبنان في موقف حرِج وصعب في الأمم المتحدة هذا الخميس… فهل يُصوّت مع أو ضدّ «إنشاء آليّة للمفقودين في سوريا»؟! 

 

يبدو أنّ لبنان سيُواجه موقفاً حرِجاً وصعباً هذا الخميس في الأمم المتحدة، خلال الإجتماع الذي سيُعقد لتصويت الدول الأعضاء على مشروع القرار حول إنشاء آلية جديدة خاصّة بملف المفقودين في سوريا. فقد تقدّمت بعثة اللوكسمبورغ، ومعها البعثات الدائمة في الأمم المتحدة لكلّ من ألبانيا وبلجيكا وكابو فيردي، وجمهورية الدومينيكان، ومقدونيا الشمالية بمشروع القرار الخاص بإنشاء هذه الآلية. وجاء فيه أنّه «لا يُصوّب أصابع الإتهام بوجه أي جهة»، و»يدعو جميع أطراف النزاع في سوريا للتعاون مع الآلية»، كما يؤكّد على «الإلتزام القوي بسيادة واستقلال ووحدة وسلامة أراضي الجمهورية العربية السورية». فما سيكون عليه موقف لبنان من هذا المشروع كونه يقع بين نارَين: أولهما عدم الوقوف ضدّ سوريا في هذه المرحلة بالذات، وثانياً عدم الإستجابة لمطالب الأُسر اللبنانية التي طالبت الحكومات على مرّ العهود بالكشف عن مصير أولادها وأقاربها المفقودين والمختفين قسراً في سوريا أثناء الحرب؟

 

مصادر ديبلوماسية مواكبة لهذا الإجتماع تقول بأنّه على لبنان اتخاذ القرار المناسب، ولديه 3 إحتمالات: إمّا التصويت مع مشروع القرار أو ضدّه، أو الإمتناع عن التصويت (ما يعني التحفّظ عليه). والجميع يعلم كم يُعتبر موضوع الكشف عن مصير اللبنانيين المفقودين في سوريا مهمّ جدّاً بالنسبة لعائلات كثيرة لا تزال تبحث عن أفراد منها اختفوا قسراً خلال الحرب. ولهذا، فإنّ موقف لبنان يبدو حرَجاً جدّاً وصعباً، في حال رفض أو وافق على مشروع القرار. فهو من جهة، لديه مصلحة في الكشف عن مصير المفقودين في سوريا، ومن جهة ثانية يُحاول في المرحلة الراهنة إعادة فتح القنوات مع الحكومة السورية بهدف تحسين العلاقات الثنائية وإعادة النازحين السوريين الى بلادهم.

 

أمّا بعض الدول العربية، فقرّر الإمتناع عن التصويت على مشروع القرار هذا، على ما أضافت المصادر، وبعضه الآخر سيُصوّت ضدّه، لا سيما بعد التقارب السعودي- الإيراني، والعربي- العربي، وعودة سوريا الى الجامعة العربية.

 

وأوضحت المصادر نفسها بأنّ سوريا سترفض هذا القرار، بطبيعة الحال، سيما وأنّ هذه الآلية، من وجهة نظرها لا تخدم مصالح الشعب السوري، ولن تقبل بالتالي أي تدخّل في شؤونها الداخلية. وذكّرت المصادر بأنّ بيان عمّان، الذي صدر عقب الإجتماع التشاوري لبحث جهود التوصّل الى حلّ سياسي للأزمة السورية الذي عُقد مطلع العام الجاري، على أنّ لجنة الإتصال المولجة تنفيذ هذا البيان تألّفت من كلّ من لبنان والأردن والسعودية والعراق ومصر، قد ورد فيه بند يتحدّث عن موضوع المفقودين. وجاء فيه حرفياً: «تعزيز التعاون لدفع جهود تبادل المختطفين والموقوفين والبحث عن المفقودين وفق نهج مدروس مع جميع الأطراف والمنظمات الدولية المعنية كاللجنة الدولية للصليب الأحمر، وذلك بالتنسيق مع الحكومة السورية».

 

ويبدو أنّ الأردن تعقد إتفاقية خاصّة مع سوريا من أجل إعادة النازحين السوريين الذين تستضيفهم، من دون أي إعتراض من قبل الأمم المتحدة. كما تقوم تركيا بإجراء المفاوضات لتحقيق الأمر نفسه، في حين «يُمنع» على لبنان العمل على إعادة النازحين السوريين الى بلادهم تحت ذرائع عدّة. فهل يُمكن لحكومة تصريف الاعمال، وفق ما تساءلت المصادر، المقايضة على تصويتها ضدّ هذا القرار في الأمم المتحدة، مقابل تسهيل عودة النازحين الى بلادهم، على ما تفعل الأردن التي تُحاول تطبيق أحد بنود «بيان عمّان» المتعلّق بالتعاون بين الحكومتين السورية والأردنية، وبالتنسيق مع هيئات الأمم المتحدة ذات العلاقة، في تنظيم عملية عودة طوعية لنحو ألف لاجىء سوري من الأردن الى سوريا؟!! علماً بأنّ البند نفسه ينصّ على «وأن يشمل ذلك في مرحلة لاحقة الدول الأخرى المستضيفة للاجئين السوريين».

 

وأشارت المصادر الديبلوماسية الى أنّ وكيل الأمين العام للأمم المتحدة للشؤون الإنسانية ومنسّق الإغاثة في حالات الطوارىء مارتن غريفيث يقوم بزيارة الى الأردن، بهدف تعزيز التعاون مع الأمم المتحدة في تهيئة الظروف الملائمة للاجئين السوريين للعودة الطوعية والآمنة الى بلادهم. على أن يتنقل منها الى سوريا من أجل مناقشة مسألة بناء وحدات سكنية للسوريين العائدين الى بلادهم للسكن فيها. وهذا خير دليل على أنّ العودة من الأردن الى سوريا تجري بموافقة ومساعدة الأمم المتحدة.

 

ولفتت المصادر الى أنّها ليست المرّة الأولى التي يتمّ فيها إنشاء آلية من دون موافقة الحكومة المعنية، مثل العراق التي رفضت في البدء الآلية حول المفقودين، عقب غزو الكويت، ثم عادت وانضمّت اليها بعد سنوات.