الحروب من حيث المبدأ، بشعة بما تخلّفه من موت ودمار، حتى ولو كانت حروباً للدفاع عن النفس او الوطن، فكيف اذا كانت حروباً اهلية او طائفية او مذهبية، حيث ترتفع متاريس الحقد والكراهية، جنباً الى جنب مع متاريس القتال في الحي الواحد والشارع الواحد والمنطقة الواحدة، وتنقسم الادارات المدنية والمؤسسات العسكرية، وتدمّر المنازل والمرافق والبنى التحتية، وتؤسس الدماء لحالة من الحقد ثمنه عقوداً وقروناً من الزمن، وتبقى قابلة للاشتعال في أي لحظة، وقد طال هذا النوع من الحروب المذاهب المسيحية، بمثل ما طال المذاهب الاسلامية، والتاريخ لا يخفي قيام مثل هذه الحروب، ولا يخفي نتائجها المدمرة، وامامنا في هذه الايام عيّنة عن الحروب الاهلية والطائفية والمذهبية، التي عانى منها اللبنانيون الكثير، وتعاني اليوم منها شعوب سوريا والعراق واليمن وليبيا، مثلها وابشع، حيث يغرق في هذه الدول السنّة والشيعة والعلويون والاكراد واليزيديون في دمائهم، ويغرق معهم العديد من ابناء الطوائف المسيحية، الذين يدفعون ثمن صراع الآخرين على الارض والسماء، في حروب لا علاقة لهم بها لا من قريب او بعيد، بل شاء حظهم التعيس ان يكونوا ضحايا الزمن الخطأ.
الشعب اليزيدي الذي تنتسب اليه قبيلة الحوثيين، هو شعب عربي اصيل من شعوب هذه المنطقة المتنوعة طائفياً ومذهبياً، وله على الدولة التي يعيش فيها ذات الحقوق والواجبات للطوائف الاخرى، ولو ان الحكام المتعاقبين في اليمن أولوه العناية التي يستحقها، لما كان وقع ضحية القبيلة الحوثية، الاكثر عدداً والاشد مراساً والأكثر طموحاً، على ما سمعته من احد المعنيين بالشأن الداخلي اليمني، ولو ان الرئىس المخلوع علي عبدالله صالح اليزيدي الذي حكم اليمن ثلاثين سنة ونيّف حكماً احادياً مطلقاً، انصف اليزيديين ونقلهم من حالة البداوة والقبيلة الى حالة المواطنة، لما وصلوا الى ما وصلوا اليه اليوم من خروج على القانون وعلى السلطة، ولما تركوا الحوثيين يتصرفون بلا مسؤولية ولا اعتبار للوضع اليمني الداخلي، فهم لا يشكّلون اكثرمن 30 بالمئة من مجموع الشعب اليمني، واذا كان الحوثيون تصرّفوا منفردين بمحاولة الاستيلاء على الحكم، ومحاولة قتل الرئيس اليمني عبد ربه الهادي مرتين، وقتل المتظاهرين في صنعاء وعدن وغيرهما من المدن فتلك خطيئة، واذا كانوا قاموا بما قاموا به بناء لطلب من ايران، فالخطيئة اكبر، لأنه من الغباء استعداء السنّة في اليمن والمنطقة، وخصوصاً الانظمة السنيّة المعتدلة المنصرفة الى محاربة الهجمة التكفيرية من سنّة متعصبين، ودولة ايران ذات الغالبية الشيعية، والشيعة في الدول العربية ذات الغالبية السنيّة، اول المستهدفين من التكفيريين الذين يحاربون في اليمن والعراق وسوريا وليبيا ومصر ولبنان واينما كان، ولهذا يمكن القول بأن غلطة الشاطر بألف غلطة، ولكن المجال ما زال متاحاً للتراجع عن الغلط، فهل يقدمون؟!
a