Site icon IMLebanon

طريق المكلّس… إهمال مستشرٍ وزحمة تخنق العابرين

 

بوّابة المتن تُنادي نوّابها ومديرية الطرق والمباني “مش عالسمع”

 

 

لعنة ترافق العابرين صعوداً أو نزولاً على طريق المكلس يومياً وعجقة مذلّة يعانونها صباحاً وعصراً. طريق بات أشبه بطريق زراعي مهمل في أقاصي الجرود، ويزداد أمره سوءاً مع كل «شتوة» حين يتحول إلى نهر جارف تتخبط مياهه مع الحجارة والحصى لتصب في بحيرة راكدة عند أسفل جسر المكلس. ليس هذا طريقاً فرعياً لضيعة معزولة إنه بوابة المتن من المنصورية إلى بيت مري فعين سعادة وصولاً إلى برمانا لكنه يبدو يتيماً متروكاً لمصيره في غياب المعالجات الجدية لوضعه.

 

فرح سكان المنطقة حين أنجز جسر المكلس ومعه الـ»رونبوان» الشاسع الأرجاء المتعدد المنافذ ظنّاً منهم انهم تخلصوا من مشكلة الزحمة الضاغطة التي كانت تخنق كل المنطقة. لكن الفرحة لم تدم طويلاً بعد ان تبين أن العلة ليست في الدوار بل في الطريق الممتد من بلدة المنصورية الى المكلس. لا بل أن الـ»رونبوان» الذي زُوّد بسبع إشارات سير على خلاف كل مبادئ الهندسة المدنية في العالم بات أحجية معقدة يصعب على السيارات العابرة التكهن متى تفسح لهم الطريق ومتى تدعوهم للتوقف. سنوات من الإهمال أو الترقيع وسوء التخطيط والأعمال غير المنجزة جعلت طريق المكلس يتحول الى عنق زجاجة يخنق العابرين فيه لساعات لا سيما أن لا بديل فرعياً له.

 

مشعلاني يشرح

 

كل العابرين على هذا الطريق يتذمرون، السكان والنواب يشكون، إلياس حنكش نائب المتن وصفه يوماً بانه درج وليس طريقاً. جمعية الصناعيين في المكلس رفعت الصوت أكثر من مرة فالزحمة على الطريق كما صعوبة الوصول الى المؤسسات والغاليريات والمصانع التي يعج بها الشارع تعرض اعمالهم للكساد… منصور مشعلاني رئيس تجمع الصناعيين في المنطقة يعدد عشرات الأسباب المؤدية الى سوء حال هذا الشريان الرئيسي في المنطقة: كثرة المفارق يميناً ويساراً مع عدم وجود شرطة بلدية بأعداد كافية لتنظيم السير، فصل الطريق في الوسط وتضييقها، وقوف سيارات التاكسي والفانات على جانب الطريق تحت الجسر بحيث لا تترك مجالا إلا لسيارة واحدة بالعبور، المجاري المقفلة بالأوساخ التي تتسبب بغرق الطريق بمياه الأمطار وعدم وصل المجاري بقسطل تصريف عام ما يؤدي الى تراكم المياه في أسفل النزلة، إضافة الى الحفر الناشئة عن الإهمال وعدم ردم أعمال الحفر كما يجب.

 

«نتواصل مع البلدية وهي تقوم بما تستطيع لكن في ظل سوء الأوضاع المالية لا يمكن أن نطلب منها أكثر من ذلك. منذ ست سنوات طالبنا وزارة الأشغال و البلدية بفتح التفافة تحت الجسر تسمح للسيارات الصاعدة بالالتفاف وتجنب المرور عبر الـ»رونبوان» وذلك على حسابنا الخاص واخذنا إذنا من وزارة الأشغال لكن البلدية أرادت إجراء دراسات وما زلنا ننتظر عبثاً منذ ست سنوات تنفيذ هذا الممر الحيوي. حتى الطرقات الداخلية بين المصانع وضعها سيئ ومليئة بالحفر وإذا ما تعطلت شاحنة فيها بفعل هذه الحفر والحمولة فإنها تؤثر على حركة الطريق العام وتزيد من الزحمة عليه. طالبنا وزير الأشغال السابق يوسف فنيانوس بتزفيت هذه الطرقات فتجاوب معنا ولكن لسوء حظنا طارت الوزارة مع وصول اول كميون زفت وطار معها التزفيت… ومنذ أكثر من 15 سنة تم حفر الطريق أمام المحلات في مشروع لتصريف مياه الأمطار ما أعاق الوصول إلى مؤسساتنا على مدى اشهر ليتبين لاحقاً أن المشروع لم يكتمل ولم يتم وصل المجاري بقسطل التصريف، ولا يزال الطريق يتحول الى نهر مع كل شتوة…».

