ماذا يريد أن يقول الرئيس سعد الحريري لأهل طرابلس؟ هذا السؤال كان موضع تساؤل عند جميع الأوساط السياسية في لبنان خصوصاً أنه ذهب الى طرابلس بعد الانتخابات البلدية وبعد نتائجها التي لم تكن موفقة للرئيس نجيب ميقاتي ولا للوزير محمد الصفدي اللذين كانا يعتبران نفسيهما زعيمين لطرابلس وليسا مجرّد زعيمين عاديين، بل ظنا أنهما سوبر زعيمين.
على كل حال حساب الحقل لم يطابق حساب البيدر.
الرئيس سعد الحريري تحمّل هذه الخسارة، وحمّل نفسه نتائجها وأخذها بصدره انطلاقاً من قاعدة عنده أن يكون نسخة عن رفيق الحريري، وأكبر دليل على ذلك عندما روى الرئيس سعد الحريري قصة الشهيد الكبير الرئيس رفيق الحريري مع الزميل غسان شربل الذي سأله: ماذا تتوقع للمرحلة المقبلة؟ فأجابه سجّل بين مزدوجين (إصراراً من الرئيس الشهيد على كل كلمة): «إنها مرحلة تستلزم من الجميع الحكمة والصبر والتبصّر، مرحلة صعبة، أنت أمام طائرة مدنية مخطوفة لا تستطيع تحرير الركاب بالقوة فماذا تفعل؟ الجواب هو الأولوية لسلامة الركاب وإنقاذهم، فمجرّد الإنقاذ يشكل عقاباً للخاطفين» (انتهى اقتباس كلام الرئيس الشهيد).
أهم ما يريد الرئيس سعد الحريري أن يقوله إنه مع الإعتدال وأنّ البديل عن الاعتدال هو الحرب، وهو خراب لبنان، كما هو نهاية الإنجازات التي قام بها الرئيس رفيق الحريري والتي توقفت بعد اغتياله.
وبالمناسبة إنّ مَن يتطلع الى ما يجري في العالم العربي يعرف معنى الإعتدال ويعرف صعوبة هذا الموقف في ظل العواصف الطائفية البغيضة التي تجتاح العالم العربي من سوريا الى العراق الى ليبيا، الى اليمن.
الأهم أنّ الإسلام هو دين الإعتدال، دين القبول بالآخر، وعندما يتمسّك الانسان بالإعتدال لا يعتبر ضعفاً بل هنا القوة، والقوة هي في الإعتدال، هكذا يعلمنا ديننا الإسلامي الحنيف وهكذا يجب أن نكون.
لم ينسَ الرئيس سعد الحريري الحرمان الذي يعاني منه أهل طرابلس ونظن أنّ من أولوياته في المستقبل أو عند أول فرصة أنه سيعوّض على طرابلس عن معاناتها من الظلم والحرمان.