IMLebanon

«مناطق تخفيف التصعيد» تحدٍ لإيران والأسد؟

في خطوة تُعتبر مهمة بالنسبة للأزمة السورية وإمكان اتجاه الأمور نحو الحل السياسي، وقّعت روسيا وإيران وتركيا مذكّرة تنص على إقامة «مناطق لتخفيف التصعيد» في سوريا بناءً على خطة روسية سعياً لتعزيز وقفٍ هشٍّ لإطلاق النار. وفي السياق، أكّد المحلّل المتخصّص في الشأن الروسي حول الشرق الأوسط وشمال أفريفيا يوري بارمين، أنّ «الفكرة الروسية بإقامة هذه المناطق هدفها وضع حدّ لهجمات النظام السوري وإيران وإجبارهما على الالتزام بالهدنة».

نظّم معهد «عصام فارس للسياسات العامة والعلاقات العامة» محاضرة تحت عنوان: «إعادة دور موسكو في الشرق الأوسط: تحليل استراتيجية روسيا في سوريا وليبيا» في الجامعة الأميركية في بيروت (AUB)، حيث تساءل بارمين: «لماذا أصبحنا نتكلم عن وجود روسيا في الشرق الأوسط فجأةً؟ فهي دائماً كانت موجودة في المنطقة خلال مرحلة الاتحاد السوفياتي، لكنّ العلاقة بين روسيا والمنطقة كانت تدخل في ديناميكية صعبة».

وأضاف «بعد انهيار الاتحاد السوفياتي، اختفت روسيا عن الساحة غير أنّ العلاقات التي بنتها خلال هذه الفترة كانت كفيلة بإعادتها إلى المنطقة»، موضحاً أنّ «السبب الرئيس لتدخّل روسيا في المنطقة هو لتغيير الوضع الراهن حيث خفضت إدارة الرئيس باراك أوباما وجودها ودورها، فكانت فرصة لعودتها وأخذ مكان أميركا».

أسباب الوجود

وشدّد المحلل الروسي على «وجود أسباب براغماتية لوجود روسيا في المنطقة لحل بعض المشكلات»، متابعاً: «أولاً، يُنظر إلى «الربيع العربي» في موسكو على أنّه إستمرار للثورات التي تُعتبر «Color Revolution» أي إنها برعاية الغرب ويمكنها إسقاط حكومات وأنظمة».

وأشار إلى أنّ «هذه المظاهر يمكنها الوصول إلى حدود روسيا، لذلك منعت موسكو تمدّدها إليها»، لافتاً إلى أنّ «السبب الثاني الوصول إلى البحر المتوسط والمحيط الأطلسي ومرتبط بنحو كبير بالأزمة الأوكرانية».

وتابع أنّ «روسيا ضمّت القرم لأنها أنفقت الكثير من المال للمحافظة على وجودها في بحر البلطيق والمحافظة على قوة أسطول البحر الأسود الذي يُعتبر أداةً لإظهار القوة يمكنها من خلاله العبور إلى أيّ مكان تريد في العالم».

وقال بارمين إنّ «سوريا هي بقعة مناسبة لإظهار القوة في الشرق الأوسط، عبر الوصول إلى العراق والأردن ثم شمال أفريقيا». وأضاف أنّ «السبب الثالث هو ازدياد عدد سُكّان روسيا المسلمين من 12 إلى 15 في المئة»، معتبراً أنّ «موسكو ليست مرتاحة لانفتاح المسلمين على دول عدة مثل السعودية ومصر والعراق الخ. لأنها تدرك أنّ عدداً كبيراً منهم يذهب للقتال مع تنظيم «داعش»، ما يُمثّل تهديداً كبيراً على روسيا عند عودتهم».

أمّا السبب الرابع والأخير، فهو التفاف الروس حول الرئيس الروسي فلاديمير بوتين وحكومته لأنّ هذا التدخّل لمحاربة التنظيمات الإرهابية يُشكّل نوعاً من الدعاية في روسيا من أجل الإنتخابات المقبلة عام 2018 حيث يظهر بوتين على أنه الزعيم الذي يُوحّد الشعب حول مسائل مهمة مثل إظهار نجاح الحرب على الإرهاب، وفق بارمين.

«مناطق لتخفيف التصعيد»

من جهة أخرى، أكّد أنّ «مناطق تخفيف التصعيد» خطوة للتأكيد أنّ البلاد ستبقى موحّدة، والمناطق الآمنة المقترحة من الولايات المتحدة كانت تحمل مفهوماً مختلفاً»، مضيفاً: «مناطق تخفيف التصعيد» لا تذهب ضد وحدة البلاد، بل تُساعد في تخفيف التصعيد في بعض المناطق حيث يريد النظام وإيران إكمال هجماتهما».

ولفت إلى أنّ «الرئيس الأميركي دونالد ترامب ليست لديه فكرة جيدة عن «المناطق الآمنة»، ففكرتهم تستند الى أنّ هذه المناطق تكون على الحدود التركية حيث يمكن للاجئين المجيء».

وتابع أنّ «روسيا لديها قليل جداً من السيطرة على الحكومة السورية وروسيا تريد من دمشق وإيران إيقاف هجماتهما العسكرية لكنّها عاجزة عن تحقيق ذلك»، مشيراً إلى أنّ «إدلب هي المحطة المقبلة التي تريد إيران والنظام السوري استعادتها، ولمنع ذلك من الحصول ترى موسكو أنّ إقامة مثل هذه المناطق التي تمتد نحو اللاذقية ومناطق الساحل حيث الوجود الروسي، وبهذه الطريقة يمكن منعهما من السيطرة عليها».

وأعلن أنّ «المناطق بين حمص وحماه لا تزال تشهد معارك عنيفة والنظام خرق الهدن مراراً، غير أنّ «مناطق تحفيف التصعيد» تمنع شنّ هجمات وتلزمهما الالتزام بالهدن».

«كيماوي»

في غضون ذلك، إعتبر أنّ «إيران هي مَن شجّعت دمشق على شنّ هجوم إدلب الكيماوي لإظهار قوتهما للعالم وجرّ موسكو مُجدّداً لجبهتهما»، مضيفاً أنّ «الروس غضبوا عندما نُفّذ الهجوم وكان لهم حديث جدّي مع الأسد، وقالوا له: الأميركيون ضربوا أهدافك لكن المرة المقبلة سيضربون قصرك في دمشق، فاحذر!». وأكّد أنّ «الروس فرحوا بالضربة الأميركية لأنّها تسمح لهم بالسيطرة أكثر على الأسد».

ليبياً، تُحاول موسكو جذب مصر ورئيسها عبدالفتاح السيسي عبر إرسال معدات عسكرية الى مصر للمساعدة في حل الأمور في ليبيا، وتستعمل روسيا ليبيا لإرسال رسائل إلى الغرب تقول فيها: انظروا نفعل ما عجزتم عن فعله، وفق ما أكّد بارمين.