Site icon IMLebanon

المهمّات المستحيلة

تجتمع هيئة الحوار الوطني اليوم لمتابعة البحث نظرياً في كيفية ملء الشغور الرئاسي فيما الدولة كلها محاصرة داخلياً وعربياً وحتى خارجياً. فعلى الصعيد الداخلي تحاصرها أزمة النفايات المستفحلة منذ أكثر من تسعة أشهر وتهدّد باستقالة الحكومة التي تشكّل آخر حصن في النظام، بعد الشغور الرئاسي والتمديد غير الدستوري لمجلس النواب في حال لم تُزل العراقيل التي تضعها الأطراف من طريق الحلول التي تطرحها الحكومة وتتلخّص بالعودة إلى المطامر بعدما فشلت أو فُشِّلت (بضم الفاء) مشاريع الترحيل إلى الخارج، ولا شيء يشي بأن الذين سيجتمعون على طاولة الحوار على استعداد لتسهيل الحل، أو اتخاذ مواقف مغايرة لمواقف وكلائهم في الحكومة، ما يعني أن طريق إستقالة الحكومة باتت سالكة إذا لم يعد بإمكان رئيسها السكوت على الذين يعرقلون كل الحلول باختراع الحجج الواهية من مذهبية ومناطقية وغيرها، وكأن المطلوب هو إسقاط آخر حصن من الشرعية الدستورية وترك الدولة بلا شرعية أي جعلها في مهبّ الريح خصوصاً وأن كل الأوضاع الاقتصادية والمالية والاجتماعية وصلت إلى حافة الهاوية في ظل الخلاف السياسي الحاصل وفي ظل تصميم فريق على «فرط» الدولة بكل مؤسساتها لتحلّ محلّها دولته المكتملة العناصر.

أما عربياً فالوضع أصعب بكثير بعد القرارات الكبيرة التي اتخذتها المملكة العربية السعودية ودول التعاون الخليجي إن لجهة مقاطعة لبنان ومنع رعاياها من السفر إليه، وإن لجهة وضع حزب الله على لائحة المنظمات الإرهابية أو لجهة الإجراءات الأخرى التي تتحدث المعلومات عن أنها ستتخذها لاحقاً، كوقف الطيران وطرد اللبنانيين الذين يعملون عندها ويضخون بلدهم بمليارات الدولارات سنوياً، وبعد الإختلاف الداخلي حول كيفية معالجة هذا الوضع وإعادة العلاقات إلى طبيعتها بين لبنان والدول العربية المعنية.

فهذا الوضع الأخطر في تاريخ لبنان كيف تعالجه هيئة الحوار وهل تستطيع أن تعالجه وتُعيد الأمور إلى مجراها الطبيعي بينما لا يزال حزب الله يصعّد حربه السياسية والعسكرية ضد هذه الدول وضد غيرها من الدول العربية كاليمن والعراق وسوريا، ويرفع من سقوف عدائه لها بالرغم من كل نصائح اللبنانيين الحريصين على نسج أفضل وأوثق العلاقات مع أشقائهم العرب ولا سيما مع المملكة العربية السعودية ودول منظمة التعاون الخليجي ودعوتهم له لأخذ مصالح لبنان واللبنانيين بعين الاعتبار وأن لا يضحي بهذه المصالح كرمى لإيران التي لها مصالح ومطامع في العالم العربي، وقد كشفت عنها، ولا تستحي منها.

هذه الحالة التي وضع لبنان نفسه فيها جعلت معظم الدول الحريصة عليه والراغبة في مساعدته لتخطي مشاكله الداخلية، كانتخابات رئيس جمهورية والنازحين السوريين والتباينات الداخلية تتردّد بل تُحجم عن الاستمرار في هذه المساعدة وتنضم إلى دول الخليج الغاضبة عليه بسبب سيطرة حزب الله الكاملة على القرار الداخلي وتبادر إلى اتخاذ إجراءات مماثلة لتلك التي اتخذتها دول منظمة التعاون الخليجي مؤخراً بهدف حمل لبنان على أن يستيقظ من نومه ويُعيد النظر في الطريق التي يسلكها، فهل يمكن أن نتوقع من هيئة الحوار أن تفتح كل هذه الملفات في جلسة اليوم وتتخذ الإجراءات التي يجب اتخاذها لإنقاذ الدولة والوطن.