Site icon IMLebanon

الشارع تجاوز “الحكومة”… وعون لن يتأخر في “مصارحة الناس”

 

بينما تموضع المسؤولون خلف بروجهم المشيدة وداخل منازلهم الفخمة محاطين بالحرس والعناصر الأمنية المولجة حمايتهم، اشتعل غضب الناس في الشوارع بعدما تجاوز سعر صرف الدولار العشرة آلاف ليرة. كأن لبنان فقد اي مسؤول يخرج على الناس شاهراً مسؤوليته. كلهم لاذوا بالصمت، واحتموا من غضب الفقراء والكادحين. بلغ سعر الصرف العشرة آلاف وتبخرت اموال المودعين وانتفت قيمة رواتب الموظفين وانقطعت سبل عيش الملايين ومع ذلك أهل الحكم نيام.

 

لكبر المصاب وسوء احوال البلاد، تسأل عن اتصالات او مبادرات فتعود خالي الوفاض. وتكاد لا تصدق ان احداً في هذا البلد لم يعد يملك قدرة المبادرة او الحل والربط. وعلى وقع الشوارع المشتعلة غضباً يغدو السؤال عن الحكومة ضرباً من الهبل او الجنون. وعن اية حكومة نسأل؟

 

في آخر الاخبار ان من أوكلت اليه مهمة تشكيلها اي الرئيس سعد الحريري يرتب اموره للمغادرة مجدداً وعينه على روسيا التي يطمح للاجتماع مع رئيسها، ومستشاره جورج شعبان يزخّم اتصالاته لتحديد جدول مواعيد الزيارة بما يشمل لقاء وزير الخارجية. وفق المعلومات ايضاً انه يحاول ترتيب زيارة الى اميركا لم تنجح بعد، وليس مؤكداً راهناً سوى الزيارة المرتقبة الى الكويت.

 

بعض المتفائلين يقولون ان آخر المستجدات تمثلت بجملة اقتراحات بعث بها “الثنائي الشيعي” للحريري وافق عليها رئيس الجمهورية ولا تزال قيد الدرس من قبله. لكن مدير عام الامن العام اللواء عباس ابراهيم انهى مهمته بانسداد الأفق أمام أي اقتراح أو تسوية كانت محتملة وجال بخصوصها بين اصحاب الشأن.

 

ومهما كانت الوساطات فالحريري ليس بوارد التراجع عن صيغة حكومته القديمة، ولا هو بوارد الاعتذار. ليس ما يجبر الرئيس المكلف على الاعتذار اذا لم يفعلها من تلقاء ذاته، ولا سابقة نيابية تسجل بسحب النواب تكليفهم الذي منحوه للرئيس المكلف لعدم قدرته على التشكيل. بالمقابل يدرك رئيس الجمهورية ميشال عون أن الدستور الذي اقسم عليه يحرمه في الوقت نفسه من القدرة على التحرك الا في حدود ضيقة، فالدستور ألزمه باجراء استشارات نيابية ملزمة افضت الى تسمية الحريري الذي يتأبط ورقة التكليف ويتعاطى مع ملف التشكيل بما يوحي انه غير مستعجل.

 

قبل استشارات التكليف ظهر عون بمؤتمر صحافي يشرح فيه وضع البلد واضعاً النواب امام مسؤولياتهم فيما لو اختاروا الحريري رئيساً مكلفاً، ونبه الى كونه سيتحمل “مسؤولياته في التكليف والتأليف، وفي كل موقف وموقع دستوري”، متسائلاً: “هل سيلتزم من يقع عليه وزر التكليف والتأليف بمعالجة مكامن الفساد واطلاق ورشة الاصلاح؟”. يمكن القول ان مخاوف عون تحققت نظرياً وبات للرئيس حجته بأن الرئيس المكلف يتخلف عن اداء مهامه، وفي هذه الحال لا بد انه سيفي بما وعد لناحية تحمل مسؤولياته، واذا كان لا يملك القدرة الدستورية على وضع حد للفترة الزمنية المتعلقة بمهام الرئيس المكلف فان في قصر بعبدا من يقول: “مهما كان فإن الرئيس عون يملك القدرة على مصارحة الناس وقول الحقيقة وهو لن يتأخر في القيام بذلك ووضع الجميع امام مسؤولياتهم”.

 

أصل العلة في ما هو حاصل ان تشكيل الحكومة يتم وكأن البلد في ظروف طبيعية او كأن الاوضاع المالية تحتمل المزيد من المماطلة والعناد فيما تسارع وتيرة الاحتجاجات في الشارع كفيل بأن يتجاوز مسألة تشكيل الحكومة فيصبح مثل هذا الامر غير كاف وقد لا يرضى الشارع بمجرد تشكيل حكومة ويتجاوزها الى ما هو أكبر.