بارعون هم جماعة الحراك المدني.
وهي براعة يجب إعطاؤهم جائزة و(أقله) إعترافاً على إجادتها.
إنهم يجيدون استعداء الناس.
لقد سجّلوا رقماً قياسياً، كما قلنا قبل أيام هاهنا، في الإساءة الى أنفسهم بأنفسهم.
فلم يكتفوا بتعطيل مرافق الحياة في وسط العاصمة، بل وسّعوا نشاطهم الى الأطراف، فتناوبوا على الشوارع التي تشكّل شرايين رئيسة مثال: طريق الصنائع أمام وزارة الداخلية، وشارع الحمراء أمام مصرف لبنان، وجادة الإستقلال (عبدالله اليافي) أمام المحكمة العسكرية.
وقد يتعذر تقدير المنطقة التي سيجد جماعة الحراك «ضرورة» لقطعها غداً وبعد غد وبعده وبعده الى… ما دام هذا الحراك يتمادى في مسار قد يوصله الى إستعداء المزيد من المواطنين الذين نجح في تعطيل حياتهم.
من حق جماعة الحراك أن يقولوا: طيب، وكيف سنوصل صوتنا إذا لم نلجأ الى التظاهر والإعتصامات و… إقفال الطرقات وقطع الشوارع؟!
ومن حقنا أن نجيبهم أن الصوت يمكن أن يصل، وقد وصل فعلاً من دون هذه الإستعراضات التي أضافت ارهاقاً جديداً الى الإقتصاد الوطني المرهق أساساً والواقع تحت ألف أزمة ومشكلة.
فهل يصل الصوت بشنّ حملة على المسؤولين «كلن يعني كُلّنْ» بحيث يصاب المواطن بيأس غير مسبوق باعتبار أن أهل المسؤولية والسياسة (في الحكم و«المعارضة») لا يوجد بينهم آدمي واحد؟! وهل يعقل ذلك؟
ثم هل يصل الصوت بحصر «المعركة» في اسبوعها الأول بوزير البيئة محمد المشنوق، والمطالبة باستقالته؟! و«على فوقة» أين أصبح هذا المطلب؟ ناهيك بالإحتلال الصبياني التلفزيوني لوزارة البيئة في عملية تمثيلية مبتدئة؟!
وطبعاً لا يصل من الصوت في عمليات قطع الشوارع والطرقات سوى الأصداء السلبية التي تستعدي الناس على الحراكيين.
في تقديرنا أنّ أهل الحراك مدعوون (مرة إضافية نكرّرها هنا) الى تنقية صفوفهم من المشاغبين والمندسين ولا نريد أن نعمّم لنقول لهم انهم «كلن يعني كلن» مشاغبون ومندسون. فلقد قُدر لنا أن نستمع الى بعضهم (ولا نسمي) فإذا الكلام منطقي/ عاقل/ حكيم/ هادف وبعيد عن الغوغائية والديماغوجية والبحث عن الشهرة المفتعلة على قاعدة «خالف تُعرف».
والمطلوب منهم ليحافظوا على صورة المنطلق التي أحببناها فيهم قبل أن يفجعونا بتصرفاتهم… هو تشكيل لجنة تضم أطيافهم كلها (من خيرة ممثليهم) تناضل فعلياً من خلال المؤتمرات الصحافية والتوعية والتوصل الى تقديم أنفسهم بالصورة المفترض أن يظهروا فيها…
إن الناس شبعت إحباطاً ويأساً… فلماذا يا أهل الحراك تزيدون من يأسهم والإحباط بسوء سلوككم…
ونصيحة صادقة: لم يفت الأوان بعد… ولكن الوقت ضيّق، فلا تدفعوا هذه التجربة الى السقوط.