اكتئاب «مستقبلي» أم «نكد سياسي».. وماذا عن «الانتفاضة»؟
«موقف لحظة» على طريق بعبدا: نمهل ولا نهمل!
يقطع «المستقبليون» أنفاسهم وينتظرون كلمة الحسم. هل يفعلها سعد الحريري مجدّدا؟ هل تكون الثالثة ثابتة، فيقطعون الأمل من زعيم يغيّر مساراته السياسية برشاقة أكبر مما يفعل وليد جنبلاط؟
في المرة الاولى، قدّم الاعتذار من سوريا ورئيسها في ايلول 2010 بعد أربع زيارات الى دمشق بدت غير كافية لطيّ صفحة الصراع بعد اغتيال الرئيس رفيق الحريري، والنتيجة «أنه وحلفاؤه ارتكبوا خطأ باتهام سوريا بالاغتيال، والاتهام السياسي انتهى».
في المرّة الثانية، حين شَرعن حكومة ربط النزاع مع «حزب الله» في العام 2014 بعد ثلاث سنوات على صدور القرار الظني في قضية اغتيال الحريري.
ولم يمانع وقتذاك من إعلان قراره بالسير بحكومة ائتلافية مع «حزب الله» من أمام المحكمة الدولية في لاهاي على قاعدة أن المتهم بريء «حتى تثبت ادانته. ونحن نعرف افتراضيا أنهم قاموا بهذه الجرائم».
المرّة الثالثة تتمثل في تبنّي ترشيح ميشال عون. المفارقة أن لا تنسحب هذه الاحباطات على سليمان فرنجية صديق النظام السوري و «عيون» السيد حسن نصرالله.
الأهمّ أنه في المحطات الثلاث لم يُحضّر الحريري شارعه وجمهوره لتحوّلاته.
يبدو ذلك، أحد اكبر المآزق التي تواجه الحريري في «مغامرته» العونية، إضافة الى خروج بعض أهل بيته عن سيطرته، لتكتمل المصيبة ليس فقط بانتقال رئيس «المستقبل» من ترشيح فرنجية الى ترشيح عون بل بالضغط على الرئيس نبيه بري لاقناعه بخيار «الجنرال».
لكن العونيين الذين لا يسألون أصلاً عن مدى تمسّك السعودية بواقع ان الحريري لا يزال رجلها الاول في لبنان، فهمّ بالطبع لا يعنيهم «الاكتئاب» الذي يجتاح قيادات «المستقبل» تجاه احتمال انتخاب زعيمهم. هو «نكد سياسي» وليس اكتئابا، فيما تأجيل جلسة الانتخاب الى 31 تشرين الاول لا يدخل في إطار الاستفزاز، برأيهم، طالما ان بري أكد أنه سيدعو الى جلسة فوراً في حال تكريس التفاهم الرئاسي.
المعادلة بسيطة ويتوقّع العونيون ان يبلعها «الزرق»: عون الأقوى في طائفته، والحريري لا يزال الأقوى في طائفته ولو أنه «ضعف ماليا».
أما بالنسبة لبري، لن تركب «السيبة الثلاثية» في غياب «دولته». وإذا كان هناك من ترتيبات يطلبها «فليتكلم مع سعد فيها، او يحيله الأخير على حزب الله» يردد العونيون. ثم ماذا لدى ميشال عون أصلا لكي يعطيه الآن خصوصا ان لا أحد «تكلّم معه بأي سلّة او ترتيبات حتى الآن». كل ذلك مع اقتناع الرابية «بأن بري يرفع سقفه فقط لقبض ثمن مسبق.. وهو لا يضع فيتو على عون».
ثمة همس برتقالي مفاده الآتي: وقوف عين التينة الصريح بوجه انتخاب عون، يعني وقوف الرابية سدّا منيعا أمام انتخاب بري في ولايته السادسة!
وفيما تقرّ أوساط عونية «بإيجابيات غير مسبوقة»، لا تعتقد ان هناك من يريد ان يتحمّل مسؤولية إفشال التسوية الداخلية، «لا نبيه بري ولا غيره. فؤاد السنيورة أصلا ليس هو صاحب القرار، و «جزر» المستقبل لا تعنينا بوجود الحريري الذي نعتبره عملة نادرة ومطلوبة»!
أما فرنجية، وفق الأوساط نفسها، فقد أعلن مسبقا أنه سيمشي حين يمشي الاخرون. أما «الصاروخ» الذي أطلقه، أمس، عبر «تويتر» معطوفا على طلّة اسطفان الدويهي من مجلس النواب «فينمّ عن كلام يأس وليس كلام بنّاء».
وفي موازاة التفاوض المفتوح، كان لافتا للانتباه إدخال تعديل الى روزنامة التحرّكات المفترضة التي سيرفع من خلالها «التيار الوطني الحر» منسوب التصعيد.
فجلسة الانتخاب الرقم 45 لم تشهد، كما أعلن سابقا من منبر الرابية، بداية التجييش على الأرض على أن تكون عين الرصد العوني على جلسة مجلس الوزراء، بوصفها، اذا انعقدت الإشارة المفترضة لتحرّك برتقالي وصفته مصادر الرابية بـ «الرمزي»، استعدادا لـ «الانتفاضة». المصادر نفسها أكّدت ان بيان «تكتل التغيير» الأخير عبارة عن «موقف لحظة» على الطريق السريع المؤدي الى 15 تشرين الأول الذي سيتغيّر عنوانه ومضمونه وفقا للتطورات».
تتصرّف الرابية على أساس ان «الجوّ الذي عاد به وائل ابو فاعور من السعودية هو «لا أخضر ولا أحمر، وهذا ما يعزّز مناخ الايجابيات لكن مع حذر»، حيث ترى مصادرها «ان الشغل الجدّي للحريري يبدأ حين يتكلّم مع بري وجنبلاط وليس مع فرنجية و «الكتائب» و «القوات».