 

الحاج يتابع

 

رازي الحاج نائب المتن النشيط الموجود دوماً على الأرض وقرب الناس قال لنداء الوطن إنه يتابع قضية طريق المكلس عن كثب بعد أن بات يشكل معضلة حقيقية. وأضاف أن ثمة فائضاً مالياً متبقّ من قرض من البنك الدولي كان مخصصاً للسلامة المرورية وقد وضع وزير الأشغال الحالي بالتعاون مع نواب المنطقة ومجلس الإنماء والإعمار لائحة بالطرقات التي تنبغي صيانتها بما تبقى من القرض ومن بينها طريق المكلس وسيتم التلزيم في 16 تشرين الثاني».

 

نفرح لهذا الخبر ونسال النائب الحاج إذا كانت الأعمال ستتم بالعمق أم ترقيعاً؟ «ترقيع»… يجيب بصراحة فوزارة الأشغال ليست لديها القدرة المالية للقيام بأعمال بنى تحتية. وموازنة الدولة التي كانت قبل الأزمة 17 مليار دولار تقلصت اليوم الى 400 مليون ونسعى لرفعها الى 3 مليارات. نحن نسعى كنواب لوضع تشريع للموافقة على قروض جديدة من المؤسسات الدولية لتوفير التمويل اللازم لمشاريع حيوية. لكننا اليوم بالفائض الموجود نعمل ما بإمكاننا. نحن في بلد منهار والدولة تسير بالحد الأدنى والحل بتوسيع صلاحيات البلديات ورفع اليد عن الصندوق البلدي».

 

يعرف النائب الحاج أن مشكلة طريق المكلس هي جزء لا يتجزأ من قضية السلامة المرورية ووضع الطرقات في لبنان. فإشارات السير التي يفترض بها تنظيم السير وتسهيله لا تعمل وتطبيق قانون السير وقمع المخالفات شبه معدومين على الطرقات وصيانة المجاري لتصريف مياه الأمطار تجري بالحد الأدنى. كما يعرف النائب الحاج أن دور النائب اليوم صار ملاحقة القضايا على الأرض ليكون صلة الوصل بين الدولة الغائبة والمواطن المقهور.

 

خوري: الشرطة ما معها تاكل

 

نحمل القضية وصرخة المواطنين الى المعني الأساسي بها اي بلدية المنصورية – المكلس – الديشونية، فيتغدانا الريس وليام خوري قبل ان نتعشاه ويرفع الصوت سائلاً: لماذا تهملنا الدولة كل هذا الإهمال؟ أين وزارة الأشغال ومديرية الطرق والمباني من مشكلة طريق المكلس؟ لا بل اين نواب المتن لا يتحركون ويطالبون بتسوية وضع بوابة المتن؟

 

«الدولة غائبة كلياً عن هذا الطريق يؤكد الريس وليام، عرفنا ان مبلغاً تم رصده لترقيعها لكن لم نر شيئاً بعد. نحن كبلدية «ظبطنا» ما يمكن تظبيطه لكن الكلفة أرهقتنا ولسنا قادرين على القيام بأكثر مما فعلنا من سد بعض الحفر وتزفيت مسافات صغيرة. الحفر على الطريق تجعل كل سيارة تاخذ مكان أربع لاضطرارها الى التعرج شمالاً ويمينا للهروب من الحفرة بدل السير في مسلك واحد».

