IMLebanon

محمد شطح في ذكراه الاولى: «داعش» صنيعة الغرب لمساندة الاسد في مواجهة «الحرية»

سعى لإنطلاقة العدالة الدولية في جريمة إغتيال رفيق الحريري فهل تتحقق العدالة في كشف قاتليه؟

محمد شطح في ذكراه الاولى: «داعش» صنيعة الغرب لمساندة الاسد في مواجهة «الحرية»

 تطل علينا الذكرى السنوية الأولى لإغتيال الوزير السابق محمد شطح، الذي اغتيل قبل 3 اسابيع من إنطلاقة محاكمات المحكمة الدولية الخاصّة بلبنان في لاهاي في 16 كانون الثاني 2014 والتي عمل الشهيد جاهداً من أجل تأسيسها، وبعد حملة تهويل من»فتنة كبيرة»إذا شكّل الرئيسان ميشال سليمان وتمام سلام حكومة لا يرضى عليها «حزب الله»، قتل الوزير السابق محمد شطح على مسافة أمتارمن فندق «الفينيسيا»وهو متوجه للمشاركة في اجتماع سياسي لقوى 14 آذار في بيت الوسط منضماًالى قافلة شهداء 14 آذارالذين لم يتوقف سقوطهم منذ شباط 2005 تاريخ استشهاد الرئيس رفيق الحريري ورفاقه، ولبنان على حاله من الإنقسام السياسي والطائفي والمذهبي.وما حذّر منه رجل الإعتدال من مخاطر الإسلام السياسي نلمسه اليوم بما نواجههة من «داعش»و الذي أيقن الشهيد أن ثمة مسرحاً أعدّ بعناية ليحظى بموجبه بشار الاسد بالأعداء المناسبين له يومها، فخلقت «داعش» لا لتكون نصيرة للحرية، بل كانت البداية لتحوّل الثورة تدريجياً من ثورة مقاتلين من أجل الحرية إلى حرب بين النظام السوري، أياً تكن صفته، والإرهاب، وهي معادلة كان شطح موقناً أن الإنحياز الغربي فيها سيكون إلى جانب الديكتاتورية ضد الإرهاب، مع ما يعنيه هذا الإنحياز من مخرج نجاة لنظام الاسد.

وكانت النكتة المرة التي رددها شطح الى يوم اغتياله اننا سننتهي مع حزب الله ونظام الاسد في خندق واحد في مواجهة الارهاب، وهو ما نعيشه راهناً بشكل أو بآخر.  وهو كان يرى أن «هناك عملية تحول ضخمة من شمال إفريقيا الى العالم العربي، وأن الطريق معقد لجهة الأنظمة في هذه البلدان حيث تقلبت من أنظمة غير ديمقراطية الى ديمقراطية غير منتظمة». وكان يرى أن «هناك عوامل أخرى تعقد عوامل التقدم في هذه البلدان وأحدها ما يسمى بـ»الإسلام السياسي»، الذي يخوض تجربة والمجتمعات العربية التي تعيش تجربة الدين مع الدولة.

عام مضى والبحث عن الجناة مستمر، ولكن ما قد يريح الشهيد في قبره أن المحكمة الدولية الخاصة بلبنان إنطلقت بعملها وجلساتها ورهانه على دورها في تحقيق العدالة سيكون رابحاً وخصوصاً مع بدء الإستماع إلى شهادات السياسيين، على أمل أن تخلص المحكمة إلى الكشف عن الجناة الذين اغتالوا الإعتدال السياسي في لبنان.

عرف شطح بين معارفه وأصدقائه وحتى خصومه بأنه رمز من رموز الفكروالعلم والإعتدال والانفتاح على كل الافرقاء في لبنان، عمل من أجل مجتمع منفتح تعددي، آمن بالكلمة والمنطق وسيلة للإقناع، رافضاً للعنف والتكفير والتخوين، تميّز بإعتداله، وكان يسعى الى تطوير فكرة النأي بالنفس للنهوض بلبنان اجتماعيا واقتصاديا وسياسيا. وفي آخر تغريدة له على موقع التواصل الاجتماعي (فيسبوك) اعتبرها مراقبون بمثابة وصية له قبل اغتياله بساعات كتب شطح منتقداً طموحات حزب الله في إعادة لبنان لعهد الوصاية السورية التي امتدت 15 عاماً، كما  أكد على استقلالية الدولة اللبنانية.  وقال في التغريدة:»حزب الله يهوّل ويضغط ليصل إلى ما كان النظام السوري قد فرضه لمدة 15 عاماً.. تخلي الدولة له عن دورها وقرارها السيادي في الامن والسياسة الخارجية».

