Site icon IMLebanon

فرصة الجمهورية الحديثة!

 

تشهد الساحة الداخلية خرقاً سياسياً هاماً أعاد خلط الأوراق وتوزيع التحالفات، وأفضل ما فيه أنه كسر قالبي 8 و14  آذار الحديديين من خلال فتح الملف الرئاسي عبر دعم الرئيس الحريري لترشيح النائب سليمان فرنجية للرئاسة الأولى، كخطوة أولى على طريق الحل الشامل للأزمة اللبنانية، تحت سقف الطائف، كما بادر الأمين العام لحزب الله ولاقاه رئيس كتلة المستقبل في هذا الطرح. أضف إلى ذلك، لم ينفك المجتمع الدولي يحث القيادات اللبنانية على ضرورة استخراج الحل للأزمة الخانقة، أولاً عبر انتخاب رئيس للجمهورية ومن ثم التوافق على قانون انتخابات يُعيد الحياة لمختلف مؤسسات الدولة ويضع عجلة الممارسة الديمقراطية على السكة الصحيحة. ونظراً لتفاقم الأزمة السورية إقليمياً، وانعكاساتها دولياً حيث يدخل كل يوم لاعب جديد إلى حلبة الصراع، اضافة إلى انشغال العالم اليوم في مواجهة الإرهاب الجديد المتمثل في داعش، يبقى التوافق اللبناني تحت المظلة الإقليمية هو السبيل الوحيد لمواكبة المرحلة المقبلة في المنطقة مع كل السيناريوهات المطروحة للأزمة السورية.

لا شك في أن ترشيح سليمان فرنجية يُشكّل صدمة لجمهور 14 آذار، تماماً كما هو حال طرح عودة الرئيس الحريري إلى رئاسة الحكومة بالنسبة لجمهور 8 آذار، ولكن لبنان محكوم بالتوافق كما أثبتت التجارب المريرة.

وفي ظل الانقسام العامودي بين اللبنانيين وفشل الأفرقاء المسيحيين في اختيار مرشّح وسطي يُبعد شبح الفراغ عن الرئاسة الأولى وعن سائر مؤسسات الدولة، بقيت تسمية سليمان فرنجية الخطوة الجدية الوحيدة التي خرقت جدار الأزمة، بالرغم من صدمتها لجمهور 8 آذار نفسه حيث ظهرت هشاشة التحالفات ضمن الفريق الواحد، إلا أن النتيجة كانت نفسها في حال ترشيح العماد عون أو أي مرشح غير توافقي آخر، حيث أن الإجماع كان ولا يزال من المستحيل نظراً لتعدّد الرؤى وسبل الحلول ما بين الحلفاء، فكيف إذا كانت بين الخصوم؟

إن أهمية هذه التسمية ليست في اسم المرشح، بغض النظر عمّا إذا كان مصدر توافق أو خلاف، إنما هي خطوة مهمة في مد جسور التواصل وإثبات القدرة المحلية على إنتاج الحلول داخلياً، شرط أن تقترن هذه القدرة بالنوايا الحقيقية بحماية دولة المؤسسات، بعيداً عن التعطيل والكيديات العقيمة، حتى لا تتكرر تجربة لحود – الحريري المشؤومة التي ضربت الديمقراطية وقوّضت المؤسسات الرسمية وأطاحت بفرص اقتصادية عديدة أهمها باريس 2 وما تلاها، في حين لو تم استثمارها كما يجب لكان لبنان على رأس قائمة الدول المنتجة في المنطقة، خاصة في ظل الظروف الإقليمية الصعبة، فهل تُغتنم هذه «اللحظة من التفاهم الإقليمي والمحلي» أم أنها فرصة أخرى ضائعة على البلاد والعباد؟