Site icon IMLebanon

معاذ.. الدرس القاسي!

على الرغم من كل إنقسامات المواقف الإقليمية والدولية حول الثورة السورية بين مؤيِّد لها ومُعارض أو حول حدودها المقبولة والمخارج المطروحة أو التي لم تنضج بعد، وكيفية معالجتها، إلّا أن استشهاد معاذ الكساسبة، وبالطريقة الوحشية التي حصلت، والتي تمّ نشرها من قبل داعش لإرهاب النفوس كجزء من الحرب النفسية التي تشنّها على الآمنين في قراهم ومدنهم، وليس على النظام السوري وآلته.. على مندوبي البعثات الإنسانية العالمية وليس على الجيش النظامي الأسدي، شكّل هذا الإستشهاد نقطة مفصلية في هذا الصراع، الذي كانت بدايته ثورة شعبية عفوية تحاول إيصال صوتها.. ولكن سرعان ما دخلت يد الإرهاب لتحوّل مسارها وتعبث بأدواتها وتُفرغها من مضمونها الأصيل وأهدافها النبيلة.

إن إهمال دول القرار في العالم لهذه الثورة السلمية الشريفة، وتقاعسها عن تقديم الدعم المادي والعسكري والتنظيم اللوجستي تركها فريسة الأيدي المخرِّبة، والتي سرعان ما استغلّت الفوضى من جهة ومعاناة شباب عربي وأجنبي حتى، مهمّش في بلاده أكل اليأس أحلامه وشوّشت معاناته الرؤية الواضحة فحوّلت فكره إلى ضال، وحوّلته من شباب يائس إلى وحوش طليقة، تستبيح الأرواح والممتلكات، لا تعرف حدّاً لإجرامها ولا لإرهابها.. تحوّر الدين الحنيف كيفما يحلو لها وتغسل عقول أبنائها بالتحريف والتحايل على آيات الله تعالى وتعاليم قرآنه.

إنهم قرامطة العصر، أو كما وصفهم علي بن أبي طالب رضي الله عنه: «قلوبهم كزُبَر الحديد.. لا يفون بعهد ولا ميثاق.. يدعون إلى الحق وليسوا من أهله»..

ولكن، كما انتصر الإسلام الحق المعتدل وحرر الكعبة، لا بدّ اليوم أن يتحرّك نفس الفكر ليقضي على من أمعن بتشويه الدين وارتكاب الكبائر باسمه، ويحرّره من إطار الهمجية المتخلّفة حيث تحاول هذه الجماعات الإرهابية زجّه بها، ولن تكون هذه المهمّة ممكنة سوى عبر تحصين جبهة الإسلام المنفتح والمستنير وتوحيدها.. فإذا ما استمرت الإنقسامات حول كيفية مواجهة هذا الفكر التكفيري، فسوف تبقى فرصه بالتمدّد والانتشار كبيرة!

لا بدّ إذاً من استنفاد كل الطرق المشروعة لمواجهة هذا المدّ الإجرامي الأعمى، دون التلهي بتفاصيل التوصيفات، تارة أين دور الإفتاء في العالم لتقيم حلقات حوارات فكرية منفتحة مع الآخر، تشرح حقيقة الإسلام لمن لا يعرفه وتقرّب وجهات النظر والحضارات المختلفة، وتثبّت خطى أبنائه على الصراط المستقيم؟ وأين ماكينات الإعلام لتقوم بحملات تدحض الإسلاموفوبيا في العالم وتُنقذ جيلاً مغترباً يعاني ما يعانيه من العجز عن الإنصهار في مجتمعات لا زال يحاول أن ينتمي إليها؟!

كلّنا معاذ، وكلّنا سنكون حطباً لنار الكراهية والتعصّب الأعمى الذي لم يعد يميّز بين مسلم ومسيحي أو بين عربي أو أعجمي أو حتى بين سنّي أو شيعي..

لقد رمتنا الأقدار في هذه المواجهة معاً، أمَا حان الوقت لنفهم.. ونتحرك؟