وفي تعليق له على الإغتيال قال نائب الرئيس لشؤون الدراسات في مؤسسة كارنيغي- واشنطن مروان المعشرأن»محمد شطح دفع حياته ثمناً للفكرالمستنيرالذي آمن من خلاله بمجتمع عربي أفضل، معتبراً أنه إذا لم تنظّم قوى الإعتدال نفسها، سيدفع الكثيرون من أصحاب العلم والثقافة والحكمة، أمثال محمد شطح، حياتهم، قبل أن نعمل بجد من أجل مستقبل مختلف، مستقبل العالم العربي لا يجوز أن يبقى مرهوناً بمن يستخدم السلاح، لا الكلمة، وبمن يمارس الاقصائية لا التشاركية».

لم يخفِ شطح آراءه السياسية، وعلى حسابه على تويتر كان يعبّر عن موقفه المعارض لـ»حزب الله»ونظام الأسد، وهو ما برز في آخر تغريدة له على تويتر منتقداً»حزب الله» على مشاركته في الحرب في سورية وكان دائماً يقول»في لبنان واقع إستثنائي يتمثل بأن الفرقاء السياسيين ليسوا متساوين، ثمة فريق سياسي أساسي مدجج بالسلاح وليس متسلحا بالموقع فحسب، ما يخلق خللا في البلد ينعكس تبدلاً في التوازنات…».

ومن أقواله»يوجد في لبنان وضع شاذ ازداد شذوذاً، يتمثل بوجود منظومة عسكرية مستقلة عن الدولة اللبنانية، لديها صبغة طائفية مرتبطة بحلف استراتيجي معلن مع الخارج والمنطقة، وهووضع شاذ ازداد لمّا دخل الحزب كميليشيا إقليمية في سورية، وليس سهلاً قبول هذا الوضع الشاذ في بلد متعدد الطوائف مثل لبنان، ومن الواضح أنّه لا يسير بأكمله بركب «الوليّ الفقيه»، تتطلب حمايته أن تخضع المؤسسات الى طرف معيّن أو أن تكون مسيّرة بما يكفي، أو مهمّشة أو مفرّغة، وهم يحاولون إما تهميش المؤسسات أو السيطرة عليها أو تفريغها بالكامل إن كانت مؤسسات سياسيّة أو أمنيّة، إن كانت على مستوى رئاسة الجمهورية أوعلى مستوى الحكومة، أوعلى مستوى القيادة العسكرية أو بعض القيادات الأمنية الأخرى». واستشهد شطح وهو يردد:»لا يمكن تشكيل حكومة من حزبيين وأحدهم يحارب في سورية».

كان يؤكد دائما على ضرورة تحييد الساحة اللبنانية عن الأحداث الخارجية، السورية والإيرانية، حتى لا تصبح مسرحاً لنزاعات كبيرة، وكان يصرّ على أنّ عدم تحييدها يترجم بإشكالات أمنية على الحدود اللبنانية السورية وفي الداخل اللبناني، ما ينذر بتفجير لبنان.

كما لم يخف شطح عداءه تجاه نظام الأسد، الذي رآه نظاماً دكتاتورياً قاسٍ، بقي حياً فقط بسبب الدعم الإيراني له في وجه ثورة الشعب عليه»إنّ نظام الأسد غير قادر على التأقلم مع أي ترتيب قائم على تقاسم السلطة»كتب في آخر ما نشره على مدونته، «النظام هش وسريع العطب، يمكنه أن ينكسر ولكن لا يمكنه أن ينحني، الأسد يعلم ذلك وكذلك إيران».

كذلك كان من أول المنتقدين لـ»أيديولوجيات إيران المتشددة» قائلاً إنّ «طموحات الهيمنة والراديكالية الإسلامية والإرهاب الإيراني هما التهديدات الاستراتيجية التي يتعين التغلب عليها، ثم السياسة تجاه سوريا يجب أن تهدف إلى تحقيق نهاية سريعة لكل من الحرب وحكم الرئيس بشار الأسد».

غير أنّ آراء شطح المعادية لحزب الله وللأسد ليست ما ميّزه عن الآخرين في الساحة السياسية، بل إنّ ما ميّزه كان إحساسه الشديد بالتاريخ وفضوله حول المصيرالذي تتوجه إليه المنطقة وطائفته.

