IMLebanon

الحراك بين التصعيد والانقسام… غداً «الخرطوشة» الأخيرة

أكثر من احتجاج وأقلّ من فوضى. بين هذين الهامشين تتكثّف اجتماعات منظمات الحراك المدني في الساعات الأخيرة لتحديد المسار الذي سيتّخذه هذا الحراك تزامناً مع انتهاء فترة استمهال الحكومة غداً لحلّ مشكلة النفايات المتفجّرة في الشوارع.

رغم التكتّم الذي غالباً ما يتمسّك به ناشطو الحراك المدني حيال طبيعة تحرّكاتهم، واعتمادهم عنصرَ المفاجأة، إلّا أنّهم يُجمعون في ما بينهم على أنّ «ما بعد الخميس لن يكون كما قبله»، مستفيدين من مشهد أكياس النفايات العائمة بين المنازل، والذي أثارَ غضب اللبنانيين.

في الكواليس

بعدما تراجعَت أسهم الحراك في الآونة الأخيرة، لا سيّما بعد تصادم الناشطين مع القوى الأمنية وانتشار الفوضى في وسط العاصمة، بالإضافة إلى التكسير والتحطيم، تسعى معظم المنظمات لإعادة تصويب البوصَلة مستفيدةً من الفرصة، التي وصَفتها «بالخرطوشة الأخيرة يوم الخميس»، غيرَ مسقِطة من حساباتها «أنّ ما عجزت الدولة عن معالجته على مدى أعوام لن تقوى على حلّه في غضون أسابيع».

لذا تَعتبر «أنّ ساعة الصفر حانت، لا مفرّ»، على حدّ قول أحد الناشطين من المحرّكين الأساسيين للشارع. والنتيجة؟ يجيب: «الخميس لناظِره قريب»، كاشفاً لـ«الجمهورية»، عن سلسلة خطوات قيد الدرس، أمّا موعد تنفيذها فمِن «الخميس وطالع».

ويتابع موضحاً: «أعدَدنا أكثر من مخطط، وأمامنا أكثر من ورقة، نكشفها بحسب حجم الخطوة السياسية التي سنواجهها. ولكنّ معظم المنظمات على استعداد للعودة عن أيّ تصعيد مباغِت في حال بادَر المعنيون وفي مقدّمتهم رئيس الحكومة تمام سلام إلى تقديم استقالته، فالبلد من الأساس مشلول، وأيّ استقالة ستبَرّد قلوب المواطنين العزَّل الذين اجتاحتهم النفايات في منازلهم».

ويضيف: «المؤسف أنّه في البلدان المتقدّمة أيّ رجلٍ سياسي مهما علا شأنه يقدّم في أقلّ من 24 ساعة استقالته لمجرّد بروز تقصير في مسؤولياته، إلّا في لبنان «… لوَرا».

أمّا بالنسبة إلى الأوجه التي سيأخذها التصعيد، فيوضح: «لا شكّ في أنّ التحرّك سيكون في الأمكنة الأكثر إيلاماً، من وزارات، مؤسسات، ومنازل للسياسيين…، لن نتخلّى عن عنصر المباغتة، نظراً إلى الفعالية التي أثبَتها».

في هذا السياق، لا يخفي الناشط أنّ الأساليب التعبيرية السِلمية لامسَت خطّ النهاية، فيقول: «لم تترك المنظمات أيّ تحرّك سِلمي يَعتب عليها، لذا نجد أنفسَنا مجبَرين على التصعيد، لذا قد نعمد إلى إقفال مداخل العاصمة كحركة احتجاجية، ونمعِن في كشف ملفات الفساد الخاصة بكلّ سياسي، علّه يخجل ويستقيل، أمّا الرهان الأبعد والتحدي الأشمل، فسيكون في سعينا إلى كسبِ النقابات، بذلك نتمكّن من الدعوة إلى العصيان المدني، بعدما نكون قد جهّزنا الأجواء المناسبة».

إنقسام يطيح التصعيد؟

مقابل الاستعدادات والتحضيرات، موجة انقسام تلاطم صفوفَ المنظّمات المدنية، وقد تُطيح سلسلة التصعيد التي يلوِّحون بها، وحتى المسيرات التي يدعون إليها.

فيَلفت مصدر في الحراك «إلى وجود تصدّع في صفوف الناشطين، قائلاً: «نأسَف لسعي بعض الجمعيات إلى استباق الوقت، غيرَ مدركة أنّ في تمايزها قد تحدّ من زخم الحراك وتفقِدنا البوصلة، لأنّ المواطنين الذين ينضمّون إلى الحراك لا يشاركون كرمى إسمِ جمعية محدّدة، إنّما تحت عناوين مطلبية، معيشية محِقّة».

ويضيف: «أيّاً يكن سقف التصعيد والخيارات التي سنتبنّاها، فهي تحتاج إلى الدرس والمراجعة مليّاً تدارُكاً لأيّ تقسيم وانقسام بالرأي في صفوف الحراك»، لذا يرى أنّ «الخطوة الأساسية قبل أيّ تصعيد تكمن في إعادة الزخم إلى الحراك وإبقائه صفّاً واحداً».

ويتابع موضحاً: «يشكّل المواطنون عصبَ أيّ تحرّك قد نقوم به، لذا فإنّ تركيزنا في المرحلة الثانية والدائمة، سيكون على ضمّ المزيد من الأصوات إلى صفوفنا بعيداً من أيّ خطوة ناقصة، وهنا يَكمن التحدّي في اختيار التصعيد الذي يحقّق الأهداف وفي الوقت عينه لا يخَسّرنا مِن الأصوات».

بين الذهاب إلى التصعيد والتركيز على معالجة التصدّع في صفوف الحراك، يبقى الأساس في الاستفادة من تجارب الدوَل التي ثارَ شعبها من أجل التغيير، لكنّه حافَظ على المؤسسات وطوَّرها لأنّها ملكٌ له.