IMLebanon

«المختلط» ينهي فرصة تمثيل الأقليات: «الستين» بحلّة جديدة

لا فيتو «مستقبلياً» على استباق النيابة للرئاسة.. إذا تنازل الجميع

«المختلط» ينهي فرصة تمثيل الأقليات: «الستين» بحلّة جديدة

حرّكت مبادرة الرئيس نبيه بري المياه الراكدة لأيام، قبل أن تعود لتركد مجدداً. لولا الانتخابات البلدية لأمكن القول إن الدولة ما تزال في حالة غيبوبة. مبادرة بري الثلاثية وجدت من يتلقفها لكنها وجدت أيضاً من يصدها. وإذا كانت رادارات رئيس المجلس لم ترصد أي إشارات إيجابية من الخارج، فإن خريطة طريقه الداخلية، لم تلق التجاوب المرجو لها. فلا إمكانية للسير بقانون انتخابي جديد يصار بعد إقراره إلى تقصير ولاية المجلس ومن ثم انتخاب رئيس، ولا إمكانية للسير حالاً بقانون الستين، ومن المبكر الحديث عن «دوحة لبنانية». من رفض هذه الاقتراحات، أراد أن يقول إنه ما يزال يصر على مبدئه: الانتخابات الرئاسية أولاً. قائد هذه الجبهة هو الرئيس فؤاد السنيورة، الذي تسلم الدفة من النائب وليد جنبلاط، غير الممانع لتسوية يمكن أن تؤدي إلى انتخابات نيابية قبل الرئاسية.

الخطورة في الموضوع، بحسب أحد أعضاء طاولة الحوار، هي في أن يؤدي هذا الرفض إلى تمديد إضافي للمجلس النيابي، انطلاقاً من أن استمرار الفيتو إلى أيار المقبل، قد يهدد مواعيد الانتخابات النيابية. فمن يضمن أن يتم، إلى ذلك الحين، الاتفاق على قانون انتخابي جديد؟ ومن يضمن أن يعمد من لا مصلحة له بإجراء الانتخابات إلى عرقلة المساعي إلى التوافق على قانون انتخاب من جهة ورفض السير بقانون الستين من جهة أخرى؟

يخرج من «المستقبل» من يعطي فسحة أمل. موقف «التيار» من مبادرة بري الداعية إلى انتخابات نيابية قبل الرئاسية هو موقف رافض لمبدأ وجود أولويات تطغى على أولوية انتخاب الرئيس.. لكنه ليس «فيتو». هذا يعني، بحسب المصدر، أن وجود أي فرصة جدية لكسر المراوحة التي تجري حالياً يمكن أن تلقى صداً إيجابياً من «المستقبل»، لكن ذلك لا يمكن أن يحصل من خلال تنازلات إضافية من قبل «التيار»، كما حصل في القانون الانتخابي، حتى الآن، من دون استعداد أي طرف آخر لملاقاته في وسط الطريق. بالنسبة لـ «المستقبل» فقد تنازل بداية عن قانون الستين، ثم عن انتخاب مجلس شيوخ مع 37 دائرة، ثم مؤخراً أبدى استعداداً للنقاش في قانون انتخابي يوفق بين القانون المقدم من «المستقبل» و «الاشتراكي» و «القوات» (المختلط المبني على أساس 70 في المئة أكثري و30 في المئة نسبي) وبين اقتراح الرئيس نبيه بري (مناصفة بين الأكثري والنسبي). وفي ذلك استعداد عملي للتخلي عن المشروع الذي تبناه مؤخراً.

الأكيد بالنسبة لكثر أن أحداً لا يبدو معنياً بما رصدته رادرات بري من عدم وجود بوادر إيجابية خارجية، بل على العكس لا يبدو أحد مستعداً للسير إلى الأمام خطوة واحدة، بدون أن يكون مدعوماً بتقدم خارجي لمحوره. أما حديث السفير الأميركي عن أن «ترهّل المؤسسات يشكّل خطراً كبيراً على لبنان»، مشيراً إلى أن مبادرة بري قد تفتح الباب أمام حل لانتخاب الرئيس، فلا يجد فيه مصدر متابع سوى موقف مبدئي لا يملك أي أساس متين على الأرض.

بعد غد سيجتمع نحو ستين نائباً في إطار اللجان النيابية المشتركة، لمتابعة مناقشة قانون الانتخاب. ومن اعتبر أن الاتفاق على حصر النقاش بالقانون المختلط هو إنجاز يبنى عليه، سيصطدم بحقيقة أن عشرة نواب في لجنة التواصل الانتخابي لم يتمكنوا، على مدى أشهر، من الوصول إلى مقاربة مشتركة، فكيف بستين نائباً؟ الأمر ممكن في حال واحدة: وجود قرار سياسي واضح. عندها فقط تسقط الخلافات التقنية، التي لا يستهان بها، والتي تجعل الاقتراحين متناقضين إلى حد كبير. هذا من دون الأخذ بعين الاعتبار ما يحكى عن أن القانون المختلط قد يكون أسوأ من قانون الستين بمراحل. فالخبير الانتخابي عبدو سعد، على سبيل المثال، لا يترك مناسبة إلا ويؤكد أن من نادى بالنسبية، في الأساس، أراد أن يمثل مختلف شرائح المجتمع، لكن اللجوء إلى القانون المختلط ضرب أي احتمال من هذا القبيل.

وبعكس ما يقال عن أن القانون المختلط هو بمثابة قطع نصف الطريق باتجاه القانون النسبي، فإن الأرقام تؤكد أن له مفاعيل القانون الأكثري نفسها، من حيث حصر التمثيل بالأحزاب الكبرى، التي تضمن سلفاً قدرتها على الفوز بالدوائر الأكثرية والدوائر النسبية معاً، بغض النظر عما إذا كانت تنتمي إلى 8 أو إلى 14 آذار. وذلك يبدو جلياً في الصراع على الدوائر وتقسيمها وتوزيع المقاعد بين النظامين الأكثري والنسبي. بما يؤكد أن الصراع محصور بتحسين وضع كل فريق في السلطة، لا بالسعي إلى رفع مستوى التمثيل لمختلف شرائح المجتمع. ولذلك، ثمة من يدعو بقوة إلى الإبقاء، في تلك الحالة، على قانون الستين لأن بقاءه سيعني الإبقاء على الصوت المعترض المطالب بتغييره، فيما الاتفاق على القانون المختلط، سيعني فقدان أي أمل بالوصول إلى قانون يمثل الأقليات المختلفة قبل سنوات طويلة.