فشطح عايش فترة سادها الكثير من التأزّم والإغتيالات التي أدّت الى إستشهاد عدد كبير من المسؤولين والسياسيين، وقد كرر شطح في أكثر من مناسبة أنّه «لو قُدِّر للبنان أن يصرخ، لاعترف دون تفكير بأن جراحه نازفة ومفتوحة منذ 14 شباط 2005»، مؤكدا أنّ كل ذلك «يبقى أمثولة راسخة في ذهن كل لبناني دفاعاً عن الحرية الذي لا يمكن تسديده إلاّ بالدم والقتل والتفجير والتنكيل ولغة الاغتيال».

من هو محمد شطح «رمز الإعتدال» شغل محمد شطح على مدى حياته مناصب رفيعة في صندوق النقد الدولي، وعيّن سفيرًا للبنان لدى الولايات المتحدة بين 1997 – 2000 وانتهت مهمته مع إستقالة حكومة الرئيس الراحل رفيق الحريري، وفي العام 2001 عاد محمد شطح للعمل لدى صندوق النقد الدولي حتى العام 2005 حيث ترك المهمة تزامنًا مع اغتيال الرئيس رفيق الحريري، وهويعتبرواحدًا من الخبراء الاقتصاديين المرموقين في المنطقة العربية والعالم.

وبعد عودته الى لبنان، أسهم من خلال خبراته وانتماءاته السياسية في تأسيس تيار المستقبل وصار أحد أهم المستشارين لزعيم التيار سعد الحريري، كما أنه من أهم الشخصيات في قوى 14 آذار التي تأسست بعد اغتيال الرئيس الراحل رفيق الحريري. إنضم شطح للفريق الوزاري لحكومة فؤاد السنيورة، وبرز نجمه في وسائل الإعلام الغربية كمتحدث ومحاورواسع الأفق للتعبير ليس فقط عن تيار المستقبل الذي ينتمي اليه، بل عن مجمل القضية اللبنانية على صعيد إقليمي ودولي.

كان الراحل وزيراً للمال في الحكومة الرقم 70 في تاريخ الدولة اللبنانية العام 2008، ثم عمل مستشارًا لرئيس الحكومة السابق سعد الحريري في آب 2009 وحتى كانون الثاني 2011، وعرف برجل العلاقات الدولية لتيار المستقبل.

ولد محمد شطح في مدينة طرابلس الواقعة شمال لبنان عام 1951، وهو متزوج وله ولدان.

– أنهى دراسته الابتدائية والثانوية في المدرسة الانجيلية في طرابلس و»الانترناشونال كولدج» في بيروت.

– حاصل على بكالوريوس في الاقتصاد من الجامعة الأمريكية في بيروت عام 1974، وأكمل دراسة الدكتوراه في الاقتصاد من جامعة تكساس بالولايات المتحدة عام 1983، حيث درس أيضاً فيها مادة الاقتصاد لعدة أعوام.

- عمل شطح منذ عام 1983 لغاية عام 2005 في صندوق النقد الدولي في الولايات المتحدة، وتبوأ مناصب مختلفة، منها مستشار لمجلس إدارة الصندوق عن منطقة الشرق الأوسط، ونائب المدير التنفيذي.

– من عام 1993 حتى عام 1997، شغل منصب نائب حاكم مصرف لبنان.

– شغل منصب سفير لبنان لدى الولايات المتحدة، منذ عام 1997 حتى عام 1999.

– استلم منصب مستشار لرئيس الحكومة اللبنانية فؤادالسنيورة عام 2005 حتى عام 2008.

– وخلال عام 2008  تولى شطح منصب وزير المال في حكومة فؤاد السنيورة، التي أنهت مهماتها 2009.

  وجاء مقتل شطح قبل 20 يوماً من بدء المحكمة الدولية إجراءات البحث في قضية اتهام خمسة عناصر لحزب الله بضلوعهم في مقتل رفيق الحريري،  الذي قتل بتفجير سيارة مفخخة أيضاً عام 2005.

واليوم وفي الذكرى الأولى على إغتيال شطح لا يبدو المشهد السياسي اللبناني مختلفاً عن ما كان عليه في حياة الشهيد، والإعتدال في مواجهة الإرهاب لازال قائماً، والخلافات السياسية الداخلية لازالت في أوجّها والعلاقة بين تيار»المستقبل»و»حزب الله» يحدّد مسارها الجديد الحوار القائم بين الطرفين، والذي يعتقد الشهيد أن التوافق بينهما إذا حصل سيكون هشّاً طالما أن»حزب الله»باق في سوريا، وسوريا تلعب بلبنان من خلال»داعش»صنيعتها