 

نسأل عن مشاكل عديدة يشكو منها المواطنون العابرون على هذا الطريق الرئيسي وأولها غياب شرطة البلدية او شرطة السير عنها فيجيب الريس أن شرطة البلدية لا تداوم إلا 18 يوماً في الشهر واليوم صدر قرار من البلدية برفع الدوامات الى 24 يوماً. «الشرطة ما معها تاكل» ومع ذلك نطلب منهم التوجه الى المفارق لتسهيل السير لكن الحل الدائم يقضي بإقفال المفارق الجانبية: نزلة جبران تويني، نزلة المعامل، مفرق كنيسة مار الياس، طلعة المدينة الصناعية. لكن المشكلة يقول الريس انه كلما اقفلنا منفذاً ولو بقواطع بلاستيكية ترتفع الأصوات ضدنا سواء من قبل وزارة الأشغال او المواطنين بانه لا يحق لنا تسكير المفارق. ورغم ذلك وضعنا حاجزاً معدنياً عند أحد المفارق يتم إقفاله الساعة الرابعة بعد الظهر لمنع السيارات من عبور طريق فرعي يتسبب الخروج منه بعرقلة السير وحدوث فوضى ومشاكل وزحمة تمتد أكثر من كيلومتر…». لكن هذه التبريرات لا تلغي ضرورة تواجد عناصر الشرطة أقله في أوقات الذروة لوضع حد لفوضى السير ومنع انحباس الناس في سياراتهم لأكثر من ساعة على طريق لا يمتد لأكثر من كيلومترين.

 

 

نسال الريس عن سبب تجمع المياه في الطريق فنفاجأ بأن وزارة الأشغال لم تقم بالاستملاكات الكافية على جانبي الطريق لإنجاز المجاري حيث تتوقف هذه الأخيرة في بعض النقاط وتصب مياهها على الطريق لتنساب وتصل الى أرض مستوية عند اسفل الجسر وتكوّن بركاً. وفي الشتوات الأولى تجرف مياه الأمطار معها كون الطريق يمتد نزولا كميات من الحصى والحجارة التي تحملها من الردميات المتواجدة على جنب الطريق معرضة سلامة السيارات وركابها للخطر. لكن أليس من واجب البلدية إزالة ما يتراكم على جنب الطريق من ردميات؟

 

معضلة تتطلب حلاً. و الحل الأفضل برأي رئيس البلدية هو تنفيذ مجار للمياه تحت الأرض أو تحويل القنوات الموجودة نحو نهر بيروت رغم كون هذا المشروع يوجب تمريرها في ممتلكات خاصة ويحتاج الى ميزانية غير موجودة اليوم. ويبقى الحل الأخير بيد وزارة الأشغال لتعمل على تزفيت الطريق بشكل جيد ومدروس كما تفعل مع الطرقات التي تتولاها في كل مناطق لبنان، ورفعها قليلا لتحسين انسياب الماء عليها مع ترك مساحة من الحرية للبلدية لتوقيف المخالفين من موتوسيكلات أو سيارات متوقفة خط ثان عند محلات ناولني.

 

نحاول الاتصال ليومين متتاليين بمديرية الطرق والمباني في وزارة الأشغال ولكن لا هاتف يجيب هناك رغم تعدد الأرقام ومن ثم بعد انتظار يعدنا أحدهم بإعادة الاتصال بنا فننتظر عبثاً إمكانية التكلم مع أحد المسؤولين. نتابع تشعبات قضية طريق المكلس فنعرف ان عدة بلديات تشترك في المشكلة. فدوار المكلس رغم اسمه يتبع لبلديتي الدكوانة وسن الفيل وزحمة السير قد تبدأ منه وفي غياب إشارات السير يصعب تحديد اية بلدية يجب ان تتولى وضع شرطة سير عليه. وثمة مشكلة أخرى تكمن في إقفال طريق قناطر زبيدة التي تصل المنصورية بالحازمية وتشكل منفذاً يمكن أن يحد من زحمة طريق المكلس. ويتبع هذا الطريق مبدئياً لبلدية الحازمية التي هي على خلاف بدورها مع بلدية بعبدا…وهكذا تضيع الأمور ويدفع المواطن من أعصابه ووقته وسلامته ثمن إهمال مستشر لا يُعرف له أب.