الحريري ملتزم بدفتر شروط الإنقاذ وفقاً للمبادرة الفرنسية
كشفت الحملة الشعواء التي شنها رئيس تكتل «لبنان القوي» النائب جبران باسيل على رئيس الحكومة المكلف سعد الحريري وفريقه السياسي، عمق المأزق الذي يواجه عملية تأليف الحكومة التي أضحت بعيدة المنال، بعدما رفع رئيس التيار «العوني» سقف شروطه، وأنه لن يسهل عملية التأليف إلا في حال تلبية مطالبه، وفي مقدمها حصوله على الثلث المعطل بعد رفع عدد الوزراء إلى عشرين، وتحويل الحكومة إلى سياسية أو تكنو سياسية، وهو الأمر الذي لم يكن خافياً على أحد، باعتبار أن باسيل ما كان مؤيداً لتكليف الحريري، وبالتالي فإن عرقلته للتأليف جاءت في سياق الجهود التي تبذل من جانب «الوطني الحر» وحلفائه لتكبير حجر عرقلة التشكيل، سعياً لدفع الحريري إلى الاعتذار في مرحلة لاحقة.
والأخطر في كلام النائب باسيل، دعوته إلى قيام مؤتمر تأسيسي بهدف العمل على تغيير النظام، وهو ما ترفضه الغالبية العظمى من اللبنانيين، وفي مقدمهم البطريركية المارونية التي أعربت في أكثر من مناسبة عن رفضها هذا التوجه، كما يقول البطريرك بشارة الراعي في الكثير من عظاته، لأنه يدرك أبعاد هذا المشروع الذي سيقود حتماً إلى المثالثة المرفوضة من قسم كبير من اللبنانيين. وبالتالي فإن كلام باسيل يحمل في طياته أبعاداً بالغة الخطورة على الاستقرار الداخلي، لأنه دعوة صريحة للانقلاب على اتفاق الطائف الذي أوقف الحرب الأهلية وفتح أبواب السلام والاستقرار على لبنان.
ويعتبر عضو كتلة «المستقبل» النيابية النائب الدكتور محمد الحجار، كما يقول لـ«اللواء»، أن «ما صدر عن باسيل يمكن وصفه بالكلام الفتنوي الطائفي والتحريضي، باعتبار أن هذا الرجل لا يفقه سوى لغة التحريض والتطييف من خلال رمي المسؤولية على غيره»، مُشيراً إلى أن «كلامه يؤكد أنه رئيس الظل كما قال عنه الرئيس الحريري، وهو أحد وطاويط الليل التي تتدخل لنسف كل ما يتم الاتفاق عليه بشأن الحكومة، ما يؤكد أن هذا الرجل يعمل على عرقلة تشكيل حكومة مهمة على أساس المبادرة الفرنسية، في مقابل أنه يريد حكومة سياسية تحاصصية على قياسيه».
ويؤكد الحجار، أن «رئيس التيار «العوني» لا يريد إفساح المجال أمام تأليف الحكومة في وقت قريب، ولذلك يعمل على اختلاق العقبات الواحدة تلوى الأخرى، من أجل عدم نجاح الرئيس المكلف في تشكيل حكومة اختصاصيين استناداً إلى ما تقوله المبادرة الفرنسية. وأكثر من ذلك فإن صهر العهد مستعد أن يدمر البلد حتى يكون له ما يريد»، محذراً من «لغة باسيل الفتنوية بتحريضه الدروز والكاثوليك على الرئيس المكلف باتهام الأخير بأنه يريد استبعاد هاتين الطائفتين، وهذا أمر بالغ الخطورة، ما يؤكد بوضوح أن رئيس «الوطني الحر» لا يؤتمن على شيء، وإنما يريد أن يأخذ الأمور إلى مكان آخر، من خلال الدعوة إلى مؤتمر تأسيسي في ظل هذه الظروف التي يمر بها لبنان» .
ولا يرى الحجار أن «المشكلة في الدستور، وإنما في محاولة البعض الانقلاب على اتفاق الطائف واستخدام الدولة مطية لتحقيق المكاسب الخاصة، على غرار تجربة وزراء التيار العوني في الحقائب التي تسلموها في السنوات الماضية، وعلى رأسها وزارة الطاقة التي يريدون الاحتفاظ بها في الحكومة الجديدة»، مطالباً «حزب الله»، «بترجمة ما يقوله عن سعيه لإزالة العقبات من أمام الولادة الحكومية، وإلا سيكون مشاركاً في هذا المخطط الجهنمي الذي ينفذه باسيل الذي لا يعدم وسيلة لعرقلة تأليف حكومة تعيد الثقة العربية والدولية بلبنان ومؤسساته»، ومشدداً على أن «هناك فرصة إنقاذ للبنان وفق دفتر شروط واضح، وبالتالي فإن أي تغيير في دفتر الشروط، فهذا يعني ضياع فرصة الإنقاذ. ولذلك فإن الرئيس الحريري مصر على أن يلتزم بدفتر شروط الإنقاذ من أجل الإصلاح وإعادة إعمار ما دمره انفجار المرفأ».